سماحة القاضي اياد زحالقة:
المجتمع يمر بشكل سريع من المجتمع التقليدي الى المعاصر والمنفتح، وهذا الإنفتاح لم يكن له ضوابط تزودنا بكيفية متابعتها ومعالجتها، والانتقال السريع من المجتمع التقليدي الى المنفتح المعاصر كان له أثر على شخصية ونفسية الفرد في المجتمع
الأسباب التي أدت الى الطلاق هذا العام: "هناك المشاكل الاقتصادية التي تنبع من أن المجتمع هو استهلاكي، أي أنه يستهلك أكثر مما مدخوله
لا يتم معالجة المشاكل بالشكل الصحيح، لذلك يفتقد المجتمع الى الحاضنة الاجتماعية التي تساعد على حل المشاكل الاجتماعية بالشكل الصحيح
نلاحظ انه يحدث في العلاقات تدخلات خارجية ومنها من الاهل والاصدقاء والاقرباء، وعادة ما تكون هذه التدخلات سلبية والتي تعمق الشق والخلاف بين الأزواج
أدعو الآباء والأهل والمسؤولين والمربين، أن نربي ونغير في مفاهيمنا عن العائلة وإلتزام العائلة لبناء الأسر على الأسس السليمة
أثبتت المعطيات الاخيرة للعام الجاري أن نسبة الطلاق ارتفعت بشكل ملحوظ خلال هذا العام، وتعددت الأسباب والنتيجة واحدة- الطلاق. أمور عديدة وأسباب كثيرة التي أدت الى الطلاق، واختلفت نسب الطلاق في المناطق وكانت أعلى النسب في المناطق الساحلية والتي زادت بها نسبة الطلاق عن الـ40%، وباقي المناطق كانت بها نسبة الطلاق أقل.
سماحة القاضي اياد زحالقة
وبهذا الخصوص، أجرى مراسلنا هذا الحوار مع القاضي في محكمة الاستئناف الشرعية، إذ قال سماحة القاضي اياد زحالقة: "صحيح في المجتمع العربي، تسود حالة من التفكك الأسري، والمجتمع يمر بأزمة خطيرة، مما يشكل خطرًا على المجتمع وأبنائه، وذلك يعود لعدة مشاكل ومنها المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وإنهيار هذه المنظومات وأخلاقياتها، القيمة التي تربينا وكبرنا عليها، والتي يدعو إليها ديننا الحنيف، وهذه الاشكالات أدت الى ظواهر اجتماعية خطيرة ومنها ظاهرة العنف التي نعاني منها، بالإضافة الى ظاهرة إزدياد نسبة الطلاق في العائلات بالمجتمع".
نسب الطلاق داخل الدولة
وتطرق زحالقة: "نجد في المناطق الساحلية أن نسبة الطلاق تزيد عن 40% وذلك مقابل عقود الزواج، وفي مناطق الجليل والمثلث تتراوح نسبة الطلاق بين 20-25% مقابل جميع عقود الزواج، وفي القدس والنقب النسبة تزيد إذ أنها تصل 30% وما فوق، وتدل هذه المعطيات على إزدياد وتفاقم المشاكل العائلية، وضعف بنية العائلة التي هي أساس المجتمع".
أهم الأسباب التي أدت للطلاق
وعن الأسباب قال أن: "المجتمع يمر بشكل سريع من المجتمع التقليدي الى المعاصر والمنفتح، وهذا الإنفتاح لم يكن له ضوابط تزودنا بكيفية متابعتها ومعالجتها، والانتقال السريع من المجتمع التقليدي الى المنفتح المعاصر كان له أثر على شخصية ونفسية الفرد في المجتمع، وأصبحت هناك ظواهر جديدة مثل الفردانية والتي تعني أن كل فرد يسعى الى تحقيق ذاته، حتى على حساب العائلة، بينما كان في السابق التضامن الاجتماعي وتضحية أفراد العائلة من أجل نجاح العائلة وتماسكها هو الميزة الأساسية في مجتمعنا العربي، دخول القيم الجديدة والابتعاد عن قيم المجتمع الأساسية هي التي زادت من حدة الأزمة، لذلك نحن بحاجة إلى مراجعة أنفسنا وقيمنا ونظرتنا للعائلة التي تحتاج منا الى المزيد من الاستثمار والجهود والسعي لبناء عائلة قوية متماسكة تحفظ الابناء والمجتمع".
وفي شأن متصل، أوضح الأسباب التي أدت الى الطلاق هذا العام: "هناك المشاكل الاقتصادية التي سببها هو المجتمع، فهو مجتمع استهلاكي، أي أنه يستهلك أكثر من مدخوله، والاستهلاك الزائد عن المدخول يؤدي الى أزمة اقتصادية، والتي تؤدي الى خلافات وتشقق أفراد العائلة، والتي تؤدي بالتالي الى حالات الطلاق التي نراها".
وأضاف زحالقة انه: "لا يتم معالجة المشاكل بالشكل الصحيح، لذلك يفتقد المجتمع الى الحاضنة الاجتماعية التي تساعد على حل المشاكل الاجتماعية بالشكل الصحيح، والتي تساعد في حل المشاكل بالصلح بين الأزواج، وفقدان الحاضنات الاجتماعية يجعل الزوجين منفصلين ووحيدين في مشاكلهما، الأمر الذي يؤدي الى إزدياد في نسب حالات الطلاق".
التدخلات الخارجية
وفي سياق ذي صلة، تطرق زحالقة الى التدخلات الخارجية، قائلا: "نلاحظ انه يحدث تدخلات خارجية في العالاقة بين الزوجين، ومنها من الأهل والأصدقاء والأقرباء، وعادة ما تنعكس هذه التدخلات بشكل سلبي على علاقة الزوجية، والتي تعمق الشق والخلاف بينهما".
الخيانة الزوجية
وعن الخيانة الزوجية، قال القاضي زحالقة: "يوجد حالات خيانة زوجية كثيرة والتي تنبع من عدم رضى الأزواج فيما بينهم، وإذا كان عدم رضى والذي يؤدي الى الحل وهو الطلاق فليكن الطلاق بشكل سليم ودون اللجوء الى الخيانة والغش والخداع في الحياة الزوجية، وهذا أيضا له أثر في تفكك العائلة، كل الأسباب مجتمعة تؤدي الى تفاقم هذه الظاهرة في المجتمع".
وقال القاضي زحالقة: "أدعو اولا الى بناء العائلة على الأسس السليمة والتي تقوم على التفاهم والإنسجام، والرضا وقبول الزوج بالزوجة والعكس صحيح، وأن نؤهل ابنائنا لزواج صحيح، بمعنى إدخال معنى الزوجية وواجبات الزوج والزوجة بمفاهيمهم، وأن الزواج ليس احتفال وشهر عسل فقط، إنما هو مشروع حياة يجب أن يتم بنائه على أسس سليمة، ويجب بناء الأبناء وليس البناء لهم، والاستثمار بهم وليس في الأمور المادية التي يحتاجونها بحياتهم فقط".
وشدد القاضي: "أدعو الآباء والأهل والمسؤولين والمربين، أن نربي ونغير في مفاهيمنا عن العائلة وإلتزام العائلة لبناء الأسر على الأسس السليمة، وهذا هو الضمان الوحيد على أن يكون هذا المجتمع قوي في بنيانه وفي عائلته وقادر على مواجهة الصعوبات التي نعيشها بالحاضر الذي نشهده".