بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية متهم بثلاث قضايا فساد قد توصله للمبيت وراء القضبان الحديدية لفترة زمنية، عقاباً على ما فعلت يداه. القضايا هي: تلقي رشاوى، الاستفادة من المنصب بطريقة غير مشروعة، وخيانة الأمانة. هذه القضايا أثبتها المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي مندلبليت صديق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي يعنبر أول مدعٍ عام إسرائيلي يوجه لائحة اتهام لرئيس وزراء وهو في السلطة.
وموازاة لهذه القضايا الثلاث، هناك أيضاً ثلاث شخصيات قيادية تعمل على إبعاد نتنياهو من رئاسة حزب الليكود، وبالتالي إبعاده كلياً عن السياسة. الشخصية الأولى تحمل اسم : جدعون ساعر، أحد كبار قادة حزب الليكود الذي يعتبره نتنياعو الخصم رقم واحد داخل "الليكود"، والشخصية الثانية يولي إدلشتاين رئيس الكنيست، أما الشخصية الثالثة فهو عضو الكنيست جلعاد أردان الذي كان وزيراً للأمن
القناة 13 الإسرائيلية أشارت في إحدى نشراتها الإخبارية إلى أن الصراع يحتدم بين نتنياهو وساعر على قيادة الحزب في الانتخابات التمهيدية لرئاسة حزب الليكود والتي ستبدأ يوم الخميس المقبل . وحتى ذلك اليوم ستكون هناك منافسة شديدة بل وسياق لا مثيل له على كرسي رئاسة "الليكود" . ويتساءل ناخبون إسرائيليون عن عدم تقديم نتنياهو للمحاكمة خصوصاً وأن المستشار القضائي أفيخاي مندلبلات قدم لائحة الإتهام ضده. على هذا السؤال يرد محللون سياسيون بالقول، ان الذي يحول دون اعتقال نتنياهو هو منصبه الحالي كرئيس للحكومة الإسرائيلية، كما أن عدم التوصل إلى تشكيل حكومة بعد انتخابات الكنيست الماضية أدى إلى تعقيد الوضع في الذهاب إلى انتخابات ثالثة في الثاني من آذار المقبل، الأمر الذي ساعد نتنياهو في البقاء مؤقتاً ولفترة قصيرة على كرسي رئاسة الحكومة.
لكن، مهما تم تأجيل اعتقال نتنياهو، فإنه في النتيجة يقف أمام مفترق طرق إذا بقي مرشحاً عن حزب الليكود في الانتخابات البرلمانية المفبلة: إما رئيساً للحكومة وإما زعيماً للمعارضة. وهذا الأمران هما فقط اللذين يبعدان السجن عن نتنياهو، لكنهما مرتبطان بمواصلة رئاسته لحزب الليكود. لذلك فإن نتنياهو سيبذل كل ما لديه من قوة لمنع قدوم شخص آخر ليقود حزب الليكود، لأن ذلك بالنسبة لنتنياهو قضية حياة أو موت، ولن يستسلم بسهولة.
منذ انتخابات الكنيست التي جرت في أيلول/ سبتمبر الماضي, وفشل نتنياهو في تشكيل الحكومة، بدأ التململ يظهر قي صفوف قيادات حزب الليكود، لدرجة المطالبة برئيس جديد للحزب. وقد تعززت هذه المطالبة بصورة قوية بعد فشل نتنياهو أيضاً في تشكيل الحكومة للمرة الثانية في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، الأمر الذي أظهر ضعف نتنياهو وعدم قدرته في مواصلة قيادة حزب الليكود.
الأمر الذي يدعو إلى الاستعراب وجود خلاف كبير بين كبار قادة الحزب وعمل كل واحد ضد الآخر. والثلاثي (نتنياهو،ساعر وأردان) خير مثال على ذلك.
فالوزير أردان الذي أصبح "جوكر" الحراك الإنتخابي بالنسبة للمتنافسين نتنياهو وساعر، تراوده نفسه الترشيح لرئاسة الليكود بمعنى أن عينه أيضاً على كرسي رئاسة الحزب. ولذلك فإن نتنياهو وكما تقول الصحافة الإسرائيلية يريد استمالة أردان إلى جانبه، خصوصاً وأن أردان شاهد رئيسي في الملف رقم 4000 المتهم فيه نتنياهو بتلقي الرشوة. جدعون ساعر لم يقف مكتوف الأيدي إزاء هذا الإجتماع. فقد سارع هو أيضاً للإجتماع مع جلعاد أردان، وفي الوقت نفسه طالب نتنياهو بالتخلي طوعاً عن رئاسة الحزب ومواجهة التهم الموجهة إليه.
الوزير السابق أردان لم يصدر عنه أي تعليق حول ذلك خصوصاً فيما يتعلق بالملف رقم 4000 ولم يصدر عنه أي بيان حول لقائه مع ساعر. وكل ما قيل لغاية الآن هو وصف الإجتماع مع نتنياهو بأنه كان متوتراً. إن صمت أردان وعدم إعلان أي موقف تجاه نتنياهو وساعر له تفسير واحد فقط: نية أردان ترشيح نفسه لرئاسة حزب الليكود، تماماً كما فعل رئيس الكنيست يولي إيدلشتاين.
على كل حال، فإن المشهد السياسي داخل حزب الليكود سيبقى متوتراً حتى يوم السادس والعشرين من هذا الشهر موعد الإنتخابات على رئاسة حزب الليكود. ويرى محللون سياسيون أن نتنياهو حنى لو تمكن من البقاء رئيساً لحزب الليكود فإنه لن يتمكن من البقاء في رئاسة الحكومة بسبب لائحة الاتهام ضده. ولذلك فهو الآن بين مطرقة الفساد وسندان منافسيه في حزب الليكود.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com