خلال عام 2019 قتلت قوّات الأمن 133 فلسطينيًّا بينهم 28 قاصرًا - 128 في قطاع غزّة و-26 في الضفة الغربية (بما فيها شرقيّ القدس) وثلاثة داخل إسرائيل.
هذا ما يتضح من تقرير "بتسيلم"، الذي يشير إلى أنّ معظم هؤلاء الضحايا قُتلوا كنتيجة مباشرة لسياسة إطلاق النّار المنفلتة التي تطبّقها إسرائيل بمصادقة من كبار المسؤولين السياسيّين والعسكريّين وبدعم من جهاز القضاء. إنّ تصريح المدّعية العامّة لمحكمة الجنايات الدوليّة بأنّ هناك معطيات تستدعي فتح تحقيق ضدّ إسرائيل بشبهة ارتكاب جرائم حرب يتقصّى بعض جوانب هذه السياسة يصبح واجبًا يقتضيه الأمر الواقع. ذلك على خلفيّة رفض إسرائيل تغيير سياساتها الفتّاكة والمخالفة للقانون.
في قطاع غزّة قتلت قوّات الأمن 104 فلسطينيّين بينهم 7 نساء و-22 قاصرًا:
من بين القتلى هناك 56 - أي أكثر من نصف القتلى - لم يشاركوا في القتال و-46 قد شاركوا في القتال واثنان لا تملك بتسيلم معلومات إن كانوا قد شاركوا أم لا. وهناك فلسطينيّان من قطاع غزّة أحدهما فتًى في الـ15 اجتازا الشريط الحدوديّ وقُتلا قرب الشريط داخل حدود إسرائيل.
شنّت إسرائيل خلال عام 2019 هجمات كثيرة على قطاع غزّة. في جولتي القتال اللّتين وقعتا في أيّار وفي تشرين الثاني قتلت إسرائيل 60 فلسطينيًّا. من بين القتلى هناك 27 - أي نصفهم تقريبًا - لم يشاركوا في القتال وبضمنهم ستّ نساء وعشرة قاصرين. وفي قصف واحد وقع في 14.11.19 قتلت تسعة من عائلة السّواركة.
خلال عام 2019 تواصلت كلّ أسبوع تقريبًا مظاهرات مسيرات العودة قرب الشريط الحدوديّ وقد قتلت إسرائيل 31 فلسطينيًا. من بين هؤلاء الضحايا 11 قاصرًا ستّة منهم لم يتجاوزوا الـ16 من عمرهم. منذ أن انطلقت مسيرات العودة في آذار 2018 تطبّق قوّات الأمن ضدّ المشاركين فيها سياسة إطلاق نار مخالفة للقانون ومنافية للأخلاق حيث يطلقون الرّصاص الحيّ على متظاهرين عزّل ويتواجدون أصلًا وراء الحدود. نتيجة لهذه السياسة قُتل 26 متظاهرًا بينهم امرأة و8 قاصرين. كذلك قُتل أربعة متظاهرين آخرين جرّاء قنابل غاز مسيل للدّموع أصابت رؤوسهم مباشرة، إضافة إلى متظاهر خامس قُتل بعد إصابته في رأسه مباشرة بقنبلة صوت أطلقت بواسطة بندقيّة.
في الضفة الغربيّة (وبضمنها شرقيّ القدس) قتلت قوّات الأمن 26 فلسطينيًّا بينهم 5 قاصرين:
قُتل ثلاثة فلسطينيّين خلال أحداث رشق حجارة أو بعد انتهائها بوقت قصير من بينهم ساجد مزهر - وهو مسعف متطوّع لم يتجاوز الـ17 من عمره قتله عناصر الأمن حين همّ متقدّمًا لإسعاف جريح في مخيّم الدّهيشة للّاجئين. ومن بينهم أيضًا محمد عبيد (21 عامًا) من العيساويّة الذي ارداه عناصر الشرطة قتيلًا حين ألقى نحوهم ألعابًا نارية. قُتل الأربعة في حين لم يشكّل أيّ منهم خطرًا على أيّ من عناصر قوّات الأمن أو غيرهم.
من مجمل القتلى الـ26 هناك 6 قُتلوا خلال أحداث تخلّلها إلقاء زجاجات حارقة أو عبوات (أو زُعم أنهم شاركوا في أحداث كهذه) أو فور انتهائها. لقد حقّقت بتسيلم في ثلاثة من هذه الأحداث وبيّن التحقيق أنّ القتلى فيها لم يشكّلوا خطرًا على حياة أيّ إنسان حين أرداهم العناصر بنيرانهم.
أحد القتلى الشابّ عمر البدوي (22 عامًا) من مخيّم العروب للّاجئين أرداه جنديّ برصاصه حين تقدّم لإخماد نيران اشتعلت قرب منزله جرّاء إلقاء زجاجة حارقة وهو لم يشارك أصلًا في المواجهات التي جرت في المخيّم. توفّي عمر بعد وقت قصير متأثرًا بجراحه.
هناك 12 فلسطينيًّا قُتلوا عند تنفيذ أو الشروع في تنفيذ عمليّات دهس أو طعن ضدّ عناصر قوّات الأمن أو مدنيّين إسرائيليّين - أو زُعم أنّهم فعلوا ذلك. تؤكد بتسيلم أنّ على الأقلّ خمسة من هؤلاء قُتلوا في حين لم يتهدّد عناصر الأمن أو غيرهم خطر داهم ومحقّق أي أنّه كان يمكن إيقافهم بطريقة أخرى. التحقيق في ملابسات مقتل اثنين من هؤلاء وهما أمير دار دراج ويوسف عنقاوي – أثار شكوكًا بأنّ النيران الفتّاكة أطلقت عليهما بعد مرور وقت طويل على الدّهس الذي اشتُبه بأنّهما نفّذاه.
قتل مواطنون إسرائيليّون فلسطينيّين اثنين أثناء رشقهم حجارة نحو مواطنين إسرائيليّين أو مشاركتهم في مواجهات. الأوّل حمدي نعسان (38 عامًا) وكان متزوجًا وأب لاثنين الذي أطلق مستوطنون النيران عليه وأصابوه في ظهره خلال هجومهم على قريته. يُذكر أنّ عناصر قوّات الأمن الذي تواجدوا في مكان قريب لم يحرّكوا ساكنًا لحماية سكّان القرية الذين اضطرّوا لصدّ اعتداء المستوطنين عليهم.
في المقابل شهد عام 2019 مقتل 7 مدنيّين إسرائيليّين على أيدي فلسطينيّين. ثلاثة من هذه الأحداث جرت في الضفة الغربيّة من بينها مقتل فتاة كانت تبلغ من العمر 17 عامًا. أمّا المواطنون الأربعة الآخرون قُتلوا جرّاء إطلاق قذائف على إسرائيل. إضافة إلى ذلك قتل فلسطينيّون جنديّين اثنين في الضفة الغربيّة.
قُتل ثلاثة فلسطينيّين بينهم امرأة وابنة سلفها الطفلة في قطاع غزّة من قذائف أطلقها فلسطينيّون نحو إسرائيل وسقطت داخل قطاع غزّة.
أظهرت تحقيقات بتسيلم في ملابسات مقتل فلسطينيّين خلال عام 2019 أنّ معظمهم قُتل كنتيجة مباشرة لسياسة إطلاق النار المنفلتة التي تطبّقها إسرائيل في المناطق المحتلة. تطبيق هذه السياسة في قطاع غزّة يشمل قصف مناطق مكتظّة بالسكّان وإصدار تعليمات مخالفة بوضوح للقانون تأمر قوات الأمن بإطلاق النيران الحيّة على متظاهرين عزّل قرب الشريط الحدوديّ. ما زالت هذه التعليمات - التي صادقت عليها محكمة العدل العليا - سارية المفعول حتّى بعد أن اعترف الجيش في تمّوز 2019 أنّه قتل بهذه الطريقة أشخاصًا دون أيّ سبب أو داعٍ. في الضفّة الغربيّة (وبضمنها شرقيّ القدس) تشمل هذه التعليمات إطلاق النيران بهدف القتل في الأحداث المعرّفة كـ"أحداث عدائيّة" حتى إذا لم يكن هناك أيّ مبرّر لإطلاقها وإطلاق النيران في حالات لا تشكّل خطرًا على حياة الجنود أو أيّ شخص آخر.
تطبّق إسرائيل سياسة إطلاق النار هذه منذ سنوات طويلة ورغم نتائجها المروّعة والمعلومة سلفًا بقيت السياسة دون تغيير وظلّت تحظى بدعم تامّ من كبار المسؤولين السياسيّين والعسكريّين وجهاز القضاء بشقّيه المدنيّ والعسكريّ. من هنا فإنّه لمن المثير للسّخرية أن تزعم إسرائيل أنّ جنودها يتصرّفون وفقًا للقانون وأنّها تحقّق في كلّ مخالفة: أوّلًا لأنّه لا أحد يحقّق في السياسة نفسها أو يحقّق مع المسؤولين عن بلورتها حيث لا يحقق جهاز تطبيق القانون العسكريّ سوى في قلّة قليلة من الأحداث - تلك التي يعتبرها "استثنائيّة" كما لأنّه حتى في هذه التحقيقات القليلة ينشغل أساسًا بطمس الحقائق لا الكشف عنها.
على هذه الخلفيّة - عندما ترفض إسرائيل تغيير سياستها الفتّاكة والمخالفة للقانون - يصبح تصريح المدّعية العامّة في لاهاي والقائل بأنّ هناك أساسًا يستدعي التحقيق مع إسرائيل بشبهة ارتكاب جرائم يتقصّى بعض جوانب هذه السياسة واجبًا يقتضيه الأمر الواقع.