عادت رفيف الصغيرة ذات الفستان النيليّ الى البيت لاهثة ، وراحت تقُصُّ على مسامع أخويها: فادي وساهر ، ما سمعته من صديقتها رُلى، بأنّ امّهم تحمل من السوق هديةً مُزركشة جميلة. فانبرى فادي البكر قائلاً : "صدّقاني بأنّ الهدية ستكون من نصيبي ، فأنا الأكبر وألام ترتاح جدًا في الجلوس إليَّ والتحدّث معي . ولا تنسَيا أنّ علاماتي في الشهر الماضي كانت عالية مُشرّفة ".
فلم يُعجب ساهر هذا الكلام فقال مُحتجًّا : "لا يا فادي ، حتمًا ستكون الهدية الجميلة من نصيبي ، فأنا الابن الذي تَبني عليه العائلة الآمال في الموسيقى، فأنا كما تعلمان ، اشنّف آذانكم وآذان والديَّ بموسيقاي التي تسيل شجيّة ، فالهدية من نصيبي دون شكّ .
انفجرت رفيف الصغيرة صارخةً : " لا حقّ لكما، ولا صدق في أقوالكما فأنا الابنة المُدلّلة ، ذات الضفيرة الشقراء ، وأنا التي تملأ البيت مرحًا وفرحًا كما تقول امّي ، انا صاحبة الهدية !!"
طال النقاش الى ان عادت الامّ من السوق ، فسمعت اصوات الجِدال والنقاش من الخارج تملأ أجواء البيت ، وما أن دخلت حتّى سكت الأطفال الثلاثة ، وانتظروا أن تتجه لأحدهم بالهديّة ، ولكن شيئًا من هذا لم يحدث، فقد ابتسمت الام ابتسامة عريضة وقالت : " لقد سمعت يا أحبائي بعضًا من جدالكم ، وأنا بعد في الخارج ، ولكن يُؤسفني أن أقول أنّ أحدًا منكم لم يُصِب الهدف ، فالهديّة المُزركشة هذه ستكون من نصيب عامود البيت الذي يتعب ويشقى كثيرًا من اجلنا .
انفجر الأطفال ضاحكين وطلبوا بإلحاح أن تفتح الامّ الهديّة ، ولكنها رفضت بلُطفٍ : "لا يا أبنائي ....في هذا المساء , وعندما يعود الأب مُتعبًا ، سنُخفّف من تعبه بالهديّة المُزركشة وعندها فقط ستعلمون سرّها "
فهزّ الأطفال رؤوسهم، والابتسامات تملأ وجوههم.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com