"من هم المحافظون الجدد":
المحافظون الجدد هم مجموعة نخبويَّة من اليساريِّين التروتسكيِّين السّابقين في الاتحاد السوفياتي الذين يتبعون لتروتسكي الذي كان نِدَّاً ومعارضاً لستالين هناك والذين أتوا إلى الولايات المتّحدة وتحوَّلوا إلى "محافظين جدد" في الحزب الجمهوريّ وقد استطاعوا الأخذ بزمام السّلطة في المراتب العليا في حكومة بوش الإبن وما زالوا يسيطرون على البيت الأبيض وعلى السياسة الامريكيَّة حتّى اليوم. والأب الرُّوحيّ للمحافظين الجدد هو إيرفينغ كريستول-يهودي تروتسكي المذهب. وهم الذين جعلوا الولايات المتحدة تتَّخذ سياسة الشرطيّ الدوليّ بهدف السيطرة على الشرق الأوسط وغيره وكل من يقف حجر عثرة بوجه إسرائيل.
هل كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر "بيرل هاربر الجديدة"؟
يصف الصّحافيّ "جون بيلجر" في مقالة نشرتها مجلة نيو ستيتمان في 12 ديسمبر/ كانون أوّل 2002، وبعبارات تبعث على الإنزعاج كيف توصَّل ويليام كريستول (وهو من المحافظين الجدد ومن صنّاع القرار في الولايات المتّحدة وإبن الأب الروحيّ للمحافظين الجدد إيرفينغ كريستول الذي تكلمنا عنه في المقدمة) في بروجكت فور ذي نيو أمريكان سنتشري، إلى أنَّ أمريكا تحتاج إلى "بيرل هاربر جديدة" كذريعة لبدء حملة للهيمنة العالميَّة؟ والتّصوّر الذي وضعه كريستول ورفاقه كان يقضي بأنَّه في حالة وقوع مثل تلك الكارثة فإنَّ ذلك سيهيء لأمريكا الفرصة لبناء قوّتها العسكريَّة.
وفي 3 يونيو/حزيران من عام 1997- أي قبل ثلاثة أعوام من تولّي جورج دبليو بوش رئاسة الولايات المتّحدة ووضعه "المحافظين الجدد" في مواقع السيطرة- قام عدد من المحافظين الجدد من ضمنهم دونالد رمسفيلد، ودِك تشيني وبول وولفويتس بتوقيع أسمائهم على وثيقة "إعلان مبادئ" صدرت عن منظمة كريستول.
وقد وضعت هذه الوثيقة هدفاً لبناء وتدعيم القوّة العسكريّة الامريكيّة كي يصبح بمقدور الولايات المتّحدة تحقيق مسعاها في الهيمنة العالميّة، دون أن تخشى أيّ امَّةٍ أو أمم قد تتجرَّأ على مقاومة أجندة النخبة الحاكمة في أمريكا- وهذا بدون شكّ يشكل إعلاناً لأهداف إمبرياليّة.
وفي تصميم لاحق يعود تاريخُهُ الى سبتمبر من عام 2000 وصادِر عن منظمة كريستول بروجكت فور ذي نيو أمريكان سنتشري ، عنوانه "إعادة بناء الدفاعات الأمريكيّة: الاستراتيجيات والمصادر والقوى في القرن الجديد"، وتم الكشف في هذه الوثيقة عن خُطّة تقضي بقيام الولايات المتحدة بعمل عسكريّ للسيطرة على منطقة الخليج العربيّ سواء بقي صدّام حسين في الحكم أم لم يبق. وقد أفصحت الخطّة بصراحة عن أن حاجة أمريكا للتواجد في منطقة الخليج العربيّ تسمو على مسألة ما إذا بقي صدام حسين في الحكم أم لم يبق.
ومن أجل تحقيق ذلك الحلم، يقول كريستول ورفاقُهُ، بأنَّ على الولايات المتحدة أن تكون جاهزةً للقيام بعمليّات عسكريّة في أكثر من مكان في وقت واحد حول العالم. ومن أجل تحقيق تلك القدرة ، أعلنت الوثيقة أنه يجب على أمريكا أن تحدث تحوّلات جوهريّة في مؤسّساتها العسكريّة مصحوبة بزيادة كبيرة في عتادها العسكريّ.
إلّا ان الوثيقة انتهت إلى القول بأنَّ "عمليّة التحوّل هذه قد تأخذ زمناً طويلاً في ظلِّ غياب حدث كارثيّ مدمّر مثل بيرل هاربر جديدة وبالأخذ بالاعتبار أنّ الأحداث في الحادي عشر من سبتمبر 2001 قد أحدثت بالفعل "بيرل هاربر جديدة" وكانت الشّرارة التي أشعلت تعبئة عسكريّة شاملة مصحوبة بإعلان "الحرب على الإرهاب" التي تحولت- ومن خلال تأثير المحافظين الجدد- إلى حرب إمبرياليّة، استهدفت العراق أوّلاً وبعد ذلك بقية العالميْن العربيّ والاسلاميّ.
وهناك كثير من الأمريكان وغيرهم، وأنا منهم، ممّن يشكّون بأنّ هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت إمّا مفتعلة أو مدعومة من قبل الولايات المتحدة والصهيونيّة سواء بعمليّة مشتركة أم بعمل منفرد كلّ على حدة. وكلُّ من يثير هذا الاحتمال يُتّهم فوراً بأنّه من المعتقدين ب"نظريّة المؤامرة" أو بأنّه "محرِّض على الكراهيّة" أو "محرّض على السّامية" وذلك على الرّغم من كل الحقائق التي تثير تلك التساؤلات المشروعة.
ويحتوي التقرير الخاصّ الذي نشرتهُ أميركان فري برس بعنوان "خمسون سؤالاً لم يُجَبْ عنها حول الحادي عشر من سبتمبر" على كم هائل من المعلومات مع ملاحظة أن وسائل الإعلام السائدة تجاهلتها كليّاً.
ويعتبر عمل المراسل الدوليّ للأميريكان فري برس- كريستوفر بولين من أقوى منتقدي الرواية الرسميّة للأحداث التي وقعت في ذلك اليوم المؤسف.
كفرياسيف
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com