صلاة الجماعة في الساحة العامة أم صلاة الجماعة مع عائلاتنا؟ / بقلم: محمد زبيدات

محمد زبيدات
نُشر: 01/01 14:18,  حُتلن: 17:57

قرأت في اليومين الأخيرين دعوات في سخنين لإقامة صلاة التراويح في أماكن عامة، مثل ساحة البلدية أو في ملعب العشب الصناعي. بل ذهب البعض لنشر الموضوع بشكل استفتاء لعامة الناس في صفحات الفيسبوك!.


قد تكون نوايا هذه الدعوات صادقة، من باب الاشتياق بالفعل لأجواء رمضان وصلاة التراويح جماعة في المساجد، والتي نفتقدها هذا العام بسبب جائحة الكورونا. لكن هذه القضية لا تخضع فقط للنوايا الصادقة.


عندما أفتت جميع دور الإفتاء في بلادنا بإغلاق المساجد وتعليق الجماعات، فإن علة ذلك كانت خطر انتشار عدوى الفيروس. والغاية كانت الحفاظ على النفس البشرية التي هي مقصد رئيسي من مقاصد الدين. ولذلك، أي تغيير في الفتوى بالسماح بإقامة صلوات الجماعة متعلق بتغير العلة، وهي زوال خطر انتشار العدوى. فهل بالفعل هذا الخطر لم يعد موجودًا في سخنين أو في بلداتنا العربية حتى نعيد صلوات الجماعة في المساجد أو في الساحات العامة؟ الجواب واضح لنا: لا. بل إن دالة تصاعد انتشار الوباء في بلداتنا العربية آخذة بالازدياد مؤخرًا.


تخيلوا لو لا سمح الله أدت هذه الصلاة في الساحة العامة لنقل الفيروس من مصاب إلى آخرين؟ من يتحمّل ذنب مرض وربما موت المصابين، أمام الناس وأمام الله تعالى؟ من الذي لديه الجرأة ليكون سببًا في موت إنسان؟ ومن أجل ماذا؟ من أجل صلاة جماعة في ساحة عامة، لا تفضل عن صلاة الجماعة في البيت بالأجر!!


دعونا نجري مقارنة بسيطة بين أجر صلاة الجماعة في ساحة عامة، وبين أجر صلاة الجماعة في البيت مع العائلة. كلاهما صلاة جماعة، وأجرهما واحد، ولا توجد لصلاة الجماعة في الساحة العامة فضل في الأجرعلى صلاة الجماعة في البيت. لكن، صلاة الجماعة في البيت تفضل صلاة الجماعة في الساحة العامة بأمرين: الأول أنها أدعى للحفاظ على حياة الناس ومنع انتشار العدوى، وهذا مقصد رئيس من مقاصد ديننا وشريعتنا، والثاني: أنها فرصة لزيادة الترابط الأسري في الجانب التعبدي، والذي نفتقده معظم العام. إنها فرصة لنتحدث مع أبنائنا في أمور الدين والتربية والأخلاق. وما أحوج أبنائنا لهذه اللقاءات الروحانية التربوية الأسرية. صلاة الجماعة في البيت في هذا الظرف هي تفكير بالأسرة، مقابل التفكير بالأنا، حين أخرج للصلاة مع جماعة أخرى في الساحة العامة وأترك أهل بيتي وأسرتي لوحدهم.


حياة الناس وعباداتهم لا يصح إخضاعها لاستفتاء عام عبر صفحات الفيسبوك، ولا يقرر بشأنها شاب متحمس لفكرته، الذي يقرر لنا صحة هذا العمل ليس عدد اللايكات أو التعقيبات في الفيسبوك، وإنما الذي يقرر ذلك هما جهتان: رجال الدين ودور الإفتاء، والجهات الصحية والرسمية. وما لم تقرر دور الإفتاء والجهات الصحية والرسمية إعادة صلاة الجماعة، فسنبقى نصلي في بيوتنا جماعة مع عائلاتنا، دون أن ينقص ذلك من أجرنا شيء إن شاء الله. وإذا ما قررت هاتان الجهتان إعادة صلاة الجماعة فسنصليها في المساجد، وليس في الساحات العامة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة