د. كايد العثامين، من اللجنة المحلية لقرية خشم زنّة:
لا شك، أن المنظمات اليمينية حاولت انكار وجود المقبرة وحرضت ضد الأهل، ولكننا استطعنا أن نتجاوز كل هذه القضية بنجاح
سيتم تسييج المقبرة مجددا خلال الفترة القريبة القادمة. وبهذا نشكر جميع الأطراف والشخصيات التي وقفت معنا في هذه القضية
خاص بـ"كل العرب" - تمّ مؤخرا التوصل إلى اتفاقية بين أهالي قرية خشم زنّة مسلوبة الاعتراف في النقب وبين شركة المياه القطرية مكوروت – ما يحل قضية المقبرة الإسلامية التاريخية على رأس التل على مدخل القرية مع أقل أضرار ممكنة.
صورة من أرشيف كل العرب
وكانت اللجنة المحلية توصلت إلى هذا الاتفاق في شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي وتمّ عرضه على سكان القرية من كافة العائلات، حيث وافقوا عليه بالأغلبية نظرا للواقع القانوني الذي قد يؤدي إلى خسارة القضية في المحكمة، علما أن استشارة قانونية بهذا الخصوص أكدت صعوبة القضية حسبما قال مسؤولون في اللجنة المحلية للقرية.
وقد قدم سكان قرية خشم زنّة مسلوبة الاعتراف في النقب، الواقعة بالقرب من موشاف نفاطيم جنوب بئر السبع، التماسا إلى المحكمة العليا، في آب/أغسطس 2019، للمطالبة بمنع إقامة خزان للمياه على أنقاض مقبرة القرية التاريخية.
وقال السكان في حينه إنّ الخطة تمّت المصادقة عليها عام 2008، دون إعلام أهل القرية، لافتين إلى أنّ أعمال التطوير لبناء الخزان ستدمر كل القبور. وطالب السكان المحكمة بأن تمنع تدنيس المقبرة وحذروا من خلال الالتماس الذي قدمه المحامي عبد الله دكور، من إلحاق ضرر جسيم بكرامة وحرمة الموتى - ومشاعر أسرهم.
ووفقا للاتفاقية الموقعة بين الطرفين، فقد وافقت شركة مكوروت على إعادة التخطيط من جديد، بحيث تكون معظم مساحة المقبرة خارج الجدار الخارجي للخزان الجديد.
"إذنا شرعيا بنقل الرفات"
وكان مقاول من قبل شركة "مكوروت" بدأ أمس الاثنين بالعمل في البنى التحتية للخزان الجديد، وذلك تحت إشراف ومراقبة أهل القرية. وأثناء عمليات الحفر تم الكشف عن نحو عشرة قبور لم تكن معروفة لأهل القرية من قبل.
وفي هذه الأثناء، وبالرغم من الاتفاق، أوقف أهل القرية عمليات الحفر، وذلك لاستشارة شيخ في استمرار العمل في المكان. وقالت مصادر في اللجنة المحلية، أن الأهل تلقوا إذنا شرعيا بنقل رفات القبور إلى داخل المقبرة وإعادة دفن الأموات، معظمهم من الأطفال، على مسافة بضعة أمتار من مكان تواجدهم.
وقال د. كايد العثامين، من اللجنة المحلية لقرية خشم زنّة، في حديث لمراسل "كل العرب": "الاتفاقية جاءت بعد جهد كبير وساعات عمل متواصلة، استطعنا تغيير المخطط الأولي والذي يهدم كل المقبرة القديمة. الى مخطط بديل يحافظ على معظم قبور الأجداد وحولنا ما هو مستحيل – كون خزان مياه يعتبر منشأة وطنية تتجاوز أهميتها كل مخطط – إلى تحصيل هام جدا للأهالي، بالاعتراف بهذه المقبرة بصورة رسمية. لا شك، أن المنظمات اليمينية حاولت انكار وجود المقبرة وحرضت ضد الأهل، ولكننا استطعنا أن نتجاوز كل هذه القضية بنجاح حيث سيتم تسييج المقبرة مجددا خلال الفترة القريبة القادمة. وبهذا نشكر جميع الأطراف والشخصيات التي وقفت معنا في هذه القضية".
المحامي عبدالله دكور
أصل تسمية "خشم زنّة"
تعود تسمية القرية بـ"خشم زنّة"، وفق الرواية الشعبية، إلى امرأة صالحة تدعى زنة مدفونة في ثرى خشم زنة، وبسبب الموقع الجغرافي للقرية على تلة تشبه أنف المرأة.
وذكرت خشم زنة بشكل واضح في الوثائق البريطانية الخاصة بالنقب، وهي موجودة أيضًا في الخرائط العثمانية التي سبقتها. وهذه القرية قد يتم الاعتراف بها رسميا، بعد النضال المستمر لأبنائها، بالرغم من محاولات السلطات الإسرائيلية تهجير الأهل.
يعيش في قرية خشم زنّة نحو ثلاثة آلاف نسمة من عائلات العثامين والنباري والربايعة والحميدي والأصلع وأبو غنيمة والعفاوي، وتنقصها كسائر القرى مسلوبة الاعتراف الخدمات الحياتية الأساسية. والمقبرة كانت مزارا مقدسا للبدو في المنطقة، حيث كانوا يحلقون شعر الأبناء بجوارها ويذبحون الذبائح وحتى أن كبار السن كانوا يوصون أولادهم بأن يدفنوا فيها، رغم أن عملية الحفر تستغرق اليوم بطوله بوسائل بدائية.
ويقول العثامين: "المقبرة قديمة في قريتنا، وهنا تم دفن جدتي وأعمامي وغيرهم من أفراد العائلات الأخرى. مقبرة خشم زنة من أقدم المرافق الموجودة في قريتنا التاريخية، وهي قائمة منذ مئات السنوات، كما احتوت على مزار تاريخي عمره غير معروف. وكانت هذه المقبرة بالإضافة إلى مقبرة بئر السبع لعرب النقب في منطقتنا، وآخر المدفونين في مقبرة خشم زنة هو المرحوم عمي إبراهيم العثامين الذي توفي عام 1992".
د. كايد العثامين على مدخل قرية خشم زنّة. تصوير: أرشيف كل العرب