تزامن حلول الشهر الفضيل هذا العام مع جائحة الكورونا والتّي تفشت في جميع الاصقاع ضاربة بعنفوانها الصحة العامة والسلامة وكذلك ضربها دون وازعٍ من رحمة الاقتصاد الأُسري عامة فلم تتخطى تقريبًا بيتًا الا وضربته بسهامها وقد أعتدنا إستقبال شهر الصيام مع مشروع ميزانية أُعد خصيصًا لهذا الشهر والمغاير عادة لميزانيات الاشهر الأُخر.
فقد تحدثت دراسات اقتصادية أُجريّت في بعض الدول الإسلامية ان النفقة الرمضانية تبلغ 1/5 النفقة السنوية للاسرة فإن كان من المفروض أن تشكل بالشكل الطبيعي 1/12 فانها تتضاعف، فكيف نجابه رمضان وهنالك تراجع كبير في مداخيل الأسر فالكثير من أرباب الأسر اقحموا قسرًا في دائرة البطالة ومعظم جمهور المستقلين معطلون عن مصالحهم، فمداخيل الأسر العربية في تراجع كبير فكيف لنا تدبير وإرشاد استهلاكنا الرمضاني في هذه الظروف القسرية التي فرضت علينا.
القاعدة الاستهلاكية في القرآن تقول (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) الاعراف(اية 31) وفي سورة الاسراء (اية 29) (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورا)، ولا شك أن هاتين الآيتين تشكلان آلية الترشيد على المستوى الفردي والمستوى العام، غير أننا زللنا عن جادة النهج القرآني والمعاني الساميّة لفريضة الصوم الداعية للامساك عن شهوة البطن واتبعنا نهج الحياة المعاصرة الذي فرض علاقة طردية بين شهر الصيام والإستهلاك الشره حتّى يندهش اولو الألباب من هذا النهم الاستهلاكي الذي يستشري في هذا الشهر دون وازعٍ من منطق وعمق تفكير.
وعادةً نرى ان الآلات التسويقية تشحذ محركاتها وعجلاتها ، لتقتحم المنازل بقوةٍ وعنفوانٍ، فالحملات التسويقية والتهافت النفسي على عقليوجيوب ربات المنازل حتّى تتحايل على متخذي القرارات الأُسريّة وتنهال بالإغراءات فترغمهم الشراء المفرّط.
ونرى ان الزوج والزوجة كل من حيث موقعه، يشارك بالشراهة الاستهلاكية.
بعض الدراسات تفيد أن ما يلقى ويتلف من مواد غذائية ويوضع في صناديق القمامة يُشكّل في بعض الاحيان 40% من حجم القمامة.
من المفروض ومن الفهم العميق لشهر الصيام ينبغي أنه فرصة لتحقيق الترشيد الاستهلاكي ولتوسيع وعاء الفائض الممكن.
الفوضى الاستهلاكية تبدأ بالزوج والزوجة حيث النفقات العفويّة التلقائية دون أي تخطيط مسبق ودون علاقة لمستوى دخل الأسرة.
ثم يساهم الاطفال إسهامًا كبيرًا في التبذير حين ينعدم عندهم الحس بقيمة الاشياء فينفقون دون أي حساب لوضع الأسرة بعشوائية مقيتة.
أزمة أخرى في رمضان يخلقها التنافس بين النساء بموائد الطعام من خلال عرضها على مواقع التواصل أو المباهاة في المحافل الإجتماعية مخطئات الغايات المرجوة من الصيام ورمضان.
ثمة إخضاع المشاعر الدينية للاستغلال كوسيلة من وسائل توسيع السوق. لذا علينا محاصرة النهم الاستهلاكي الذي نعته علماء النفس بأنه حالة مرضيّة، وهذا الامر يتسنى بصياغة تربية استهلاكية رشيدة واستبدال المفردات الاستهلاكية الشائعة بمفردات سليمة رشيدة.
في هذه الحالة علينا التصدي لهذه الشراهة من خلال الوعي الاستهلاكي الاقتصادي:
1. على الأسرة وضع ميزانية مكتوبة لشهر رمضان تتضمن بنودها المأكل والمشرب والملابس والهدايا، وهذه البنود يجب أن تتماهى مع مداخيل الأسرة.
2. التخلص من القيم الإستهلاكية السيئة حتّى لا يتسبب الإستهلاك التّرفي في إقحام الأسر في دائرة الفقر.
3. تقدير الكميات المطلوبة والجودة والفترة الزمنية لإستهلاكها.
4. علينا كبح الإنفعالات العاطفية المتعلقة بالكميات.
5. الذهاب إلى المتاجر والمجمعات مع قائمة سلع أعدت مسبقًا والالتزام بها من حيث البنود والكميات.
6. عدم الذهاب إلى هذه المتاجر جياع فإن الجائع يبالغ في الشراء.
7. عدم اصطحاب الأطفال للمتاجر فإنهم يتسببون بالإحراج ويملون رغباتهم على الوالدين.
8. عدم الوقوع بفخ الدعايات والحملات.
9. الإقلاع عن الاسلوب القدري بدون تخطيط وعدم اتباع المقولة "أصرف ما في الجيب يأتي من الغيب".
10. حذار من تقليد المجتمعات المترفة ذات النمط الإستهلاكي الشره.
11. قبل إخراج محفظة النقود اسأل نفسك إن كان هذا الشعور حقيقيًا أم انفعاليًا.
12. أحرصوا الا تشتروا محبة الآخرين بالهدايا.
13. اشتروا ما تحتاجونه فإن كان رخيصًا وأنت لست بحاجته فلا تشتريه.
14. عدم اللجوء للقروض فإن القرض دواء مُسكّن في الحاضر ولكنه بالمستقبل يثقل كاهلك ويباغتك في أوقات مستقبلية في أوقات تكون الموارد غير مؤاتيه.
15. مهما بلغ الأمر شدةً وضيقاً فلا تلجأ الى القروض بالسوق السوداء فانها تحل الضيق بالحاضر وفي المستقبل هي كارثة اقتصادية.