إياد شيخ أحمد:
الزيادة في نسبة المصابين بفيروس كورونا في المجتمع العربيّ قد تضرّ بشكل كبير بالاقتصاد المحلّيّ
مع تزايد المخاوف من تفشّي موجة ثانية من فيروس كورونا، يجب العمل بجهود حثيثة لزيادة مستويات الوعى في أوساط الجمهور العربيّ في الحفاظ على تعليمات وزارة الصحّة لتفادي تفشّي العدوى
طرأت في السنوات الأخيرة زيادةٌ كبيرةٌ في نسبة التعليم العالي في المجتمع العربيّ، وفي أعقاب ذلك طرأ تحسّن في الحالة الاقتصاديّة للسكّان. مع ذلك، وبغض النظر عن أزمة كورونا، فإنّ الوضع الاقتصاديّ في المجتمع العربيّ لا يزال بعيدًا عن المتوسّط القطريّ في الاقتصاد. هناك ثلاثة معطيات رئيسيّة تدلّ على ذلك بوضوح: متوسّط الأجور الشهريّة للرجال في عام 2018 بلغ 14،206 شيكل، أعلى بحوالي 70% من متوسّط الأجور الشهريّة للرجال العرب، الذي كان يبلغ 8،829 شيكلًا، بلغت نسبة النساء العربيّات العاملات 37% وهي منخفضة مقارنة بالمقارنة مع المتوسّط القطريّ الذي يبلغ 77%، بالإضافة إلى ذلك، نحو 50% من الأسر العربيّة تعيشُ تحت خطّ الفقر. هذه المعطيات الرئيسيّة خلال أزمة الكورونا، تجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لحالة التشغيل والمصالح التجاريّة في المجتمع العربيّ.
بالإضافة إلى هذه المعطيات، فإنّ الزيادة في نسبة المصابين بفيروس كورونا في المجتمع العربيّ قد تضرّ بشكل كبير بالاقتصاد المحلّيّ. ستتفاقم هذه الأضرار بسبب خسارة الزبائن المحتملين في الأسواق، المحال التجاريّة والمراكز السياحيّة، وكذلك بسبب الإغلاق الذي فُرض في الفترة الأخيرة على عدّة أحياء وبلدات عربيّة.
تسبّبت أزمة الكورونا في أزمة اقتصاديّة عالميّة، والتي أدّت بدورها، من بين جملة أمور أخرى، إلى زيادة في نسبة العاطلين عن العمل، وقد حذّرت منظّمة العمل العالميّة من فقدان 5.3 مليون وظيفة هذا بحسب التقديرات المتفائلة، وعدد أكبر بخمسة أضعاف وفقًا للتقديرات الأكثر تشاؤمًا. كما أنّ معدّلات البطالة في الاقتصاد الإسرائيليّ قد ارتفعت من 5% إلى 26.1%، وعلى الرغم من خطّة الخروج من حالة الإغلاق وفتح الاقتصاد، فمن المتوقّع ألّا تعود البطالة إلى نسبتها عشيّة الدخول في الأزمة، بل تبقى نسبتها تتكوّن من رقم مزدوج نحو 11%.
وفقًا للمعطيات التي تشير إلى أضرار أزمة كورونا في المجتمع العربيّ، فإنّ عدد طالبي العمل في شهري آذار- نيسان 2020 بلغ 189،000، نحو 18.5% من مجموع طالبي العمل الجدد، في حين إنّ أكثر المتضرّرين من هذه الأزمة هم من الرجال الشباب. علاوة على ذلك، تضرّر الكثير من المصالح التجاريّة بشكل كبير بسبب الصعوبة في تجنيد وسائل التمويل وجسر الفجوة في السيولة النقديّة خلال فترة الأزمة.
تُعتبر هذه المعطيات مقلقة بشكل خاصّ للمجتمع العربيّ الذي يُعاني من الضعف الاقتصاديّ حتّى في الأوقات العاديّة. ولذلك، هناك حاجة لنشاط واسع النطاق ومتكامل بين القيادة القطريّة، السلطات المحلّيّة، ومنظّمات المجتمع المدنيّ، التي تعمل معًا للحفاظ على صحّة الجمهور، والحيلولة دون تفشّي العدوى بنسب كبيرة، وبلورة خطّة دعم للمصالح التجاريّة في المجتمع العربيّ، وخطّة خاصّة للقروض الماليّة بضمان الدولة التي تساعد المصالح التجاريّة الصغيرة والمتوسّطة في تجاوز الأزمة الحاليّة.
ومع تزايد المخاوف من تفشّي موجة ثانية من فيروس كورونا، يجب العمل بجهود حثيثة لزيادة مستويات الوعى في أوساط الجمهور العربيّ في الحفاظ على تعليمات وزارة الصحّة لتفادي تفشّي العدوى. تجري هذه الخطوات بالفعل على أرض الواقع من قِبل منظّمات المجتمع المدنيّ في المجتمع العربيّ من خلال وسائل الإعلام المختلفة. ولكن فرص النجاح ستكون جزئيّة فحسب من دون تلقي الدعم من الوزارات الحكوميّة، والتدخّل الجدّي من السلطات المحلّيّة، لزيادة الوعي وتطبيق القواعد، وبالذات في أوساط أصحاب المحال التجاريّة الذين يقدّمون الخدمات أو مزوّدي المنتجات.
* إياد شيخ أحمد، مدقّق حسابات، الكليّة الأكاديميّة سبير وجامعة بن غوريون في النقب
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com