الإعلامي أحمد حازم في مقالته:
*نكن احتراما كبيرا لسيادة المطران عطا الله حنا، ونقدر مواقفه فيما يتعلق بالأقصى تقديرا عاليا.
في الثالث عشر من الشهر الحالي نشر موقع "العرب" بيانا للمطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس، تناول فيه القرار التركي إعادة متحف آيا صوفيا إلى جامع كما كان قبل عام 1934، حيث بقي خمسمائة عام مسجداً. نحن نكن احتراما كبيرا لسيادة المطران عطا الله حنا، ونقدر مواقفه فيما يتعلق بالأقصى تقديراً عالياً، وكذلك مواقفه الأخرى على الصعيد الفلسطيني خصوصاً فيما يتعلق بالمقدسات المسيحية والإسلامية الأخرى. وقد نختلف مع سيادته في بعض الأمور، لكننا نتوافق معه في أمور أخرى، وهذا أمر طبيعي. ومن حق سيادة المطران أن يبدي موقفاً من مسجد آيا صوفيا ، لكن ليس من حقه مع احترامنا له، استخدام عبارات يشتم منها أنها تحريضية.
يقول سيادة المطران في بيان كما جاء في الموقع: "إن موقفنا من مسألة كاتدرائية اجيا صوفيا هو موقف ثابت وواضح، إذ ستبقى كنيسة، وقد عبرنا وسنبقى نعبر عن رفضنا لقرار الرئيس التركي حول هذه الكنيسة، وأن خطوة من هذا النوع قد تؤجج الصراعات الدينية والمذهبية "
يا سيادة المطران، حبذا لو تقرأ التاريخ جيداً قبل التسرع في نشر بيان فيه من المغالطات غير اللائقة بحقك خصوصا في مكانتك الدينية الرفيعة الحالية. التاريخ يقول، والتاريخ لا يكذب طبعاً: "وبعد الفتح الإسلامي للقسطنطينية في عام 1453 أمر السلطان محمد الفاتح بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد، ومنذ ذلك الحين أصبحت آيا صوفيا مسجداً لمدة 478 عام". هكذا يقول التاريخ. ولكن كيف اصبحت مسجداً؟
المؤرخ التركي سليم أردوغان أكد في تصريح لشبكة الجزيرة القطرية، على وجود وثيقة تنص على أن (آيا صوفيا والمنطقة المحيطة بها تعود ملكيتها والسيادة عليها للدولة التركية، وأن السلطان محمد الفاتح اشترى آيا صوفيا من مالكيها، ليتمكن المسلمون من أداء الصلاة بها، حيث لم يكن هناك مسجد يقيمون فيه الصلاة في أعقاب فتح إسطنبول).
وبحسب المؤرخ، توضح الوثيقة أن الفاتح رفض دفع قيمتها من بيت مال المسلمين، وأصر على دفع الثمن كاملا من ماله للرهبان والقساوسة الأرثوذكس، ليقوم بعد ذلك بتحويلها إلى جامع، ويوقفه والأراضي المحيطة به وما عليها من مبانٍ لصالح المسلمين ، وهي الوثيقة التي لا تزال محفوظة بحالتها الأصلية في دائرة الوثائق والحجج التركية بأنقرة. واستمر وضع كمسجد طوال فترة الحكم العثماني، وقد تخلل هذه الفترة بعض التعديلات العمرانية فقط. وبعد انهيار الدولة العثمانية وتأسيس الجمهورية التركية وفي إطار علمنة الدولة وتغريبها فقد أغلق مسجد آيا صوفيا في عام 1931م، إلى أن اتخذت حكومة أتاتورك قرارها بتحويله إلى متحف عام 1934، وتم فتحه للزوار في 1 فبراير 1935.
ويضيف المطران في بيانه : "نرفض أي تطاول على دور العبادة وعلى الرموز الدينية في كافة الاديان، لان الاماكن المقدسة ودور العبادة هي صروح للمحبة والاخوة والسلام والحوار، وليست صروحا للبغضاء والكراهية والعنصرية".
ما هذا يا سيادة المطران؟؟ عن أي تطاول تتحدث؟ هل سمعت يوما ما أن الرئيس التركي أو غيره من قادة الدولة التركية استخدموا منصات المساجد لنشر الكراهية؟ لماذا هذا الاتهام إذاً؟ يوجد في تركيا حوالي خمسمائة كنيسة وكنيس يتمتعون بحرية شاملة ويتلقون دعماً من الدولة التركية فاذهب إلى هناك وحاورهم . أقول لك هذا يا سيادة المطران عن تجربة شخصية حيث أجريت لقاءً مع راعي الكنيسة في مدينة ديار بكر التركية وشعرت من خلال المقابلة بمدى الدعم والتقدير والإحترام الذي يحظى به غير المسلمين في تركيا.
أنت يا سيادة المطران تعتبر القرار التركي في بيانك بأنه "يؤجج العصبية والكراهية فيما بيننا". لا ليس هكذا تورد الإبل. يا سيادة المطران، المسجد موجود تحت السيادة التركية، والمسجد سيبقى أيضاً (كما تريد اليونيسكو) مشرع الأبواب للزائرين غير المسلمين، وبدون رسم دخول. فماذا تريدون بعد؟ لماذا هذا العويل الآن؟ من يؤجج الكراهية يا سيادة المطران هو الذي يحرض ضد المسلمين أو ضد المسيحيين؟ والقرار التركي عكس ذلك لمن يفهمه.
ويقول المطران في بيانه: "نرفض ونستنكر كا اعتداء او استهداف على اي مكان مقدس او دور للعبادة في اي مكان في هذا العالم ،ومن واجبنا جميعا ان نرفض التطاول على دور العبادة ومن كافة الاديان وفي كل مكان وزمان". مع احترامنا لك يا سيادة المطران ،لو كان صحيحاً ما تقوله لما كان هناك سكوت من الكنيسة الأرثوذكسية وغيرها من الكنائس عندما أقدم الإسبان على تحويل مساجد إلى كنائس.
أين كانت كنيستكم والكنائس الأخرى عندما تم تحويل مسجد قصر الحمراء في مدريد إلى كنيسة سانتا ماريا، وعندما حولوا مسجد المردوم في طليطلة إلى كنيسة نور المسيح، ثم إلى مزار سياحي، وأين كانت الكنائس عندما حولوا مسجد إشبيلية إلى كنيسة ماريا، ثم إلى كاتدرائية إشبيلية.
نقطة مهمة لا بد لي من الإشارة إليها سيادة المطران: في موضوع الجدل الجاري حول مسجد آيا صوفيا، فإن السياسة هي التي تلعب دوراً أساسيا في الموقف من هذه المسألة. فكل من هو ضد السياسة التركية بشكل عام وضد سياستها في سوريا وليبيا والعراق وأماكن أخرى هم أنفسهم ضد القرار النركي، بما فيهم دول عربية أدارت ظهرها للقضية الفلسطينية وسكتت على صفقة القرن، لكنها اهتمت بمسجد آيا صوفيا.