رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ليس في وضع يحسد عليه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. فالشارع الإسرائيلي (اليهودي) هب يوم الثلاثاء الماضي بالآلاف احتجاجاً على تقصير نتنياهو في معالجة تفشي جائحة كورونا وعدم التزامه بما وعد المواطنين به. والملفت للإنتباه ان المتظاهرين رفعوا وهم أمام منزل نتنياهو لافتات كتب عليها “فساد نتنياهو يثير اشمئزازنا” و”نتنياهو استقيل”، حتى أن مواطناً يهودياً ذكر لوكالة الصحافة الفرنسية كتعبير عن غضبه من سياسة نتنياهو: “ إن الفيروس الأكثر فتكا ليس كوفيد 19 بل الفساد”..
وحسب المعلومات المتوفرة، فإن جائحة كورونا ألحقت ضررا كبيرا بنتنياهو، وأدت إلى انخفاض نسبة مؤيديه. فقد أظهر استطلاع للفناة الإسرائيلية 13 أن 61% من الإسرائيليين غير راضين عن تعامل نتنياهو مع أزمة كورونا، و75% غير راضين عن كيفية تعامل الحكومة مع التداعيات الاقتصادية مع الوباء بينما أيده 16% وقالوا إنهم راضون عن سياسته. وغضب الشارع ليس فقط بسبب كورونا، بل هناك غضب واسع آخر في مختلف قطاعات الاقتصاد، والتي تقول إن الحكومة لا تفعل ما يكفي لمساعدتها في تجاوز الأزمة.
وإضافة إلى المشاكل التي يواجهها نتنياهو بسبب جائحو كوفيد 19هناك أيضاً مشكلتان يواجهما نتنياهو بسبب قرار ضم ثلاثين بالمائة من الضفة الغربية وغور الأردن. فهناك مشكلة مع الإدارة الأمريكية والأخرى مع الإتحاد الأوروبي.
أمريكياً، يبدو أن الإدارة الأمريكية أعادت حساباتها فيما يتعلق بالضم. فقد جاء في تقرير بثته إذاعة الجيش الثلاثاء الماضي، أن رئيس الكنيست يريف ليفين اعترف بأن واشنطن لا تولي حاليا أي اهتمام لخطة إسرائيل لضم حوالي 30٪ من أراضي الضفة الغربية، وإن اهتمام الإدارة الأمريكية منصب في مكان آخر، وأنها لا تصغي عندما يتعلق الأمر بالضم، وأنه حسب التقرير "سيتم تجميد الخطة المثيرة للجدل مؤقتا لأن رئيس الوزراء لن يمضي قدما من دون تنسيق الخطوة مع إدارة ترام". نقطة مهمة أخرى ملفتة للإنتباه وردت على لسان ليفين، كما جاء في التقرير، وهي "أن البيت الأبيض لم يعط بعد إجابة قاطعة حول ما إذا كان على استعداد لدعم الضم من جانب واحد ل30% من أراضي الضفة الغربية المخصصة لإسرائيل بموجب خطة السلام، أو لجزء منها"
وعندما يتحدث ليفين صراحة عن الموقف الأمريكي فهو لا ينطق عن الهوا، لأنه أكثر سياسي في حزب الليكود مقرب من الولايات المتحدة خصوصا في مسألة الضم، مع العلم بأن ليفين عضو في لجنة رسم الخرائط الأمريكية الإسرائيلية المشتركة التي تضم سبعة أعضاء والمكلفة بوضع المعايير المحددة للضم التي ستكون واشنطن على استعداد لقبولها.
وفي موضوع الضم على الصعيد الإسرائيلي، يقف نتنياهو أمام أمرين مكتوف الأيدي أي في حيرة من أمره عما يجب فعله: موقف رئيس مجلس “يشع” الإستيطاني يوسي داغان، وموقف رئيس المجلس المحلي لمستوطنة إفرات، عوديد رفيفي، اللذين يصران على تنفيذ ما وعد به نتنياهو للمستوطنين. فقد ذكر داغان في بيان له، حسب ما ورد في نشرة تايمز أوف إسرائيل " ليست هناك حاجة لانتظار أحد، هذه الخطوة تعتمد علينا فقط، لقد حان الوقت للوفاء بالوعود التي قُطعت وتطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية بغض النظر عن أي عامل”، في إشارة إلى الوعود المتكررة التي قطعها رئيس الوزراء لتنفيذ خطة الضم إذا أعيد انتخابه.
وحسب المعلومات المتوفرة " فإن دغان واحد من بين 24 رئيساً لمجالس مستوطنات، الذين أعربوا عن معارضتهم لخطة ترامب لأنها تخصص بشكل مشروط 70% من الضفة الغربية لدولة فلسطينية محتملة، ويرى هؤلاء أن على نتنياهو المضي قدما بخطة الضم، ولكن ليس في سياق اقتراح السلام الأمريكي". أما رئيس المجلس المحلي لمستوطنة إفرات، عوديد رفيفي، الذي يمثل أيضاً مجموعة رؤساء مجالس استيطانية في الضفة الغربية، فيرى "إن ابتلاع حبة الدواء المرّة المتمثلة في الاقتراح النظري للخطة بإقامة دولة فلسطينية هو أمر يستحق القيام به مقابل الحصول على اعتراف أمريكي بالسيادة الإسرائيلية على جميع المستوطنات".
أوروبياً، فإن الإتحاد الأوروبي أعلن صراحة أنه ضد مشروع الضم. وحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية، فإن وزراء خارجية دول أوروبية بعثوا برسالة إلى وزير خارجية الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، جاء فيها" إن الضم الإسرائيلي المحتمل لأجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة لا يزال يشكل مصدر قلق بالغ للاتحاد الأوروبي وللدول الأعضاء فيه، وأن التحذير من اتخاذ إجراءات ضد الخطوة قد يساهم في جهودنا لردع الضم”..
الملف للنظر في فحوى الرسالة، أن وزراء الخارجية الأوروبيين الموقعين على الرسالة سألوا وزير خارجية الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن “عواقب قانونية” محتملة إذا قررت إسرائيل ضم حوالي 30% من أراضي الضفة الغربية، بالإضافة إلى تداعيات محتملة على الاتفاقيات بين إسرائيل والدول الأعضاء الـ 28 في الكتلة..وبناءً على ما تقدم، فإن نتنياهو على ما يبدو، سيبقى عالقاً بين مطرقة كورونا وسندان الضم بانتظار الإنقاذ.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com