الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 09 / نوفمبر 23:02

الأخلاقُ تاجُ الحضارة - قصة للاطفال : زهير دعيم

زهير دعيم
نُشر: 21/07/20 00:02

في ليلة ربيعيّة قمراء ، خرج الخُلد من جُحره الواقع في حديقة جميلة لبيت رائع الجمال تسكنه عائلة طيّبة الأصل والنَّسَب ، غنيّة الحال


نفض الخلد التّراب عن جسده الصغير ، وأخذ يبحث عن صديقه الفأر ، فهو على موعدٍ معه ، وقد دعاه في المرّة الأخيرة لزيارته في بيته الواقع في مطبخ البيت الكبير


لم يطل بحث الخُلد طويلاً ، فقد انتظره صديقه الفأر كعادته على المقعد الأحمر قُربَ شجيرة الياسمين


رحّب الفأر بصديقه الخلد وأخبره بأنّ صغاره الثلاثة ينتظرونه على أحرّ من الجمر ، كما تنتظره مائدة ملأى بأطايب الطعام


وكثيرًا ما حكى الفأر لصديقه الخُلد عن صغاره وعن الحُريّة التي يعيشون فيها وعن هدأة البال ، في حين لم يأتِ الخُلد على ذِكر صغاره الثلاثة أبدًا


اصطحب الفأر صديقه الخلد فدخلا من جحر صغير في الجدار ، وإذا بهما في المطبخ الكبير


انبهر الخُلد بالأضواء والأنوار ، واندهش من رؤية الثلاّجة والفرن والطعام ، فقد قضى حياته في الظلام يتلمّس طريقه بين الأنفاق التُّرابيّة الصغيرة ، ولا يخرج إلى فضاء الدّنيا الا ليلًا للبحث عن طعام يحمله لصغاره


أمسك الفأر الخُلد المبهور وقاده إلى المائدة ، فما أن رآه صغار الفأر حتى انفجرت بالضّحك وأخذت تدور حوله مُستهزئة به تشُدّه من ذيله قائلة : مَنْ ضَرَبَكَ ؟!
صرخ الفأر بصغاره ووبّخهم على تصرّفهم المشين واعتذر للضيف ، ثمّ قدَّمَ له أطايب الطعام ، فأكل الخُلد مُجاملةً ، وهو لا يُصدِّق ما يرى ويسمع

تُرى هل هذه هي التربية الحديثة والحضارة التي حدّثه عنها صديقه الفأر ؟!
ودّعَ الخُلد صديقه الفأر ودعاه لردّ الزيارة مع صغاره غدًا ليلًا في بيته تحت الأرض ، وشدّد الخلد على أن يصطحب الفأر صغاره معه


وفي الليلة التالية لبس الفأر وصغاره أجمل الملابس ، وخرجوا في منتصف الليل نحو جُحر الخلد ، فوجدوه ينتظرهم مع صغاره هناك


رحّب الخُلد وصغاره بالضّيوف ودعوهم للدخول ، وكم كانت دهشتهم كبيرة حين وجدوا أنهم لا يروْنَ شيئًا ولا يُبصرون الطّريق، فكلّ شيء ظلام في ظلام


أمسك الخلد وصغاره بضيوفهم بأدب وقادوهم إلى حيث المائدة المتواضعة ، فقضوا الساعات الطويلة يأكلون ويمرحون ويغنّون حنّى ساعات الصّباح الأولى


ودَّع الفأر وصغاره مضيفيهم ، ليس قبل أن يعتذر صغار الفأر من الخُلد واحدًا واحدًا قائلين : " الآن عرفنا أنّ في البساطة تسكنُ الأخلاق وتعيش السّعادة


مقالات متعلقة

.