الناب سامي أبو شحادة في مقالته:
دولة الإمارات لم تكن مستقلة بقرارها السياسي منذ فترةٍ طويلة.
يمكننا أن نحوّل هذه الأزمة إلى فرصة كبيرة بإعادة المشروع الوطني الفلسطيني إلى الواجهة كمشروع تحرر.
سيطرت اتفاقية نتانياهو-بن زايد بشكل كبير على عناوين الإعلام العربي والعالمي في الأسبوع الأخير. كما أنها ستستمر في ذلك خلال الأشهر القريبة، حتى تبلغ هدفها الرئيس وهو خدمة ترامب ونتنياهو انتخابيًا. لا يوجد ما هو جديد بشكل كبير في هذا الاتفاق. حيث أن دولة الإمارات لم تكن مستقلة بقرارها السياسي منذ فترةٍ طويلة، كما أنها لم تحترم التزامها بما عُرف بمبادرة السلام العربيّة عام 2002، بالإضافة لهذا، فإن النظام الإماراتيّ لم يكن في حالة حرب مباشرة مع اسرائيل.
بموازاة هذا، نرى كثيرا من الكتابة حول هذا الاتفاق، التي تحتاج قراءة معمقة وتفصيلا في المستقبل، إلا أن ما أريد التشديد عليه هو ردود الفعل، المحبطة واليائسة الكثيرة، والتي تنعى الأمُة العربيّة والحلم القومي العربي بشكل دائم.
لا أعرف سبب خيبة الأمل من دولة الأمارات، قد يفهم من بعض ما يُكتب وكأن دولة الأمارات كان لها دور إيجابي ومؤثر على مستوى الأمة العربيّة، وبشكل مفاجئ تحولت إلى الاتجاه المعاكس.
خيبة الأمل هذه يمكن "التخفيف" منها عبر متابعة دور الإمارات والسعودية وبعض دول الخليج الأخرى في تدمير العالم العربي. فهل تدمير اليمن أو ليبيا أقل خيانةً من العلاقات الاقتصادية والعسكريّة مع ترامب ونتنياهو؟
دون شك، تراجعت القضية الفلسطينية والقضيّة العربيّة في السنوات الأخيرة، ولقد استفادت إسرائيل من هذا التراجع خاصةً مع وجود نتنياهو ورغبته في توسيع الاستيطان الذي يقصي الشعب الفلسطيني عن أرضه ووطنه، ويفضي إلى منعه عن حقه في تقرير مصيره.
إلا أن هذا التراجع لا يُرى في كل العالم العربيّ، بل إن المشهد في تونس والجزائر وغيرها، مختلف عما هو في الإمارات والسعودية.
أما على مستوى القضية الفلسطينية فلا يجب أن نتخوّف، فالمشروع الصهيوني هو مشروع عنصري في بنيته ومكوناته. وهذه العنصريّة متمازجة مع وقاحة إسرائيلية لا يمكن إخفائها أو تقبلها أو الاندماج فيها، فكل من يتوهم بأن الشعب العربي سيتقدم بطلب جنسيّة إلى تل أبيب بعد هذا الاتفاق البائس عليه أن يراجع نفسه. ذلك لسببين أساسيين وهما: أولًا: أن القضيّة الفلسطينية هي في قلب ووعي وضمير الأغلبية الساحقة من أبناء الأمة العربيّة.
ثانيا: إن عنصرية المشروع الصهيوني وشعوره البغيض بالاستعلاء على العرب، لا تتقبل العربي "كشريك لها في المنطقة" بل كتابع ومنفّذ لمشاريعها، وهذا ما لا يستطيع أي عربي لديه كرامة أن يتعايش معه.
إن من يعمل على نشر هذه التحليلات السوداوية وزيادة الإحباط واليأس يخدم بشكل كبير بوعي أو بدون وعي المشروع الاماراتي والسعودي.
لذلك، يجب التأكيد على أن الفعل السياسي، هو فعل يستمر في التطور والتغير بشكل دائم. ويمكن تغيير اتجاهه من خلال مشروع وفعل سياسي آخر.
وإن التطوّر السياسي، تاريخيًا، لم يكن أحادي الاتجاه، هنالك من الصعود والهبوط في تاريخ كل الشعوب والدول. هذه الأمة العربيّة، التي تعاني بشكل كبير جدًا في هذه الفترة، هي ذاتها التي أبهرت العالم كلّه في ثوراتها المجيدة في العقد الأخير من الزمن.
كثيرٌ منا ما زال يذكر الشباب التونسي والليبي والمصري والسوري وهم يهتفون للحريّة والديمقراطيّة ويحملون الأعلام الفلسطينية إلى جانب أعلامهم الوطنية.
يمكننا أن نحوّل هذه الأزمة إلى فرصة كبيرة نعمل من خلالها على إعادة المشروع الوطني الفلسطيني إلى الواجهة كمشروع تحرر، وهذا ما يحتاج إلى ترتيب البيت الفلسطيني وإعادة بناء منظمة التحرير، وهي عملية مرتبطة بالاتفاق على استراتيجية موحدة للنضال وعلى تقسيم الأدوار بحيث يأخذ كلٌ منا في الداخل وغزة والقدس والشتات الفلسطيني دوره في الحفاظ على الثوابت الوطنيّة وبناء برنامج عمل سياسي نستطيع من خلاله تحقيق أهدافنا ونيل حريتنا كشعب.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com