كانت ذكرياتي تتوارى
بين أنفاق القطار المستغيثةِ
والمساء المُبهمِ
حتى رجعتُ إلى بلادٍ أنجبتني
فاكتشفتُكِ في دمي
ووجدتها قد خبأت لي
في يديكِ
ملامح الزمن الجميلْ
أنت اختزال الذكريات جميعها
فيك المروج المطمئنةُ
والجداول والشوارعُ
والأحبة ساهرون
مع المساء الحالمِ
فيك انفعالات الطفولةِ والصِّبا
وحرارةُ النَزَق الملازم في الشبابْ
فيك استعادت ذكرياتي
روحها بعد انقطاعٍ
خلف أسوار الغيابْ
فيك الحياةُ استعادت
كل حروفها التي شُطبت
فعادت تملأ الفجوات
في جسد الكتابْ
ما أجمل الأوراقَ والصورَ
التي احتفظت بها أمي
لكي أحيا بها يوم الإيابْ
أمَّاهُ كوني مطمئنةْ!
أحفادُك الأبرار صانوا العهدَ
أشهدُ أنهم أدّوا الأمانةْ
أُمَّاهُ معذرةً على طول الغيابْ
لأجلك سوف أبقى عاشقاً ليديكِ
وعطرها الباقي
لكل ما صنعت على هذا الترابْ
ها قد رجعتُ إلى بلادٍ أنجبتني
فاكتشفتُكِ في دمي
أنتِ من لَمْلَمتِ ما بعثرهُ الزمانُ
على دروب مسيرتي
فغدوتِ أعظم مُلهِمِ
بيديكِ ضمَّدتِ الجراحَ
فكنتِ أروعَ بلْسَمِ
سأظلُّ في مرمى العيون لكي أرى
في وجهِكِ الوضَّاحِ نورَ الأنجُمِ
يوسف حمدان - نيويورك