قال الرئيس محمود عباس، إن قضية فلسطين تبقى الامتحان الأكبر للمنظومة الدولية ومصداقيتها.
وأضاف الرئيس في كلمة ألقاها اليوم الأحد، في الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة، "لا نطلب أكثر ولن نقبل بأقل مما أقرت به هذه المنظومة حقا أصيلا للشعوب كافة".
وأكد الرئيس أن الالتزام بالقانون الدولي الضمانة لتحقيق العدالة، وأن القانون الدولي لا يسقط بالتقادم بل يصبح ضرورة أكثر إلحاحاً.
وتابع الرئيس: في الوقت الذي يشتد فيه الهجوم من سلطة الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية على المنظومة الدولية وعلى قرارات الشرعية الدولية يزداد تمسكنا بهذه المنظمة التي تمثل حصناً للقانون الدولي وللعلاقات متعددة الأطراف في العالم.
وأكد الرئيس أن شعبنا الفلسطيني ما زال ينتظر من الأمم المتحدة إتمام مسؤوليتها الكاملة في تحقيق التسوية السلمية لقضية فلسطين وفق الشرعية الدولية.
واستعرض الرئيس الإنجازات التي حققتها فلسطين على المستوى الدولي، وقال: "بدأنا ومن خلال منظمة التحرير الفلسطينية بالحضور في الجمعية العامة للأمم المتحدة كمراقب عام 1974، وأصبحنا دولة مراقبا عام 2012، وسنواصل العمل لنيل حقنا في العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وفي العام الماضي تمكنا بنجاح أن نكون أحد رواد المنظومة الدولية في تحقيق التكافؤ بين الشعوب من خلال ترؤسنا لمجموعة الـ77+ الصين، كما انضمت دولة فلسطين للعديد من المعاهدات والاتفاقات الدولية.
واكد الرئيس أن دولة فلسطين ملتزمة بتعزيز حقوق الإنسان وســـيادة القانون وضمان دور أكثر فعالية للمرأة ودور أكبر تأثيرا للشباب.
وتساءل الرئيس: هل ستلتزم إسرائيل بالقواعد التي أقرها ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن؟. ألم يحن الوقت لإنهاء خرقها للقانون ومساءلتها عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بدلا من مكافأتها؟ .
وفيما يلي نص كلمة الرئيس:
تحتفل دولة فلسطين مع العالم اليوم بالذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة، نكن الاحترام لهذه المنظمة العتيدة وللمبادئ التي تأسست عليها، فلا يوجد منظمة دولية تعطي الأمل بواقع أفضل مثل الأمم المتحدة، نظراً لطابعها الدولي الفريد والصلاحيات الممنوحة لها لتحقيق مقاصد ميثاقها، وفي صلبه حق الشعوب في تقرير المصير. وفي الوقت الذي يشتد فيه الهجوم من سلطة الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية على هذه المنظومة الدولية وعلى قرارات الشرعية الدولية يزداد تمسكنا بهذه المنظمة التي تمثل حصناً للقانون الدولي وللعلاقات متعددة الأطراف في العالم.
عقد الشعب الفلسطيني الأمل على الأمم المتحدة، الشاهد التاريخي على نكبته، لتكون الداعم لنضاله المشروع من أجل حريته واستقلاله، وما زلنا ننتظر من الأمم المتحدة إتمام مسؤوليتها الكاملة في تحقيق التسوية السلمية لقضية فلسطين وفق الشرعية الدولية.
ومن المفارقة أنه في الوقت الذي كانت هذه المنظمة تضع ميثاقها، والمجتمع الدولي يعتمد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف، كان الشعب الفلسطيني يُسلب من كافة حقوقه التي نصت عليها تلك المواثيق.
شهدنا على مدار سبعة عقود شعوبا تتحرر ودولاً تستقل وتنضم للأمم المتحدة واحدة تلو الأخرى، وبقيت قضية فلسطين بنداً قائماً على جدول أعمال المنظمة، ليس لأن شعبنا متقاعس عن تحقيق حريته ونيل استقلاله، فشعبنا متمسك بحقه في تقرير مصيره، ومناضل ضد الاحتلال والاستعمار، ولم تحد بوصلته عن التحرير والاستقلال رغم تتابع المحن وخيبات الأمل. كما أن شعبنا أصيل وعريق ذو حضارة نفخر بها بين الأمم، لقد عمر بلداناً ونهض بمجتمعات في كل بقاع الأرض. ولكن الظلم التاريخي الذي وقع عليه لم يتوقف أبدا، بل يشتد يوما بعد يوم، وشعبنا يبقى صامدا في أرضه وفي الشتات.
لقد واصل الشعب الفلسطيني نضاله المشروع على الصعد كافة، فعلى المستوى الدولي، انتزع مكانته الطبيعية بين الأمم، فقد بدأنا ومن خلال منظمة التحرير الفلسطينية بالحضور في الجمعية العامة للأمم المتحدة كمراقب في عام 1974 وأصبحنا دولة مراقبا في عام 2012 وسنواصل العمل لنيل حقنا في العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. في العام الماضي تمكنا بنجاح أن نكون أحد رواد المنظومة الدولية في تحقيق التكافؤ بين الشعوب من خلال ترؤسنا لمجموعة ٧٧ والصين.
وأخذنا على عاتقنا تمثيل ثلثي شعوب العالم بكل وفاء واقتدار. كما انضمت دولة فلسطين للعديد من المعاهدات والاتفاقات الدولية، ونحن ملتزمون بتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون وضمان دور أكثر فعالية للمرأة ودور أكبر تأثيرا للشباب.
واليوم نتوجه بالامتنان لكل من يؤمن بعدالة قضيتنا ومركزيتها رغم تكاثر الأزمات والصراعات في العالم، ولكل من يقدم الدعم السياسي لنا انسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة، ولكل من يقدم المساندة الإنسانية والإنمائية لشعبنا ومؤسساته وللأونروا حتى تحقيق حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرار الجمعية العامة ١٩٤.
إن الإعلان الذي نعتمده اليوم بالإجماع ما هو إلا انعكاس لما تؤمن به دولة فلسطين، بأن الالتزام بالقانون الدولي هو الضمان لتحقيق العدالة، وأن ميثاق الأمم المتحدة يبقى الأساس لعالم أكثر عدلاً وسلاماً وازدهاراً، وأن القانون الدولي لا يسقط بتقادم الزمن بل يصبح ضرورة أكثر إلحاحاً.
يطالب الإعلان جميع الدول باحترام الميثاق والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، وبعدم التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة، فهل ستلتزم إسرائيل بهذه القواعد التي استمرت في انتهاكها على مدى سبعة عقود؟.
ألم يحن الوقت لإنهاء خرقها للقانون ومساءلتها عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بدلا من مكافأتها؟
السيدات والسادة،
تبقى قضية فلسطين الامتحان الأكبر لهذه المنظومة الدولية ومصداقيتها وما أقرت به حقا أصيلا للشعوب كافة، لا نطلب أكثر ولن نقبل بأقل.
ويبقى شعبنا عصياً على الانكسار والاندثار رغم الظلم الواقع عليه، وحتماً سينال مكانه الشرعي والطبيعي بين الأمم، حراً، كريماً، آمناً وكامل السيادة في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967.
كل عام والأمم المتحدة أقرب إلى الوفاء بميثاقها والالتزام بمبادئها وتحقيق مقاصدها. والسلام عليكم.