صدرت روايّة "المطلّقة" للكاتب المقدسيّ جميل السّلحوت قبل أيّام عن مكتبة كل شيء في حيفا، وتقع الرواية التي يحمل غلافها لوحة للفنّان التّشكيلي محمد نصرالله ومنتجها وأخرجها شربل الياس في 192 صفحة من الحجم المتوسّط
روايّة "المطلّقة، هي الجزء الثاني لرعن وايّة "الخاصرة الرّخوة"، التّي طرحت طريقة نظرة الفرد ومفهومه الخاطئ للدّين،وأثره على الحياة الزوجية، والتّي تمحورت في قصّة أُسامة وجمانة على وجه الخصوص، وبعد قراءتي لهذه الرّوايّة الإجتماعيّة التّي أمامنا، تساءلت ما هو الجديد الذّي طُرح في هذه الرّواية ،وما هي الأزمة التّي نتجت من كون جمانة وصابرين مطلقتان،ربما أراد الكاتب أن يثير حالة المطلقة في مجتمعاتنا العربيّة، ولفت الأنظار إلى حقّهنّ بالزواج مرة أُخرى وأنّهنّ كائن لا يحق لأحد أن ينعتهنّ بصفات غير لائقة أو يسبب لهنّ الأذى
واللافت في الرّوايّة أنّ الخلاف قائم منذ بدايتها حول طلب جمانة الطلاق من زوجها، ومحاولة الأهل إقناعها بالعدول عن رأيها وهذا شيء طبيعي، ورفض حماتها قرارها في البداية، وذهول زوجها أُسامة الذي يقف أمام مشكلته عاجزا أمام اتّخاذ القرّار
حصلت جمانة على الطلاق، وماذا بعد؟ هل تغيّر مجرى حياتها إلى الأسوأ؟ لم تتعرض جمانة لأذى يُذكر سوى من حماتها أمّ أُسامة صاحبة اللسان السّليط، فرياح المجتمع لم تضعها في سلّة الوجع، بل في حديقة الأمل والحب حيث استكمال تعليمها وزواجها من رمزي الذي ظهر كهديّة سريعة، أرادها مع طفلها، لم يسنح الكاتب فرصة للقارئ لمعرفة أوجاع المرأة بعد الطلاق، نفسيتها عاطفتها ومن الناحيّة الإجتماعيّة،بل كان كالمخلّص السّريع أدخلها سريعا للخطوبة، ولم يجعل القارئ يتفاعل مع جمانة كمطلقة من خلال حالة ما تؤثر(تمّ فقط ذكر، أنّه كانت جمانة في صراع بعدما عُرض عليها الزواج)، ولكنه جعلنا نتفاعل مع صابرين المطلقة وهي تتحدث عن وجعها ووجع مثيلاتها من النساء المطلقات، اللواتي ينفرنّ من الأزواج كبيري السّن
أشعل الكاتب الضوء،حول قضايا ثانويّة، لكنّها هامّة مثل،علاقة أمّ أُسامة العاطفية المهزومة مع زوجها، وقد انكشف هذا السّر بشكل مفاجىء للقارئ من خلال بوح أُمّ أُسامة للشيخ عديّ عن سرّها مع زوجها، وقد نجح الكاتب في صقل تصوير شخصيّتها في حالة جبروتها وانهزامها وانكسارها عاطفيّا، وقد استكمل الكاتب قضيّة المثليين التي طرحها في الجزء الأوّل،وفي نظري تلك المسألة تحتاج لروايّة بحدّ ذاتها، وليس حوارا عابرا، أو مكالمة هاتفيّة
جاءت الرّوايّة كسرد لخلافات إجتماعيّة وفكريّة وليست غريبة، تحدث بين الأزواج وتؤدّي إلى الطلاق، وقد كانت الأصوات متفاوتة في الرّوايّة، فهو عند جمانة بين نبرة عاليّة غاضبة، تستنطق العدل والفصل في حكم الطلاق، وبين وتيرة هادئة متزنة فيها السكينة بعد الطلاق، أمّا صوت أُمّ أُسامة فقد ظهر كرنين الجرس المتواصل لا يهدأ، يحمل الغضب متمثلا بالأمثال الصّارخة، ثم خفت الصّوت بعد توبتها، وتحوّل لناعم حنون
صوت أُسامة لم يتغيّر إلاّ قليلا، فهو صوت ضعيف مرتبك، متوتر إلاّ أنّه علا مرة واحدة
صابرين،صوت حزين فيه آثار خيبة وحسرة
أمّا صوت الطبيب فريد ورمزي فهي أصوات هادئة متزنة
صوت أبى أُسامة كان خافتا ثم علا فيما بعد
جاءت لغة الرّوايّة بالفصحى بلسان الراوي العليم، زاخرة بالحوار، سهلة،مشبعة بالأمثال الشعبيّة، وقد احتوت على آيات من القرآن الكريم
إنّ القارئ لروايات وقصص جميل السّلحوت،لا بدّ له أن يلاحظ من خلال السّرد إحتواء فقرة أو ما يزيد عن اضطهاد الفلسطيني من قبل الإحتلال بصوره المختلفة، أو تسليط الضوء على الماضي سواء النكبة أو النكسة، حتى لو كانت الرّواية ليس لها علاقة بالسياسة والوطن، وهذا يدلّ على أنّ قلمه لا يعرف السكينة والهدوء دون أن يبرق برسائل حزينة فيها صوت الوطن، وكذلك أبرق هنا برسائل عن النكبة ومضايقات الإحتلال للمواطن الفلسطينيّ حتى لو كان مريضا كوضع الأسير فارس زوج عائشة