اليوم عيد ميلاده الثامن، ومجد الصّغير والجميل العائد من المدرسة،
يُحضّر دروسه في بيت جدّه، وتفكيره يدور حول الهديّة الموعودة، التي سيأتي بها ابوه عندما يعود من عمله
وفجأةً سمع هدير طائرة في الجوّ، فترك كتبه ودفاتره وأقلامه ، وخرج مُسرعًا الى الشُّرفة يراقبها بلهفةٍ وشوق، ثُمَّ عاد متضايقًا وهو يقول
لجدّته :
متى سأركب فيها؟ متى؟ فأكثر من مرّةٍ وعدني أبّي أن يأخذني في رحلةٍ فيها ، كما أخذ صديقي ربيع أبواه ، ولكنّ هذا الأمر لم يحدث، فقد سافر هو وأمّي أكثر من مرّة وتركاني عندك وعند جدّي
عانقت الجدّة حفيدها بحنان ، وأخذت تمسح دمعة نزلت من عينيه
وقالت : دعكَ من ابيكَ يا صغيري ، فأنا وجدّك أيضًا لم نحظيا حتّى اليوم من ركوب متن الطائرة ، ولكنّني أعدك وعدًا صادقًا بأنّك ستركب بها وتطير معنا قريبًا فوق البحار والمحيطات والغيوم ؛ تطيرالى حيث الخُضرة الجَمال
رسم مجد على شفتيه بسمةً خفيفةً وقال :
كم أتمنّى أن يكون وعدكما أنتِ وجدّي غير وعد ابي !
فحدجته الجدة وصاحت : مجد
مجد
اتشكّ بوعودنا يا شقيّ ؟!
أمزح
أمزح يا جدّتي ، قالها وهو يركض ليفتح الباب
كم كانت دهشة مجد كبيرة حينما رأى على الباب أباه وأمَّه يبتسمان له ، فالوقت مُبكّر على عودتهما من العمل
ولكنّ الدهشة الكبرى كانت حينما لم يجدهما يحملان هديّة في ايديهما
كلّ عام وأنت بخير يا حبيبي ،قالت الأمّ وهي تعانقه بحرارة
وضمّه ابو المجد الى صدره وهو يقول : دمتَ لنا يا أحلى شابّ
جلس الوالدان على الكنبة ، بينما راح مجد يجلس مقابلهما الى جانب جدّته محاولًا أن يرسم على ثغرة بسمة ، فجاءت باهتةً بعض الشيء
قد تستغرب يا حبيبنا أنّنا لا نحمل لك هديّة في ايدينا كما العادة ة، ولكنّ الهديّة موجودة يا صغيرنا في جزدان أمّك الصّغير
جزدان امّيَ الصّغير !! قال مجد في نفسه
وفتحتِ الأمّ جزدانها لتخرج منه مظروفًا صغيرًا ، وتروح تفتحه ببطء وتقول : هديتك يا مجدنا ثلاث بطاقات سفر الى باريس ، مدينة الانوار والجمال
باريس قفز الطفل والفرح يغمره
باريس
اذًا سأطير هذه المرّة وقريبًا معكما
لا
لم تصدق يا صغيري قال الأب ، فلن نرافقك أنا وأمّك ، بل ستسعد برفقة جدّيْكَ ، فهما مثلك لم يركبا متن طائرة في حياتهما
ولم ينته الأب من كلامه ، وإذا بهدير طائرة يملأ الجوّ من جديد، فخرج مجد الى الشُّرفة ليعود بعد قليل يعانق تارة اباه وأخرى أمّه وثالثة جدّته والبسمة ملء فيه