رفض المشروع الفلسطيني من قبل الجامعة العربية كان ضربة خنجر في صميم القضية الفلسطينية وسيؤدي حتما الى وفاتها فيما بعد . بعد ان فقدت مصداقيتها وكان من المفروض على الجامعة العربة ان تقبل المشروع الفلسطيني دون ادنى التردد والتحفظ عليه لو كان ذلك القرار بيدها . واما لان قرارات الجامعة العربية تخضع اليوم للأسف الشديد لاصحاب البترو دولار الخليجية وعلى هذا الاساس كما يبدو رفض مشروع القرار الفلسطيني من قبل هؤلاء على الرغم من عدالة القضية الفلسطينية ومشروعها المقدم للجامعة التي يتضمن الرفض القاطع للتطبيع من قبل بعض دول الخليج مع اسرائيل واقامه جميع اشكال التعاون معها السياسة والاقتصادية والاعلامية وغيرها من العلاقات ولربما تحالف عسكري! كما رأينا ذلك جميعا البث المباشر على شاشات التلفزه الاسرائيليه ومقدمي البرامج المتلفزة كل من اطراف التطبيع الاماراتي والاسرائيلي وهما يقدما التهاني والتبريكات لبعضهم البعض لما حصل من اعتراف وتطبيع فيما بينهم...يقال بالعربي المحكي "بكرا بتنشف المي وبتبين البلاعيط" والبلاعيط هي : الديدان التي تبقى في المستنقعات والمياه الأسنة اذا ها هي البلاعيط تتكشف وتكشف عن الوجه الحقيقي لما كانت تتقمصه وجوه لبعض مسؤولي دول الخليج من مواقف سياسيه مخادعه مراوغه على حساب القضيه الفلسطينيه على مدار سنوات طويله مضت . اذا لنطرح سؤال بديهي لما حصل او ما اقدمت عليه هذه الدويلات ان هذه الدويلات لا وزن سياسيا لها ولا عسكريا ولا ديموغرافيا , اذا ما هي حجتهم؟ لا مكان لأي حجه كانت لهم مهما كانت علما انه ليس هنالك أي من الحجج تعطي مبرر لهذه الدويلات الاقدام على مثل هذه الطعنه الخنجريه الخيانيه في خاصرة القضيه الفلسطينيه . علما ان ليست اولى الجرائم او المؤامره الاولى التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني على مدار الصراع مع اسرائيل على ايدي الملوك العرب وان هذه الخطوه التطبيعيه من قبل هذه الدويلات ما هي الا خدمه وانصياع والخنوع لاصحاب البيت الاسود الامريكي ليس الا وعلى راسهم ترامب . وهذه الخطوه تشابه الى حد ما مواقف وخيانه الملوك العرب في نكبة 1948 بدليل عندما التقى ملك الاردن عبد الله بسنوات الخمسينات مع غولدامئير من القرن الماضي تقدمت له بطلب ان يسلم الاردن المثلث الجنوبي لاسرائيل بحجه ان يكون هنالك أي لاسرائيل رابط جغرافي ما بين المثلث والجليل؟!
وهكذا حصلت الخيانه العظمى للاراضي الفلسطينيه وللشعب الفلسطيني على ايد هؤلاء ممن يسمون انفسهم "ملوك العرب" فأن هذا ليس بغريب على تاريخ ملوك العرب الخياني للقضية الفلسطينية . وقد وصفوا بالأية الكريمة في سوره سبأ :"اذا الملوك دخلوا قريه افسدوها وجعلوا اعزه اهلها اذلة" . اذا التاريخ يعيد نفسه اليس ما هو الحاصل اليوم يعبر عن ماضيهم وتاريخهم الاسود؟ فهم يتامرون على وطن وشعب بأسره .
فالامارات والبحرين من حيث الواقع الجغرافي لم تربطهما اي علاقه جغرافيا بالمرة مع اسرائيل ولم تكونا يوما من الايام بحالة حرب او نزاع مسلح مع اسرائيل...هكذا كتبت الصحافه والمواقع الالكترونية العبرية مؤخرا وان القاده الاسرائليون يتشدقون ويتباهون ويتفاخرون امام وسائل الاعلام كم من المرات عقدوا اجتماعات مع قادة دول الخليج سرا . اذا فما الذي جعل هذه الدول تهرول بهذه السرعه في الارتماء والخنوع للادارة الامريكية والاسرائيلية يا ترى؟!
هل امريكا واسرائيل دبتا الخوف والرعب في قلوب بعض هذه الدول او كلها من دولة ايران "الشيعية" وان اسرائيل هي من ستحميكم مستقبلا من العدو الايراني المصطنع؟ هل اميريكا واسرائيل اقنعتا معظم دول الخليج وبما في ذلك السعودية وهي راس الافعى في الخليج ان ايران هي العدو وليست اسرائيل؟ الا يمكن ان تكون هذه الخطوة الاماراتية جاءت لخدمة ترامب ونتانياهو في معركتهم من اجل البقاء في سدة الحكم؟ الايام او الاشهر القليله القادمه بالتأكيد سوف تكشف لنا هذا فأن الامر اصبح واضحا وجليا بدليل ما جاء في خطاب الملك السعودي مؤخرا (الخطاب المشهور) . فالسعوديه راضية ومتفاعلة ومنغمسة في الهرولة وأن موقفها المتخاذل هو الذي جعل هذه الدول الارتماء والخنوع لاميركا واسرائيل فمن طبيعه الحال ان دولة البحرين تقع تحت النفوذ والسيطرة السعوديه منذ زمن بعيد وهذا له اكثر من دلالات ومؤشرات على الدور السعودي فيما هو حاصل في منطقه الخليج .
اذا عودة على ذي بدأ فأن هذه الجامعة العربية هي ليست من صنع وفكر عربي بالمطلق بل هي من فكر استعماري بريطاني منذ زمن بعيد أي بعد الانتهاء من الحرب العالمية الثانية في سنوات 1945 , 1946 . قرر وزير خارجية بريطانيا انذاك روتشلد ايدن واصبح فيما بعد رئيسا للوزراء ان يجمع الدول العربية تحت سقف واحد وذلك لكي يسهل السيطره عليهم جميعا والتحكم بمقدراتهم وخيراته ومصادره قرارهم السيادي منذ ذلك الوقت وحتى هذا اليوم .
وهذا ما هو حاصل اليوم بدليل ان هؤلاء اللذين يسيطرون على قرارات هذه الجامعه العربية تلك الدويلات الخليجية وطبعا لا ننسى الاهداف الذي كانت تصبو اليها بريطانيا ومعظم الدول الاستعمارية وذلك عبر وكلاؤها وعملاؤها الذي هي تقرهم وتنصبهم لكي يمثلوا وجهاتهم السياسية والاقتصادية وغيرها من ادارات الدولة حتى يومنا هذا ومن هنا اعتقد ان هذه الجامعة قد وصلت الى نهاية حتمية وجودها لانها اصبحت تدار وتسير من قبل اصحاب البترو دولار كما ذكرت سالفا .
فعندما وقعت في خطيئتها الكبرى ورفضت وبعناد المشروع الفلسطيني القاضي بأتخاذ قرار من قبل هذه الجامعة ضد الهرولة والتطبيع مع اسرائيل .
ان هذا الرفض الوقح للمقترح والمشروع الفلسطيني من قبل الجامعة العربية هو قرارا مميتا بحق نفسها لبقائها . وان عملية الفرز لا بد ان تحصل فان لم تكن اليوم فغدا لان العالم العربي اصبح اليوم عالمين.
الكاتب المحترم :
عوض حمود
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com