"إتّضح لي أنّ معظم اليهود لصوص، حراميّة. وأقول هذا الكلام عن قصد وببساطة ويؤسفني أنّه حقيقة. رجال مرج ابن عامر سرقوا.وروّاد الطّلائعيّين سرقوا. وذوو أبناء البلماخ سرقوا.ورجال نهلال سرقوا...و... الخ".
لو تفوّه بهذا الكلام الخطير أيّ انسان غير يهوديّ للاحقته تهمة اللاساميّة مدى الحياة، ونشروا عرضه على الأشواك، ولكن القائل هو دافيد بن غوريون، مؤسّس دولة إسرائيل، وأول رئيس حكومة فيها، والملقّب بالختيار تحبّبًا. وهذا الكلام مدوّن في بروتوكول حزب "مباي" في الجلسة الّتي عقدتها اللجنة المركزيّة للحزب في 24 تموز 1948 أي بعد شهرين فقط من إعلان إقامة الدّولة.
تسمّر شعر رأسي وأنا أقرأ اللقاء المثير مع المؤرّخ الاسرائيليّ الشّجاع آدم راز (هآرتس2 أكتوبر 2020) حول كتابه الجديد، "نهب أملاك العرب في خلال حرب الاستقلال"، هذا النّهب الّذي طال الأملاك العربيّة الفلسطينيّة المنقولة من طبريا شمالًا حتّى بئر السّبع جنوبًا، ومن يافا غربًا حتّى القدس الغربيّة شرقًا، مرورًا باللّد والرملة وحيفا وعكّا وصفد وغيرها من المدن والقرى الفلسطينيّة حيث نهب اليهود، مدنيّين وجنودًا، محتويات عشرات آلاف البيوت والحوانيت والمصانع والمعامل والآلات الميكانيكيّة والثّلاجات والسّيّارات والأدوات الكهربائيّة وأجهزة البيانو والطّاولات والسّجّاد والسّاعات والمجوهرات والكتب والملابس الثّمينة والملابس الدّاخليّة.. والمنتوجات الزّراعيّة مثل محاصيل البيّارات وكروم العنب وكروم الزّيتون وحقول القمح والشّعير والسمسم... ولم ينسوا زجاجات الشّمبانيا وعلب الكافيار في بيوت الأغنياء بالإضافة الى الممتلكات غير المنقولة مثل الأراضي والبيوت الّتي تركها سبعمائة ألف عربيّ تحوّلوا الى لاجئين!!
اقتبس آدم راز كلمات بن غوريون واقوالًا عديدة جدًّا من ثلاثين أرشيفًا في طول البلاد وعرضها فقد صرّح يتسحاق بن صفي، الرّئيس الثّاني لدولة إسرائيل: أنّ يهودًا "محترمين" شاركوا في النّهب ورأوا فيه أمرًا طبيعيًّا ومسموحًا، كما أنّه رأى أنّ هذا النّهب تقوم به جماعات منّظمة وأفراد وتحوّل الى ظاهرة عامّة فالنّاهبون ينقضّون على الأحياء المهجورة مثلما ينقضّ الجراد على حقل أو بيّارة. ويقول حاييم كرمر "من البلماخ" "هجم يهود طبريا على البيوت العربيّة مثل الجراد" وأما يوسف نحماني فيقول: هجمت الجماهير اليهوديّة في طبريا وبدأوا بسلب الحوانيت والبيوت العربيّة الّتي كانت لجيرانهم وكان سباق في السّرقة بين أقسام مختلفة من الهجناه الّذين جاءوا بسيّارات وقوارب وحمّلوها بالثّلاجات وبالأسرّة وغيرها...
يقول زئيف يتسحاقي أحد الجنود الّذين احتلّوا حيّ الحلّيصة في حيفا "كانوا يحاربون ويحتلّون بيد واحدة ويسلبون ماكنات الخياطة وأدوات الكهرباء والملابس باليّد الثّانيّة" وأمّا يوسف نحماني فيقول أيضًا "شيوخ ونساء، لا فرق في الجيل أو المركز الاجتماعيّ، علمانيّين ومتدينيّن، انشغلوا في السّلب والنهب ولا أحد يمنعهم".
ويقول المقدسيّ يئير غورن" رجال ونساء وأولاد يتراكضون مثل الفئران المسّممة يبحثون عمّا يسرقونه. وكانوا أحيانًا يتشاجرون على غرض ما وتسيل دماء البعض منهم".
وأمّا دافيد سنطور، رجل الجامعة العبريّة فيصف ما شاهده "عندما تمّر بشوارع رحافيا ترى في كلّ خطوة شيوخًا وشبّانًا وأولادًا عائدين من حيّ القطمون وأحياء أخرى يحملون الثّلاجات والأسرّة أو يحملون أكياسًا مملوءة بالحاجات المسروقة مثل السّاعات والكتب والملابس."
ويشهد الياهو اربل، ضابط في فرقة عتسيوني انّه شاهد جنودًا يسيرون متلفّعين بالسجاجيد العجميّة الّتي سرقوها.
يرى ادم راز أنّ قادة إسرائيل سمحوا للنّاهبين أن يفعلوا ما يشاؤون بدون ازعاج كي يجسّدوا عمليّة تفريغ البلاد من سكّانها العرب من ناحيّة ويتحوّلوا الى مجرمين وشركاء في العمليّة السياسيّة الّتي تتنكّر لعودة العرب الى بيوتهم ومدنهم وقراهم من ناحية ثانيّة.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com