الصدق في القول مطلوب من كل إنسان يتمتع بكامل قواه العقلية والفكرية، والإنسان غير الصادق تقل هيبته في المجتمع الذي يعيش فيه، خصوصاً إذا كان منتخب جمهور. هناك مثل شعبي فلسطيني يقول:"المكتوب بنقرا من عنوانو". والمقابلة التي أجراها الزميل فايز شتيوي في برنامج "مواجهة" في الثامن من هذا الشهر، مع الدكتور منصور عباس عضو الكنيست عن الحركة الإسلامية (الجنوبية) فيها مغالطات وردت على لسان عباس، ما يكفي للشك في مصداقية "سعادة النائب" برده على كثير من الأمور التي طرحت خلال المقابلة، التي تظهر بوضوح أن الزميل شتيوي حشر ضيفه في أكثر من زاوية.
يقول النائب عباس أنه "رئيس القائمة العربية الموحدة". أين هذه القائمة؟ لا يوجد في الوقت الحاضر قائمة بهذا الإسم. ولتذكير النائب عباس، فإن هذه القائمة التي يتحدث عتها، هي اسم لتحالف سابق لعدة أحزاب وليس إسماً محتكراً للإسلامية الجنوبية. كما أن "القائمة العربية الموحدة" غير مسجلة رسمياً لدى مسجل الأحزاب، لأن الأحزاب التي كانت مشاركة في هذه القائمة قد انسحبت منها. وقد أكدت لي قيادات هذه الأحزاب أن منصور عباس لا يجوز له مطلقاً اعتبار نفسه رئيساً لقائمة تحمل هذا الإسم، والحزب المسجل رسمياً للحركة الإسلامية (الجنوبية) هو "حزب الوحدة العربية" ومنصور عباس يعرف ذلك.
الغريب في الأمر، أن منصور عباس يدعي في المقابلة بأن الإسلام هو مرجعيته. تعالوا لنضع النقاط على الحروف: هل مطالبة عباس للذين لا يريدون التصويت في انتخابات الكنيست بتسليم الهوية، هو استناد إلى الإسلام؟ وهل الموافقة على قرارات للكنيست تأتي حسب مرجعية إسلامية؟ علماً بأن الكنيست هو مؤسسة تشريعية قراراتها بشكل عام ليس لصالح العرب.
لكن والحق يقال ان منصور عباس محق في قوله :" علينا عدم استغفال الجمهور" ولكن يا دكتور منصور أليس انتحال صفة رئاسة لقائمة غير موجودة هو استهتار بعقول الجماهير؟ ثم لماذا تحكم على "التجمع" غيابياً وتقول انه لو شارك في جلسة الكنيست لصوت لصالح "المثليين"، فهل تعلم أنت بالغيب ؟ أنا لست هنا في موقع الدفاع عن التجمع، ولكن في صدد تفنيد اقوال لك تدعو للشك بها.
أمر آخر لفت انتباهي وهو مقارنة الكنيست بالحج والعمرة. فقد ذكر عباس في المقابلة:" ذهابنا للكنيست ليس للحج والعمرة". أنا بشكل عام ضد هذه المقارنة، وشيء مؤسف أن تصدر من قيادي في "الإسلامية الجنوبية". لكن"التمني" قاسم مشترك بين الذي يقف في الكنيست وبين الواقف بين يدي الله خلال الحج والعمرة. ففي الديار المقدسة يتمنى الإنسان ويتضرع إلى الله ليغفر له خطاياه، وينفق من ماله هناك، بينما أنتم يا سعادة النائب في الكنيست تتضرعون إلى الله ليبقيكم فيها لتتقاضوا الأموال.
الزميل فايز شتيوي طرح على عباس سؤالاً يتعلق بلجنة مكافحة العنف في الكنيست، والتي يرأسها هو شحصياً : "انت تعترف بأنكم فشلتم في هذا المحال" هنا حاول عباس أن يلف ويدور ولم يقل "نعم". بل قال :" إنو الإنسان يكابر ويقول نجحنا فإن النتائج تكذب ذلك". وهنا قاطعه الزميل شتيوي قائلاً: "أنت أخذت على مسؤوليتك العمل بهذا الملف، وأنت استلمت خطة خماسية شاملة من الحكومة وقمت بتسليمها متأخراً لشركائك في المشتركة وانتقصت 30 صفحة من الخطة التي كانت تتضمن 80 صفحة. تصوروا ماذا كان رد عباس:" واضح أن معلوماتك مش دقيقة لكنها غير خاطئة كلياً" ما هذا يا دكتور؟ المعلومات إما أن تكون خاطئة أو دقيقة ولا يوجد بين بين. وحاول عباس إبعاد اللوم عنه بالقول:" أن أول 30 صفحة ليس جزءأً من الخطة. وهنا قاطعه الزميل شتيوي بالقول:" أنت سلمتها بعد أسبوع لشركائك ومنقوصة ثلاثين صفحة. وظل عباس يتلاعب في الكلام محاولاً إقناع محاوره بموقفه، ولكن دون جدوى.
وحاول الزميل شتيوي أن يفهم منه مغزى البيان الذي أصدره ويقول فيه: "نحن نعي الفرق بين خدمة الوطنية وخدمة الشعارات". ثم كرر الزميل شتيوي السؤال "من هو المقصود في البيان"؟ فأجابه عباس بطريقة لف ودوران دون ذكر الإسم، وعلى طريقة فسّر الماء بعد الجهد بالماء، بالقول:" المقصود أولئك الناس الذين يعتقدون بأن خلاصة العمل السياسي أن أقف وأحمل شعارات وأصيّح". ما هذا يا دكتور منصور؟ لماذا لا تجرؤ على تسمية الطفل باسمه؟ مرة أخرى يقاطعه الزميل شتيوي: "البيان ضد مين؟ ضد الجبهة؟" ولم يكن لدى عباس الشجاعة ويسمي الجهة التي هاجمها في البيان.
وإذا كان الإسلام مرجعيتكم في الكنيست كما تدعي، فإن الإسلام يدعو إلى قول الحق والجرأة في إبداء الرأي، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وما أكثر الشياطين في مجتمعنا.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com