يَجتاحُ الخريفُ بأوراقهِ الصّفراءْ
المُلطّخة بالدّماءْ
دّماء الذّكرى البعيدة السّوداءْ
الرّاحلة بين طيات الزّمن المردّد للنداءْ
يعيد شريطه للوراءْ
يعيدنا محطّات ومحطّات ويجرّد الفكر من الرداءْ
على عتبات موسمه تتلبّد السّماء غيومًا
بسخاءْ
سحبٌ كالقوافل بالبيداء،عيسٌ بمقلها رجاءْ
أوراقه الصفراء عبرات حارقة تكوي الوجنتين
وكيف لنا نهرب منها بدهاءْ؟؟
مشوبة بذكرى ايام سوداء وشقيقتها بيضاءْ
أرجوحة الزمن تقذفنا الى أعالي السماءْ
يعيدنا لارضِ الرّوحِ الجرداءْ المكتظّةُ بالصّخباءْ
هواء هواء
هواء يداعبُ الأرجاءْ
يوقظ بصفيره حنين روائح القهوة السمراءْ
يتخلّل ضفيرة الطّفولة المجدولة بأعماقنا بذكاءْ
يطير بنا للزعتر وجبل النّار وخبز الطّابون
برحلة بين الأسوار والصّرخات والهتافات
من اعالي الاشجار،والزيت الذي يملأ الجرار
والطابون بدخانه المسافر كالقطار
عبق الماضي يلبسنا كل موسم كالغطاءْ
حَبٌّ فيه شفاء من كلِ داءْ
مبارك من رب السّماءْ
زيوته قناديل تضئ دياجير الصّحراءْ
أيها الخريف تداعب الفنن
كمداعبة الحبيب للغيداءْ
تلسع جلودنا ببرودة كلسعة الرَّقطاءْ
نسائمك في السّحر كالسّفراءْ
تبشّر بعودتك،فيجلجل زئيرك بالعراءْ
مغموسة أوراقك بغبار شجر الزّيتون في منقار ورقاءْ
الرِّياح تقود غيومك،أبيض ورمادي كلوحة الفسيفساءْ
حاملة الرِّهام والرّذاذ بسخاءْ
جيش بربريّ يجتاح الارض يضربه كالأعصار
كالجراد بالحصيد يبقيه أرض جرداءْ
دوّاماتك تهجر البلّان، كرات تتدحرج في الخواءْ
بلا هدف بلا مستقرّ على وجه الرَّخَّاءْ
تقسم أعمارنا بين خريف وربيع
سعداءْ وأشقياءْ
معك أيّها الخريف تتجرد الارض لتلبس
ثوب عرسها وجميل الرّداء في موسم
تغرد الطير فيه سيمفونيّة الهناء
معك تجود بيّاراتك بخير العطاء
وتحمرّ وجنتيّ الرُّمان فيك وتحمرّ الشّفاه
موسم بأنامله سحر،مسكون بسكينة وضوضاء
تعود بكل عام تثير التّراب تحت الحصباء
الطّيور فيك تجيب النّداء وتقدم قرابين الولاء
أيها الخريف أجلب معك بشاير وأبعد عنّا البلاء
واملأ أفئدتنا بالسّراء