المرحوم شاكر إبراهيم خطيب، ابن بلدة شعب الجليلية، شاعر فلسطيني مبدع أصيل، ملتزم بقضايا الوطن وهموم الناس، ولكنه مغبون في حياته ومماته على صعيد النقد والدراسة.
كان إنسانًا مثقفًا، ورجلًا شجاعًا، ومربيًا مخلصًا لرسالة العلم والتدريس، وتجسد فيه صوت العقل والتنوير، وصوت المثقف الحُر، ويعتبر شاعر الوطنية الحقة.
أشغل شاكر معلمًا في المدرسة الإعدادية ببلدته، وعرف بشخصيته الاجتماعية والتربوية والأدبية وبمواقفه السياسية الراسخة، ونشط في سبيل تقدم قريته ورفع مكانتها، ثقافيًا وسياسيًا واجتماعيًا، وعمل على نشر الثقافة الوطنية والارتقاء بالأدب الفلسطيني من خلال نشاطه في مؤسسة الأسوار العكية.
وشارك شاكر في الكثير من المهرجانات الأدبية والثقافية، وله كم هائل من الإنتاج الشعري الإبداعي والمقالات الأدبية، ونشر الكثير من قصائده في صحيفة " الاتحاد " الحيفاوية العريقة.
أصدر ديوانيين شعريين في العام 1999، هما: " قصائد غاضبة "، و " درس في العشق".
وفي العام 2010 لقي مصرعه إثر تعرضه لحادثة إطلاق رصاص وهو في بيته.
تمتع شاكر خطيب بثقافة متنوعة، انعكست دون شك على كتاباته الشعرية والأدبية، وقد مزج بين الفن والشعر والموسيقى والفكر في بوتقة واحدة.
شاكر إبراهيم خطيب شاعر مهموم ومثقل بالهم والوجع الفلسطيني والهم الإنساني، ومن الملامح البارزة في شعره تعدد أغراضه وموضوعاته وعناوينه التي تتراوح بين الوطنيات والوجدانيات والرومانسيات والاجتماعات.
ومن يقرأ نصوصه الشعرية يستشف ويلمس بشكل واضح أن حب الأرض والوطن والطبيعة والجمال والمرأة وعذابات الإنسان والقضايا الوطنية والسياسية، طوابع تغلب على الكثير منها.
قصائد شاكر خطيب تقطر حزنًا ودمعًا وفرحًا وحياة وعشقًا وحبًا ممزوجًا بالمعاناة والكبرياء والألم، والشعر عنده هو لغة العاطفة والوجدان والخيال، يعبر من خلاله عن همومه الشخصية والذاتية والعامة، ويترجم مشاعره الوطنية، وأفكاره وآرائه تجاه القضايا الاجتماعية والسياسية.
وما يميز قصائد المرحوم شاكر خطيب الديباجة المصقولة، والنغم الهادئ الرصين، والجرس القوي المتين الصافي، والكلمة الأنيقة المنتقاة، والخيال الشعري الخصيب، والصورة الشعرية العميقة المبتكرة التي تقترب من الواقع الحياتي، بل تعيش في صميمه، فضلًا عن الإيحاءات والألفاظ الحية التي تنبض بالرقة والعذوبة والنصاعة وجمال التعبير وصناعة في منتهى الروعة وغاية الدهشة.
بالإضافة إلى ذلك فإن قصيدته تتميز بالجرأة والمغامرة والتمرد والغضب، وبالتحديث والتجديد المستمر في اللغة والأشكال والمضامين الشعرية.
ومن قصائده الرقيقة الطافحة بمشاعر الحب والعشق، اخترت هذه القصيدة الوجدانية المفعمة بالصدق والطلاوة والحس المرهف والنبض الوجداني والعاطفة الحارة:
دعي الأقدارَ تعبثُ بالمآقي
فتربكها إذا عزَّ التلاقي
وتُثخنُ في صميم القلب جرحاً
فيمحو الطعنُ آثار العناقِ
وتشعل حرقةً أعضاء جسمٍ
فيمسي الهجرُ عنوانَ السباقِ
وتبعدُ من فلول الفكر ذكرى
لتسلبَ من مخيلتي رفاقي
وتطعنُ صدريَ المسلوب سهماً
ليصبحَ حلوُهُ مرَّ المذاقِ
معذبتي أطعتِ الأهلَ خوفاً
تركتِ الودَّ ملهى للنفاقِ
نكثتِ بعهدنا وصدقتُ وعدي
فآلمني بأن شُدّتْ وثاقي
وبعتِ مودّتي وسددتِ دربي
جعلتِ الصمتَ ميلاد الفراقِ
فعشتُ معذباً وهناً حزيناً
يؤرّقُني التمركزُ بالطباق
وأتعبني ظلام الليل قسراً
ولهو الناس بالفكر المعاقِ
يمرمرني اسوداد القلبِ حيناً
وتُؤلمني ال حياة بذي النطاقِ
فإما تعلني صدقَ النوايا
يتوجُهُ قبولك للصداقِ
ويبدي قلبك المكلوم وداً
وتمشي العينُ في نفس السياقِ
لنظهرَ للورى زوجا أنيقاً
ويعلو حبُّنا ظهرَ البراقِ
ويكبرُ عشقنا يوماً فيوماً
يهدهدُنا كما الخمر العتاقِ
وننعم في الدنا ودا وحظاً
بمفخرة كما الأيل الرشاق
شاكر إبراهيم خطيب كتب الشعر باكرًا، وأحب موسيقاه وعروضه وقوافيه، ورحل أيضًا مبكرًا بعد أن قتلته الرصاص الغادرة، تاركًا غيمة في الأفق الجليلي، وبشاعريته سيزحزح من مكانها في السماء، وسيبتسم كي تتسلل الشمس إلينا.