قبل الغزو الامريكي للعراق عام 2003 ، كنا نسمع بالتحالف الشيعي الكردي لمقاومة نظام الحكم السابق . ولكن بعد مايسمى بتحرير العراق تبين لنا ان هذا التحالف
يتشكل من الاحزاب الدينية الحاكمة والحزبين الكرديين في كردستان العراق .
وقد كان من مخرجات هذا التحالف العمل على جعل العراق دولة اتحادية تضم اقاليم . وتم تثبيت ذلك بالدستور العراقي عام 2005 الذي نص في المادة 116:- (يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة واقاليم ومحافظات لامركزية وادارات محلية.) كما نصت المادة 117 /ثانيا:- (يقر هذا الدستور الاقاليم الجديدة التي تؤسس وفقاً لاحكامه .)
وفي المادة (48) الباب الثالث الفصل الأول من الدستور تم النص على مجلس الاتحاد . (( تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد )) . ومجلس الاتحاد يضم ممثلين عن الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم .
وفي عام 2014 أكد نائب الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن ، أن الولايات المتحدة تدعم نظاما فيدراليا في العراق، كوسيلة لتجاوز الانقسامات. حيث يؤيد بايدن خطة تقضي بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق تتمتع بحكم ذاتي: للشيعة والسنة والأكراد .
ولم تنفذ هذه الخطة في حينه لانشغال العراق في حرب الدولة اللااسلامية داعش المجرمة .
لكن هذا الموضوع طرح مجددا ، حيث نسمع الان من ينادي باحياء الاقليم السني من قبل سنة السلطة ، اوسنة ايران .وهم الساسة الذين يدعون تمثيلهم للسنة جزافا . ويتحدث هؤلاء عن أن سبب اللجوء إلى هذا الخيار هو التخلص من المليشيات المسلحة التي تسيطر على المدن المحررة والتي تمنع إعادة إعمارها ايضا .
كما نسمع ايضا عن تحالف مرتقب بين هؤلاء الساسة والكورد باتجه تحقيق اهدافهم في انشاء الاقليم السني .
وهذه الاخبار تعيد الى الاذهان المشروع القديم الحديث في تقسيم العراق الى اقاليم . فمن له مصلحة في هذه المشاريع المفتتة للدولة العراقية .
ان الاحزاب والكتل الحاكمة في العراق على مختلف اتجاهاتها تحاول خلط الاوراق من خلال طرح مشاريع تآمرية لقطع الطريق امام نهضة الشعب وانتفاضته ضد اساطين الفساد والتخريب المتعمد . كما ان قوى محلية واقليمية ودولية تسعى لاضعاف الدولة في العراق بشتى الوسائل والسبل، حيث ان عراقا قويا موحدا لايخدم مخططاتهم التي رسمت لجعل العراق دولة فاشلة . وكل الدلائل تشير الى ان العراق قد اصبح "من غير الاقاليم" ، عبارة عن دويلات المدن او دويلات الاحزاب ، التي مازالت مستمرة على نهب الثروات ، ومن مصلحتها بقاء الاوضاع على ماهي عليه .
الا ان الوعي الشعبي وما افرزته انتفاضة تشرين الباسلة من قوة قد اقضت مضاجع هؤلاء الطفيليين الذين يتغذون على دماء الشعب العراقي من شماله الى جنوبه . وباتوا يتفننون في رسم الخطط والمؤامرات لضمان استمرارهم في النهب والسلب .
ان الشباب العراقي الواعي في انتفاضته المستمرة لن يقبل باقل من عراق موحد وقوي ، وهو يسعى لتغيير الاوضاع القائمة ، واعادة اللحمة الوطنية .
وقد ادرك كل المخلصين من جميع الطوائف والقوميات ان وحدة العراق وقوته هي وحدة وقوة جميع مكوناته ، وان محاولات التقسيم وتفتيت الدولة العراقية التي باءت بالفشل سوف لن تنجح ، رغم استمرار المؤامرات الداخلية والخارجية للنيل من وحدة العراق ارضا وشعبًا.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com