يوم أمس ... العاشر من نوفمبر من هذا العام ، رحل أحد شهود التغريبة الفلسطينية و القادة الفلسطينين الأوفياء ، إحدى القلائل الذين اعتلى المنابر السياسية و الأكاديمية و الثقافية معاً ، حيث الدكتور صائب عريقات أكثر الأكاديميين الفلسطينين من وظف علمه و بحثه العلمي في خدمة القضية الفلسطينية، و موائمة فكره لأهداف التحرر من أقذر احتلال عرفته البشرية على مر التاريخ ، اقترن ذلك الرحيل قبل يوم واحد من اقتراب ذكرى استشهاد الخالد ياسر عرفات ، حيث وحدة المصير مع أبو عمار و عرفاتية الدكتور صائب عريقات المشهود لها عند القاصي و الداني، تتُقربنا من رصد لتلك الشخصية الفلسطينية على المستوى الاكاديمي و السياسي ،الأهم من ذلك الخصلة الإنسانية التي كان يتمتع بها و هي في أسمى صورها ، يحسب لهذا الرجل عذوبة لسانه و وفرة العطف و الحنان على أبناء وطنه الفلسطيني و العربي و كل أحرار العالم ، حتى من اختلفو معه الرأي من الفلسطينيين في كيفية الانعتاق من هذا الاحتلال الغاشم ، و إن كان انتقاد البعض له قاسٍ و قاسٍ جدًا ، كان دافئ القلب معهم ، كان نعم المحب لخصومه و ليست عنده ذرة حقد هناك و هناك ، لكن على المستوى السياسي و الاشتباك تفاوضياً مع العدو الصهيوني كان صلباً جداً و عنيداً في المحافظة على الحقوق الفلسطينية ، حيث كان الدكتور صائب أحد الركائز الوطنية في السياسة الفلسطينية ، التي شكلت بؤرة الرفض في مقاومة المخططات الاقليمية و منها صفقة القرن ، و كان احدى القلائل العرب ذات الأفق النير ، لم يهادن او يتهاون قيد أنملة في صد السياسة الأمريكية في الآونة الأخيرة ، التي كانت تستهدف القضية الفلسطينية برمتها من طمس للهوية الوطنية و التنازل عن القدس الشريف ، حيث كان حجر الزاوية في قطع العلاقات الفلسطينية الأمريكية بسبب الوقاحة و البلطجة الإمبريالية في المنطقة العربية.
اما على المستوى الأكاديمي فحدث عنه بكل شرف ، كان أرشيف فلسطين المتحرك بما تعني تلك الكلمة من عمق في تكامل بنيته الأكاديمية و دراسته في أعتى الجامعات العالمية المرموقه و نيله الدراجات العلمية المتقدمة التي أهلته أن يدافع بكل قوة و حجة و شكيمة على المنابر الدولية ، كان دائماً يتغلب بسلاسة في كل المناظرات العالمية على المنظرين الصهيونيين و من يدور في فلكهم في عملية كي ممنهجة للرواية الصهيونية و تفريغها من مضمونها ، التي كانت تلعب فيه دور الضحية و المظلومية و تعريته لهذا الكيان و إحتلاله الغاشم على أرض الرسالات و السلام التي كانت تسمى و مازالت و سوف تسمى بعد رحيل الدكتور صائب فلسطين كل فلسطين ، ستذخر الذاكرة الفلسطينية بمزار آخر إسمه صائب البار الذي سكن قلوبنا و ضمائرنا ، حيث ما نخشاه أن تبكي فلسطين أبناءها الشرفاء الأبرار قبل أن يبكوها رجالها العظماء ، رحم الله شهدائنا و الصبر و السلوان لنا .