تنفس الصعداء بعد أن أنهى بنجاح عملية جراحية لطفل يبلغ الرابعة من عمره
لقد استنفذت العملية الكثير من طاقته الجسدية والنفسية
فإجراء جراحة في الجمجمة، عملية لا تخلو من المجازفة
ماذا لو نجحت العملية وأصيب أحد الأعصاب بعطب كعصب الرؤية مثلا أو ذاك المسؤول عن تحريك الأطراف السفلى من الجسم، أو
مهما كان الجراح ماهرا، هناك دوما احتمال لحدوث أمر طارئ قد يفاجئه أثناء عمله، قد يتعلق هذا الأمر به أو بالمريض أو بغيرهما
لا شيء مضمون في غرف العمليات الجراحية، ومجرد التفكير باحتمالٍ طارئ أو بالضرر الذي سينجم عنه، يضع الطبيب والمعالج حتما في وضع لا يحسدان عليه
خرج الدكتور خالد من غرفة العمليات، أسرعت إليه إحدى العاملات في مكتب الاستقبال في المستشفى لتخبره بأن زوجته كانت قد هاتفتها قبل دقائق، وطلبت التحدث إليه في أمرٍ هام
شكرها الدكتور خالد وأخبرها بأنه سيفعل
تابع طريقه نحو غرفة الطفل الذي أجرى له العملية الجراحية، بعد أن نقله الممرضون من غرفة العمليات، بعد أن زال مفعول المخدر، الى غرفة أخرى في المستشفى لمتابعة العلاج
دخل الدكتور خالد غرفة الطفل ليطمئن على وضعه قبل أن يعود الى بيته
كان عليه أن يعود الى بيته في هذا اليوم عند الخامسة مساءً، لولا عويل سيارة إسعاف توقفت أمام غرفة الطوارئ في المشفى الذي يعمل فيه قد منعته من ذلك
كانت سيارة الإسعاف قد نقلت طفلا بعد أن تعرض لحادثة دهس، كادت أن تودي بحياته
على عجلٍ تمّ استقباله، وبعد معاينة وضعه، تقرر أن حالته تستدعي نقله لغرفة العمليات لإجراء عملية جراحية عاجلة، هي من تخصص الدكتور خالد
نظر الدكتور خالد الى وجه الطفل وتذكر ابنه الذي يجايله، رقّ قلبه، أمسك بيد الطفل، تحسسها بلطف، رفع رأسه نحو الأجهزة الموصولة بجسم الطفل، قرّر أن يمكث بجانبه بعضا من الوقت ما دامت حالته تستوجب ذلك
انهمك بتقديم العلاج للطفل، وما بين مراقبته لأجهزة التنفس، ونبض القلب وبين قياس الضغط والحرارة، نسي الاتصال بزوجته
مضت ساعة، اطمأن الدكتور خالد على مريضه، أمسك هاتفه الذي أغلقه منذ دخوله غرفة العمليات، واتصل بزوجته
ذهل لسماعه بكاءً مريرا يقطّع نياط القلب على الطرف الآخر، كانت زوجته تجهش بالبكاء دون توقف، كانت تبكي بحرقة ابنهما، ابن الأربع أعوام، وقد فارق الحياة في عيادة الحي