تقرير جديد لـ "ييش دين" و"أطباء لحقوق الإنسان" و"كسر الصّمت":
صدمة وأرق شديد وتبول لا ارادي في الليل: تَبعات الاقتحامات العسكريّة لبيوت فلسطينيّين في الضفّة الغربيّة
بيان إعلامي - يكشف تقرير مشترك لمنظّمات "ييش دين" و"أطباء لحقوق الإنسان" و"كسر الصّمت" عن الممارسات العسكريّة لاقتحام بيوت فلسطينيّين في الضفّة الغربيّة، وعن تَبَعات وإسقاطات ذلك على الصحّة النفسية لدى الفلسطينيّين. ويستند التقرير إلى 158 شهادة أدلى بها فلسطينيّون عايشوا الاقتحامات لبيوتهم في السّنوات الأخيرة، وإلى 31 مقابلة أجراها مختصّون في الصحّة النفسية مع عائلات فلسطينيّة، وإلى 45 مقابلة أجريت مع جنود وضُبّاط إسرائيليّين شاركوا في حملات اقتحامات البيوت.
يتّضح من تحليل الشّهادات أنّ الجنود أمروا في 88% من الحالات أفرادَ البيت، ومن ضمنهم الأطفال، بالتّجمّع في غرفة واحدة حيث مكثوا تحت الحراسة. وأفادت 30% من الشّهادات بتهديد أفراد البيت بالسّلاح، وفي 25% من الحالات أفيد بأنّ الجيش يلجأ إلى القوّة الجسديّة أو العنف في إطار اقتحام البيت. وقالت 64% من العائلات الفلسطينيّة التي أدلت بشهاداتها في التقرير، إنّ الجنود اقتحموا بيوتهم أكثر من مرّة واحدة، فيما نُفّذتْ 88% من الاقتحامات في أثناء الّليل. وتُجرى كلّ عمليّات الاقتحام من دون أمر قضائيّ ومن دون رقابة قضائيّة أيًّا كانت.
إلى جانب ذلك، يُحلّل التقرير تأثيرات اقتحامات البيوت على الحالة النفسية للفلسطينيّين الذين اُقتُحمت بيوتهم. ويتّضح من هذه النتائج أنّ البالغين الذين عايشوا اقتحامات لبيوتهم بلّغوا عن عوارض ما بعد الصدمة (ݒوست تروما) والقلق الشديد (الاضطراب النفسي). وبرزت بشكل خاصّ إفادات تتعلّق باضطرابات النوم، واليقظة المُفرطة التي تنعكس في صعوبة البقاء هادئًا، وبالاستنفار الدائم. وبُلّغ أيضًا بوجود عوارض اضطرابات النوم واليقظة المُفرطة لدى الأطفال والشبيبة، إلى جانب وجود عوارض القلق الشّديد وزيادة التعلّق بالوالديْن، وظهور السلوكيّات العدائيّة والتبول الليلي.
يستعرض التقرير كذلك أحكام وأوامر التشريعات العسكريّة التي تضبط هذه الممارسات وتسمح بها، وهو يشير إلى أنّ إسرائيل لا تحصر اقتحامات بيوت الفلسطينيّين في ضمن الحالات الاستثنائيّة، التي يتحقّق فيها وجود شُبهة عينيّة تجاه شخص ما، وبالتالي فإنّ أيّ قائد برتبة مُتدنّية بوسعه اتخاذ قرار اقتحام بيت ما من دون مراجعة أحد وأي وقت. وبذلك، فإنّ هذا الأمر يُبقي الفلسطينيّين مُعرّضين طيلة الوقت للاقتحامات التعسفيّة لبيوتهم، وللأذى الجسيم الذي تُلحقه مثل هذه الاقتحامات. ومؤخّرًا التمست منظمّتا "ييش دين" وأطباء لحقوق الإنسان" المحكمةَ العُليا، مطالبتيْن الجيش بالتوقف عن تنفيذ عمليّات تفتيش في البيوت من دون أمر صادر عن قاضٍ، وبالكشف عن النُظم والتدابير السريّة التي تتعلّق بدخول بيوت الفلسطينيّين لغرض تفتيشها. وفي أعقاب هذا الالتماس، أمرت المحكمة العُليا الإسرائيليّة الدولةَ بإعلامها في الأسابيع القريبة ما إذا كانت تنوي الكشف عن هذه النُظم.
وفي نهايته يوفّر التقرير تحليلًا قانونيًّا يستعرض التمييز الموجود في مسألة حماية البيوت من الاقتحام، بين الفلسطينيّين وبين المستوطنين الذين يسكنون في المنطقة الجغرافيّة ذاتها. ويشير التقرير إلى أنّ المستوطنين الذين يسكنون في الضفّة الغربيّة يتمتّعون بالحماية التي يوفّرها القانون الإسرائيليّ الذي يحظر الدخول التعسّفي لبيوتهم، فيما يعاني جيرانهم الفلسطينيّون الاقتحامات الّليليّة التي تنفّذها قوّات الأمن من دون أمر قضائيّ، ومن دون ضلوع المحكمة ومن دون أن يكونوا مشتبَهين بأّيّ أمر في الكثير من الحالات.
وتنص المنظّمات التي عملت على إصدار التقرير أنّ الهوة القائمة بين المنظومة القانونيّة الإسرائيليّة وبين تلك العسكريّة، هي هوة كبيرة وجليّة تُنشئ تمييزًا كبيرًا بين المجموعتيْن السّكنيّتيْن اللتيْن تعيشان في الرّقعة الجغرافيّة ذاتها، تحت نظام حُكم إسرائيليّ واحد.
تقول د. جمانة ملحم، وهي مُعالجة نفسيه ومتطوّعة في جمعيّة "أطباء لحقوق الإنسان": "إنّ اقتحام الجنود للبيوت، الذي يكون مرفقًا في معظم الحالات بالعنف الكلاميّ والجسديّ، يُعاش كحدث مُهدّد يمكن أن يؤدّي إلى اضطرابات ما بعد الصّدمة (ݒوست تروما)، تتميّز بلحظات استرجاعيّة، وكوابيس ليليّة، واضطرابات في النوم، واليقظة المفرطة، والمسّ بالأداء في كلّ مجالات الحياة، ومن الممكن أن يؤدّي حتّى للانتحار. من المعطيات التي جمعتها المنظّمات يتّضح أنّ جزءًا كبيرًا من البالغين والأطفال الذين عايشوا اقتحاماتٍ لبيوتهم، أفادوا بوجود عوارض ما بعد الصّدمة. وتستوي هذه المعطيات مع أبحاث سابقة تشير إلى أنّ الفلسطينيّين كجماعة مُعرّضون للصدمة (التروما) نتيجة للاحتلال المتواصل، ولتبعاتها وإسقاطاتها النفسانيّة الصّعبة بنسبة هي من النسب الأعلى في العالم".
ويقول المحامي ميخائيل سفارد، المستشار القضائيّ لمنظّمة "ييش دين" و"كسر الصّمت": "ممارسات اقتحام البيوت الموثقة في التقرير معروفة للغالبيّة السّاحقة من العائلات الفلسطينيّة، ولكلّ جنديّ أدّى خدمته العسكريّة في الأراضي المُحتلّة. يجب على الجمهور الإسرائيليّ الواسع أن يُدركها هو أيضًا، لأنّها تُشكّل مُركّبًا مركزيًّا في الجهد القمعيّ المتواصل ضدّ السكّان الفلسطينيّين. وثمّة حقيقة مُعيبة في كلّ هذا: السؤال حول ما إذا كان الضابط يملك صلاحية البتّ في اقتحام بيت في الضفّة الغربيّة في منتصف الليل من دون أمر قضائيّ، مُرتبط بما إذا كانت والدة صاحب البيت يهوديّة. وإلى جانب أنّنا نتحدّث هنا عن فداحة قانونيّة، فإنّ استخدام هذه الممارسات على أرض الواقع، وعلى النطاق والشكل اللذيْن تتمّ من خلالهما كما يتّضح من التقرير، يَفرض الإرهاب والترويع على السُكّان المدنيّين." - إلى هنا نصّ البيان المشترك من ييش دين ، أطباء لحقوق الإنسان وكسر الصّمت.