لكلٍ اسبابه ، فلبيد هو راس المعارضة ووظيفتة الاولى إسقاط الحكومة ، وبينيت في أوج التاييد الذي يمكن ان يصبو اليه ، والوقت الراهن بالنسبة له هو التوقيت الأنسب لذهابه لإنتخابات جديدة ، وغانتس لم يُبقِ أي اداة ضغط سوى التلويح باسقاط الحكومة ، ويبقى السؤال لماذا المشتركة ؟ ولماذا الان ؟
تلخصت خطابات الاعضاء المؤيدين من المشتركة ، بين ثأر اعمى صبياني ، وإثبات وجود هزيل ، والتلويح بوعدهم الجماهير باسقاط نتانياهو واليمين ، وها هم يوفون بوعدهم !! مستغفيلن بذلك للجماهير العربية ، وكأن الجمهور العربي لا يدرك أن اسقاطهم للحكومة الانية لا يعني إسقاط نتانياهو ولا إبعاده عن الساحة السياسية ولا بالوقوف حائل امام حكومة اليمين ، بل اسقاط الحكومة يعني وحسب الكثير من المحللين وتدعمهم الإستطلاعات الاخيرة ، يعني إعطاء نتانياهو فرصة رابعة ذهبية ، وتمكينه من حكومة أحلامه وبأغلبية يمينية نقية دون رادع ولا وازع ، بعد ان كانت حكومة مقيدة مشغولة بنفسها .
في الإنتخابات الاخيرة أوصت المشتركة على غانتس الذي ارتمى في حضن اليمين خَجِلاً من اي علاقة مع المشتركة ، وفي هذه المعركة الاخيرة ترتمي المشتركة في احضان لبيد وغاننتس وبنيت معا دون دعوة ولا غاية ولا مقابل ولا اي استراتيجية سياسة قريبة كانت ام بعيدة ، حيث ان إختيار كل حزب - كما سلف - الذهاب للانتخابات هي خطوة استراتيجية ترمي لنتائج افضل ولخلق واقع يلائمه اكثر ، ولكن المشتركة تريد الذهاب للانتخابات في اوج ضعفها واقتتالها الداخلي العلني ، وفي النقطة الابعد عن الوحدة والعمل المشترك .
لو افترضنا ان رمية المشتركة العمياء قد اصابت هدفها ، وحصلت انتخابات ، ولو افترضنا ايضا ان نتنياهو قد انتهى سياسيا ، فعلى ما يبدو ، فان الفائز الاكبر سيكون بينيت ، ويبقى السؤال : هل هذا هو ما حلمت به المشتركة ؟ ام انها بدلت كابوسا باخر اسوء واعتى منه وفي ظروف أحلك.
لو اراد غانس وحلفاؤه إسقاط الحكومة ، الم يكن حري بهم حجب الثقة عنها لتسقط على فورها ، ام انهم اختاروا " المقترح الفردي " والذي من اجل تحقيقه الفعلي يجب إقامة لجنة وقراءات ثلاث ، الامر الذي يتعدى الرغبة في اسقاط الحكومة ، ليكون اداء للضغط فقط على نتنياهو ، الذي باستطاعته في اي لحظة الغاء التصويت من خلال تقديم تسوية لغانتس ، ليكون غانتس بذلك قد استعمل واستغل تصويت المشتركة وللمرة الثانية .
تحدثوننا عن الكرامة والعمل السياسي براس مرفوعة ، واين الكرامة في ذلك ، حيث تُستغلون مرة تلوة الاخرى وتقعون فيما حُذرتم منه ، دون دعوة او مقابل ، اليست هي لحظات سياسية حرجة للاحزاب الاخرى كان لا بد من اغتنامها ، اليس وزير العدل والذي يتبع لغانتس هو من منعكم من ابطال كلي لكمينتس ، ولا حتى تجميده ، ليستمر الهدم في القرى العربية تحت سمعهم وبصرهم ؟ اليس بنيت هو لب اليمين والمرشح لتبديل نتانياهو والذي كان من الممكن احتواءه بشكل جزئي من خلال هذا التصويت بدل اعطاءه مراده بالمجان ؟ الم يحن الوقت لطلب وعد علني من لبيد بإلغاء قانون القومية .. إن لم تكن هذه هي السياسة النقية بنظركم فماذا بقي ؟ الا تعتبر هذه هي الممارسات السياسية الحقيقية والبعيدة عن كل الشعارات ؟
قلتم : محرم علينا مخاطبة اليمين ، ولا التعاطي معه ، ولا تبادل المصالح ، فنراكم ايضا تحرمون على انفسكم محادثة كل الاوساط المتبقية الاخرى ، لتقذفوا بانفسكم في حضنها دون مقابل ، واكثر من ذلك تُستعملون من اجل مصالحهم دون تحقيق اي مكسب عربي بل تذهبون لانتخابات لتخسروا بضع مقاعد لاسباب اقترفتموها , ويبقى اليمين ويبقى نتنياهو .. فلا تلومن احد إلا أنفسكم
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com