أصبحت حياتنا اسرع من ساعة الزمن وكاننا نتسارع معها الى النهاية، لكي نفوز بمتاع الدنيا وراحة البال،ولكن البعض منا اخذته ساعة الزمن بالهلاك وواقع معدوم الإنسانية،وأصبحوا يهرولون لها مقابل السكوت المجبر لانهم لا يعلمون كيف يواجهون العالم الخفي، وهو الاستغلال والتنمر والعنف إلالكتروني، فحاصرتهم بالصمت وأخضعتهم بموجب الإرادة على تقبل شروطها والانحياز الى مهامها حسب معاير التسلط والابتزاز النفسي والمادي وعدم اللجوء بطلب المساعدة خوفاً من العار ونظرة الآخرين لهم،لدرجة اجتياح بيوتهم بلا استئذان ولا رقيب حتى ارتقت برتبة "الابتزاز الإلكتروني ".
"الابتزاز الإلكتروني"الذي لا يشير بسهامه الحاده باتجاه جيل معينًا ولا يعمل على مبادئ الأخلاق ولا على الحسبان ولا الاهتمام لمن لهم مراكز ومكانتهم بالأولوية،لانهم خلية بلا ضمير وشعارهم التدمير البشري بالابتزاز والاستمتاع بذلك، وهذا يعد لهم مهنة ولها دراسات ودرجات عليا أكاديمية بالنصب بانحدار الأخلاقية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وباستفزاز :رغم كثرة الإرشادات والتعليمات والتطور العلمي والمبادئ الدينية في حياتنا،ما زال بعض من البشر يقعون في هذه الأخطاء،ويقع بنفس هذا المسار التنمر والعنف والابتزاز الإلكتروني ،هل يعقل بأن القول القديم " القشة التي قصمت ظهر البعير" من الممكن أن ينطبق علينا اليوم؟
وهل ما زلنا نبحث عن المعرفة ونحتاجها بكل يوم من حياتنا لكي نتجنب هذه الحوادث ؟!
من بعد الانطباع الإيجابي الذي حققه مقالي عن التنمر الكلامي زادني بالمسؤولية اتجاه نفسي واتجاه الآخرين كما طلب مني ان استمر بمقالي التالي عن التنمر الإلكتروني الذي دنس حرم البيوت بأعز ما لديها.
لانه في الفترة الاخيرة ظهرت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني وكثرت بشكل كبير وكانت النسبة واضحة،ومن بعد تواصلي مع مئة وخمسة التي من واجبها الاهتمام بهذه القضايا بمساعدة الضحايا لإيصالهم الى بر الأمان لتساعدهم بتخطي تلك الحوادث،فكانت إجابتها كالاتي:"بان الجيل ما تحت الثامنة عشر او بالأصح والأدق الجيل الذي تحت القانون تنقصه المعرفة التي يحتاجها ليتجنب ضعف الشخصية امام المبتز". وعندما سالت عن السبب الرئيسي الذي يؤدي الى انجراف اولادنا لهذه الأمور؟!وكان ردها وبكلمة مهزومه للاسف" اكبر اخطاء الاهل بانهم لا يقومون ببناء وتأسيس شخصية ابنائهم بشكل صحيح ليتفادوا هذه الأخطاء ". لان المبتز يعمل على المرحلة الاولى مع الضحية وهي التعرف وجمع المعلومات عن قوة شخصيته وبالأخص مع الآخرين ومن هنا يكون مدخله الرخيص الى الضحية "الصداقة"وهي بالعادة ما تكون اول وسائل الاتصال مع المبتزين وسائل التواصل الاجتماعي باشكالها (فيسبوك, تويتر, انستغرام...الخ). حيث تبدأ عملية الابتزاز بكسب الثقة،وتعتمد على المبتز بإنشاء علاقة صداقة بينه و بين الضحية ليتعرف عليه، وفي معظم الاحيان يقوم المبتز بالالتفات الى النقاط المشتركة بينه و بين الضحية،حتى يتكوّن احساس الامان و الارتياح لهذا الشخص الغريب.
ومن ثم المرحلة الثانية والأهم بعد ان يكتسب المفترس ثقة الضحية من خلال استدراجها
واصطيادها بالاغراء والظهور في أوضاع غير لائقة وتصويرهم من دون علمهم وتسجيل مكالماتهم وتهديدهم بنشر الصور ومقاطع الفيديو والقيام بعملية الابتزاز كما خطط لها بنجاح،وهنا تبدا المأساة الأكبر بصمت الضحية وكسر الذات على ما حدث له والخضوع الى ما هو أسوأ بالانحياز لمطالبه دون جدل فتصبح الضحية بلا شخصية،وتدريجيًا يفقد الضحية ثقته بنفسه قبل الآخرين عكس التنمر الكلامي الذي يجعل الضحية تفقد ثقتها بالآخرين قبل نفسها.
وسرعان ما تظهر آثار التنمر الإلكتروني واضحة عليه بالشعور بالضيق والحرج وحتى الغضب والتدني باحترام الذات،والشعور بفقدان الاهتمام بالأشياء التي يحبها والامتناع عن مشاركة أهله بالحديث والجلوس معهم،ومن الظواهر التي تلفت الانتباه وهو الصداع المستمر لدى الضحية من كثرِ التفكير بمشكلته لوحده لانه أحياناً يقبل الهزيمة والانصياع لأوامرهم لدرجة السرقة من أهل بيته لإسكاتهم وهكذا تتم عملية الابتزاز والتنمر الإلكتروني.
هنا تلوح أصابع الاتهام دائماً على الاهل وهكذا تعودنا ان نسمع ذلك،ولكن السؤال الذي يجعل نفسه في قائمة الاستفهام بعد السؤال الاول: هل جميع الأهالي اليوم مهيؤون لتربية ابنائهم بشكل صحيح؟ وتوجيههم لابناء شخصية سليمة حتى يستطيعون مواجهة المجتمع بكافة أنواعه؟
كل ما نحتاجه بان نوجه الحلول ونفك شيفرة المرتزقة في حياتنا ومن التسلسل المخفي أعظم. المرحلة الأولى وهو الضحية،عندما تشعر بشعور غير مريح او طبيعي ويبدا الابتزاز من المبتز عليك مباشرةً قطع التواصل معه بجميع التواصل الاجتماعي لانه اصبح متاكداً من نقطة ضعفك الان،
وعليك التوجه الى اهلك او إدارة مدرستك لانهم يعلمون بالحلول المناسبة لك، لكي تتخطى هذه العقبة والعودة ببناء شخصيتك بشكل أفضل من السابق. فلا تخف أنت لست وحدك.
المرحلة الثانية الاهل،كل ما أدخلتم على حياة ابنائكم جهاز جديد فاعلم بانه ليس بأمان، وواجب عليكم التوضيح له على ماذا يعمل وما هي سلبياته قبل إيجابيته لان ابنائنا لديهم خلق نمط معرفي اكثر منا وهذا بموجب طبيعتهم الفضول والمعرفة، واجعل من تلك المعرفة لصالحه وليس ضده، وفي لحظة تغيرات على اولادكم بالتصرف الغير معتاد يجب الإسراع بالتدخل لمعرفة ماذا يحدث معه والتوجه بشكل قانوني الى مئة وخمسة لمساعدتكم والقبض على المبتز وإغلاق جميع الفيديوهات التي تخص الضحية،وهنا كل ما يحتاج ابنكم الحماية والثقة من خلالكم قبل العقاب وفوات الأوان مع ساعة الزمن.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com