صدر حديثا "معجم الوفاء للراحلين من الأدباء من فلسطينيي الداخل 48"، من إعداد وتحرير الأديب والباحث الأستاذ محمد علي سعيد، ويقع الكتاب في 176 صفحة من القطع الكبير، ويتناول أسماء وأعمال الكتّاب الذين رحلوا عن عالمنا إلى أجلهم المحتوم، وذلك في لفتة انسانية ووطنية وحفظ ذكراهم وإرثهم الإنساني والأدبي، ويقتصر هذا العمل على الفترة الزمنية من سنة 1948 -2020، ويأتي صدور المعجم بعد خمس سنوات من الجهد في جمع المواد والتحقيق في دقتها وشموليتها، فوصل المؤلف إلى 150 كاتبا راحلا، حتى نهاية العام المنصرم. وقد صدر الكتاب عن دار سهيل عيساوي للطباعة والنشر في قرية كفر مندا، وبدعم من مركز الكتاب والمكتبات في وزارة الثقافة والرياضة.
وقام الكاتب بتصدير كتابه بإهداء ذات دلالات شملت الأحفاد المستقبليين، الباحثين في الحاضر والمستقبل، كل واع لأهمية التوثيق وإلى الكاتب الموسوعي العماد الأصفهاني.
في مقدمته للكتاب استعرض الأديب محمد علي سعيد وبإيجاز مسيرة الأدب الفلسطيني من خلال الواقع السياسي المتقلب الذي مر على الشعب الفلسطيني في وطنه وما قدمه هذا الأدب من مساهمة ثقافية عامة، إلى أن حلّ عام النكبة الذي شتتّ غالبية أبناء الشعب الفلسطيني فيقول " وكان عام 1948 وقامت دولة إسرائيل لتجميع اليهود. وبالمقابل حدثت أكبر مأساة للشعب الفلسطيني فأصبح أقلية بعد أن كان أكثرية أصلانية (من 650 ألف نسمة بقوا 150 ألف.. واليوم أصبح أكثر من مليون ونصف)، وتشتت شعبنا في جميع أرجاء العالم، وبقينا نحن الأقلية الفلسطينية بدون قياداتنا الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية و.. وانقطع التواصل الجغرافي والاجتماعي والاقتصادي بيننا وبين أشقائنا أبناء شعبنا الفلسطيني وكذلك مع أشقائنا العرب". (ص 9).
سبق للكاتب محمد علي سعيد أن أصدر في العام 2016 "معجم الشعراء في فلسطين 48" وعلى أثر لقاء مع أرملة أحد أصدقائه من الأدباء أشارت عليه إلى ضرورة إحياء ذكرى الكتاب المرحومين، ومنهم عدد كبير بات من المجهولين نظرا لعدم الالتفات إليهم والى نتاجهم الأدبي، فوجد الكاتب واجبا عليه أن يواصل حمل الأمانة والرسالة، وعمل فعلا على إنجاز هذا العمل الكبير، المكمل للعمل السابق، وينتظره عمل ثالث ليكمل الدائرة وهو إصدار معجم عن كتاب النثر، وأعلم أن صديقنا الأستاذ محمد يتعرض لضغوط كبيرة من عدة أصدقاء لإكمال المهمة.
إن ما بذله الصديق الأديب محمد علي سعيد من جهد هائل تمثل في إجراء الاتصالات العديدة وتسجيل كل معلومة ومتابعة كل ما نشر سابقا، بشكل شخصي وبجهد فردي، إنما يحتاج إلى جهد مؤسسة وعدة باحثين لإنجازه، وعمله يدل على مدى المعاناة والارهاق اللذين رافقا الكاتب في إعداد وتوثيق وتحرير مواد المعجم.
لقد اتبع الكاتب في ترتيب أسماء أدباء وفق الترتيب الأبجدي، كي يبتعد عن الإحراجات الشخصية، دون اعتبار السن أو الأقدمية أو الشهرة أو مستوى الإنتاج الأدبي لكل كاتب وشاعر، كما عمد إلى تدوين عامي ولادة الكتاب ووفاته، وكذلك إضافة كنية وبلدة الكاتب نظرا لتشابه بعض الأسماء.
لا يبقى إلا أن نشد على يدي الصديق الأديب محمد علي سعيد، ونحييه على هذا المجهود الكبير والعمل الخلّاق في تكريم واحياء أسماء أدبائنا الفلسطينيين في مناطق 48 وخاصة أولئك المغمورين والذين لم ينالوا نصيبا وافيا من الشهرة، وبذلك يون قد أماط اللثام عن نتاجهم الأدبي وقدم خدمة كبيرة لجمهورنا، وللباحثين ودارسي الأدب الفلسطيني، وأتمنى له وافر الصحة وسنوات طويلة من العمر، كي يواصل رسالته الأدبية والوطنية من خلال كتاباته وأبحاثه الهامة.
(زياد شليوط)