من المتعارف عليه في مجتمعنا العربي، عند وقوع خلاف كبير بين زوجين أن يتدخل أهل الزوجين ويحاولون إصلاح الحال بين الجانبين. فإن لم يستطيعا رغم المحاولات يتوصلا إلى قرار "الإنفصال" على أساس "بلا شوشرة وعزارة" وكل يذهب في طريقه. وما حصل مع "المشتركة" يعيد إلى الأذهان حكايات الخلافات الزوجية التي تنتهي بالإتفصال، مع الفارق أن الإنفصال الذي تمت الإجراءات له (مبدئياً) من جانب (الموحدة) أتى بعد أشهر كثيرة من نشر الغسيل الوسخ بينها وبين المشتركة..
في الحقيقة أن (الجنوبية) بإقدامها على هذه الخطوة، برهنت بشكل واضح على أنها "مش معنية ولا مهتمة" بالقائمة المشتركة، وأن طلب الإنفصال قد يعتبر خطوة تحدي منها أو بالتحديد من منصور عباس للمشتركة. هذا الأمر لم يأت من فراغ، وأعتقد بأنه تم نتيجة مناقشة مستفيضة في إطار مرجعياتها. على أي حال فإن طلب الإنفصال عن القائمة المشتركة الذي قدمته القائمة الموحدة ليلة الأربعاء، إلى لجنة الكنيست. وبحسب مصدر في الكنيست، كما ذكر موقع العرب، قد أتى بعد الخلافات السياسية في القائمة.
وفي حال انتهى كل شيء تماماً وتم الانفصال نهائياً، فإن منصور عباس كما أعتقد يريد من وراء ذلك توجيه رسالتين: الأولى أن (الجنوبية) تريد الإثبات على أنها قادرة على خوض انتخابات الكنيست بدون "مشتركة" والثانية أنها تستهدف نهجاً سياسيا خاصاً بها وكما يقولون (لا بجيب اليسار ولا بجيب اليمين). وفإذا كان الأمر كذلك فإن لهذا الموقف تداعيات. فماذا يمكن أن يحصل وكيف سيكون المشهد الانتخابي "للجنوبية" بعد ذلك؟
لو قمنا بتفسير الرسالة الأولى فماذا نستنتج: من الغباء جداً أن تكون الجنوبية على قناعة تامة بأنها قادرة على خوض انتخابات الكنيست بمفردها لاستحالة عبورها نسبة الحسم العالية جداً وهذا أمر واقعي، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عدد أعضاء الجنوبية وأنصارها في المجتمع العربي. فإذاً في هذه الحالة، فلا بد لها من البحث عن حليف يؤيدها في نهجها أو في طروحاتها التي أعلن عنها عباس والتي كانت نقاط خلاف مع مركبات المشتركة. فأين ستجد هذا الشريك؟
قد يقول قائل، هناك أحزاب عربية موجودة على الساحة إلى جانب شخصيات مستقلة قد تكون نقاط جذب للجنوبية. وعلى سبيل المثال: قد يكون هناك تحالف مع أحد الأحزاب العربية الجديدة،" وهذا ليس مستبعداً لغاية الآن في هذا الظرف الانتخابي. إذاً، الجنوبية لن تخوض الانتخابات بمفردها، وسننتظر مع من؟
فيما يتعلق بالرسالة الثانية: ليس من السهل على منصورعباس إيجاد شريك عربي يؤيده في نهجه (الميّال) كما يبدو لنهج نتنياهو. لكن في السياسة لا يوجد شيء مستحيل، فكل شيء جائز وكل شيء قابل للتغيير والتعديل إذا كانت المصالح تتطلب ذلك.
في حقيقة الأمر، فإن منصور عباس بخطوته هذه طلب الطلاق من المشتركة، فإنه "يريح ويريّح" بمعنى أنه يريح نفسه من عناء المناكفات السياسية عديمة الفائدة، ويريّح الآخرين من مطالبه غير المقبولة شعبياً. من جهة ثانية قد يكون عباس قد استخدم إسلوب "تكسير الروس" يعني "يا أنا بمشي رأيي يا إنتو" وبالنتيجة الحسم هو بيد الأكثؤية ولا بد أن يكون عباس قد وصل إلى الوعي بأنه في هذه المعادلة لن يخرج سالم الرأس، وما عليه إلاّ الانفصال بدل طأطأة الراس.
يوم انتخابات الكنيست في الثالث والعشرين من شهر آذار/مارس المقبل، سيكون يوم امتحان عسير، وعندها "سيذوب الثلج ويبان المرج" لأنه قي يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com