المشتركة بنياناً قائماً شامخاً إنتظرته الجماهير العربية طويلاً، وبعد أن ذاقت حلاوة هذا المسار لم ولن تعد تتنازل عن هذا الإنجاز.
و أن ليس لنا مساراً سياسياًّ سواه و أن محاولة العبث أو هدم هذا البنيان من الداخل تحت مسميات و وعود و طموحات شخصية لذى البعض و أن هذا مما يدعو للمزيد من الحزن و الأسف لما يحصل و ما نستمع إليه من وسائل الإعلام على لسان الأخوة في القائمة العربية الموحدة. و إنني و من باب الغيرة و الحرص على المشتركة أرجو من الأخوة في الموحدة التعالي عن الصغيرات و السير قدماً بالمشتركة كيفما هي و أن لا نسمح لبعض القوى المتربصة المعادية لجماهيرنا العربية و بأن لا نعطيهم الفرص بأن يخرجوا غداً الى الشارع و لوسائل اعلامهم تشفياً و قهراً "ها نحن قد استطعنا أن نفكك المشتركة" و أنني أدعو و آمل أن لايحدث مثل هذا الدرك العاق. لقد ولدت المشتركة لأنها تعبر عن إرادة و طموحات هذا الشعب و تصون أيضاً مصالح جميع القوى السياسية العاملة على الساحة العربية و انها اطلت بضيائها بعد مفاوضات مضنية مع جميع مركبات المشتركة و سارت الأمور منذ ذلك الوقت أي التأسيس بالشكل الذي ارتضى به الجميع, ( و ما الذي حدى و بدى الآن؟) و أن هذا الرضى و القبول كان واضحاً وضوح الشمس على الساحة العربية بشكل عام من حيث تجسيد و إقامة هذا المجمع الكبير, أو هذا السرح المبارك الذي يجمع بإطاره النسبة الأعظم من كتلنا السياسية العاملة على الساحة العربية بشكل عام. و أن بزوغ فجر هذا المولود الجديد بحيث كان مرحباً و مزغرتاً له من كل طبقات و مستوايات شعبنا كله و ذلك على إختلاف مشاربه و انتماءاته السياسية و الإجتماعية على المستوى المحلي و القطري أيضاً, إذاً هذا المولود الذي أُنتُظَرَ الحمل به طويلاً و أصبح مولوداً محبوب و مرحب به و معتمد بأن يبقى و يترعرع و يصبح فكراً و نهجاً و سلوكاً و أسلوباً من خلال إحتضان هذه القاعدة الشعبية الواسعة له, و قد تجلى هذا الإحتضان الواسع بكل وضوح كبزوغ الشمس عندما فرزت نتائج الإنتخابات للكنيست الأخيرة وإيصال 15 عضواً للكنيست لأول مرة في تاريخ الاقلية العربية يمثلون المعظم من شرائح شعبنا كله على وجه التقريب و منها السياسية و الاجتماعية و غيرها.
و من توطيد أيضاً العلاقات الثنائية في وسطنا العربي و قد تجلت هذه الوحدة الجماهيرية الواسعة للمشاركة الحاشدة التي جرب في مجد الكروم إحتجاجاً على العنف الذي ينخر وسطنا العربي بشكل عام. و بالمناسبة كنت قد كتبت مقالاً تحليلياً في صحيفة الاتحاد ما قبل الانتخابات الاخيرة و قد توقعت أن نصل بالمشتركة الى 16 مقعداً بالكنيست و فعلاً كاد ان يصل العضو ال16 الى الكنيست رغم المقاطعة التي جرت من قبل البعض, و للاسف الشديد تغيرت هذه المعادلة بعد وصول أصوات الجيش و غيره على ما أعتقد, فوصول ال15 عضواً للكنست لم يكن أن يحصل من قبل لو لم تقم المشتركة. و قد كان هذا نجاحاً باهراً ليكون لشعبنا سنداً قوياً متمرساً للدفاع عن مصالحه و تحصيل ما أمكن من حقوق و من ميزانيات و مشاريع تطويرية لمدننا و قرانا بحاجة اليها. فهذا يعتبر انجاز و انتصار قوي لارادة هذا الشعب و تحدياته و صموده أمام كل السياسات الممنهجة ضد جماهيرنا العربية على امتداد كافة الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ليكودها و عملها سابقاً على حد سواء. و انني اقولها بكل صراحة و و وضوح تام و بضمير مرتاح بأنه لم و لن يكن بالإمكان تحقيق مثل هذا الانجاز العظيم و هذا المكسب السياسي الواسع و ذات الاهمية السياسية لجماهيرنا العربية لو لم تولد و لم تكن القائمة المشتركة قائمة لما هي عليه اليوم, و انني اعتقد جازماً أن اقامة المشتركة كان حبل النجاة لبعض القوى السياسية العاملة على الساحة العربية بعدم امكانية وصولها الى الكنيست و ذلك نتيجة رفع نسبة الحسم و لكن و بظل المشتركة و بتراص كافة الصفوف و بجهد جميع القوى العاملة الخيرة المخلصة لقضايا شعبنا وصل الجميع الى مرتضاهم و الحبل على الجرار إن شاء الله, و قد عكس هذا الإنجاز أثره الإيجابي في وسطنا العربي. و كنّا في غاية الفرح و السرور على أمل أن تستمر هذه المسيرة المباركة و تستعد لإنجازات اخرى في المراحل المقبلة. و لكن و للاسف الشديد ان هنالك في الآونة الأخيرة من يسير في الإتجاه المعاكس تماماً لأحد فرقاء مكونات المشتركة. و بالواقع انني شخصياً قد تفاجئت مفاجأة كبرى لابل كنت في حالة الصدمة و حالة التعجب من ما أراه و أستمع اليه من تصريحات على لسان قادة أحد مكونات المشتركة أي القائمة العربية الموحدة بحيث أنني لم و لن أتوقع مثل هذا التحول و هذا الإنقلاب السياسي المفاجئ ( لنتنياهو أو مع نتنياهو)؟!
فالصحف العربية استعرضت هذا الخبر تحت عناوين مختلفة و بتساؤلات مختلفة و أما الصحافة العبرية ففرحت و هللت و كبّرت و كانت بحالة نشوة و زغردة
إعتقاداً منها ان نتنياهو استطاع تفكيك المشتركة و ان المشتركة في طريقها الى الانقسام و التفكك و ان جزء من الاقلية العربية تريد الاندماج في اجهزة الدولة من أجل تحصيل الحقوق و الميزانيات و زيادة نفوذ المجالس و كثيراً مثل هذه الترّهات و الدعايات و الاكاذيب و التخمينات التي تصول و تجول في صدور و اذهان أخصام المشتركة هكذا يريدون. و لم يحصل مثل كل هذه الأشياء بل كانت إلا حرب نفسية من اجل زيادة الأمور تعقيدً و شرخاً بالمشتركة و محاولة الصيد في المياه العكرة. و من هنا أتمنى على عقلاء و قادة فريق الموحدة الذي تلاقى قسم منهم مع نتنياهو أن يعزفوا عن هذا الطريق بحيث اننا كجماهير عربية لا نراه مشروعاً مشرفاً ولا يجلب لنا ولا لجماهيرنا العربية إلّا المزيد من الانقسامات و التباغظ فيما بيننا و ما هذا التقارب و هذه الزيارات (الحميمة) من قبل نتنياهو لبعض من قرانا و مدننا العربية ما هي الا لتصب في مشروعه التقسيمي و قنص ما يمكن من الأصوات العربية لصالحه ليس إلّا. أولاً: ان نتنياهو كان و سيبقى المحرض الأول و الأكبر ضد جماهيرنا العربية و هو صاحب التصريح الأهوج عندما صرّح قائلاً أن العرب يهرعون بالباصات الى صناديق الاقتراع لتغيير حكم الليكود, ثانياً: ألم يكن هو نتنياهو خلف سن كانون (كامينيتس) الذي لم يعتمد شبيه له حتى زمن (الإبترهايد) في جنوب افريقيا, و الهدف واضح من سن هذا القانون و هو الإسراع في هدم البيوت العربية بالحجة الممجوجة و هي عدم الترخيص و التضييق على العرب.
ثالثا: ألم يكن نتنياهو هو و زميله الأكثر عنصرية منه (ديختر) اللذان دفعا بالضغط لإتخاذ قانون القومية العنصري و ما بالك بالشارع اليهودي و الصحافة
العبرية و ما تنعت به نتنياهو من الكذب و الخداع و عدم الإلتزام و متهرباً بارعاً و أصيلاً بعدم تنفيذ ما يتم الإتفاق عليه, ( و عليكم بالتوجه بسؤال لغانتس, و بينيت , و لبيد و غيرهم من الأحزاب الصهيونية)
و ما بالكم ايها الاخوة بالله عليكم في من التقى بنتنياهو , هل سينفذ نتنياهو بما وعد به لحزب عربي أو لجهة أخرى؟! ان كان قد وعد.
ومن باب التحليل و التخمين على ما يجري على الساحة الخليجية من تطبيع و تتبيع و قد تكون هذه الخطوة من داخلنا حشوة من حشوات صفقة القرن و إفرازاتها!!
و ما الأيام و الأزمان القادمة لتكون مفرزة و كاشفة لما يتم التستر عليه و على حساب قضايانا العربية؟!
ديرحنا
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com