لا تزال الحكومة الإسرائيليّة مصرّة على عدم تقديم اللقاح المضاد لفيروس "كوفيد 19" لأبناء الشّعب الفلسطينيّ في الضّفّة الغربية وقطاع غزّة، الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ حرب حزيران 1967، وحتّى يومنا هذا. وفي محاولة منها لاستغفال وتضليل الرّأي العامّ العالميّ بهذا الخصوص فإنها تزعم أنّ قطاع غزّة المحاصر برّا وبحرا وجوّا، لا يخضع لسيادتها! وأنّ مسؤوليّة الضّفّة الغربيّة تقع على عاتق السّلطة الفلسطينيّة! والزّعم الإسرائيليّ هذا يتناقض مع اتّفاقات جنيف الرّابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكريّ. وهذا ليس غريبا على دولة اسرائيل التي تمارس سياسة تمييزية عنصريّة على الفلسطينيّين، وتتهرّب من القانون الدّولي والإتّفاقات الدّوليّة، وقرارات الشّرعيّة الدّوليّة، وتلقى الدّعم والمساندة والحماية من الدّولة الأعظم والأقوى في العالم وهي الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
فالضّفّة الغربيّة لا تزال جميعها تخضع لقوّة الاحتلال، بما في ذلك مناطق السّلطة الفلسطينيّة المصنّفة بمناطق"أ" حسب اتّفاقات أوسلو سيّئة الذّكر. فالجيش وقوى الأمن الاحتلاليّة تجتاح هذه المناطق متى وكيفما شاءت، وتقتل وتبطش وتهدم كما تريد. وتصادر الأراضي وتستوطنها وتطلق قطعان المستوطنين تحت حماية جيش الاحتلال؛ ليدمّروا ويحرقوا ويقطعوا الأشجار وليعتدوا على المواطنين وعلى مساكنهم وأملاكهم ودور عبادتهم. وكذلك الحال بالنّسبة لقطاع غزّة الذي يتعرّض لحصار جائر برّا وبحرا وجوّا والمراقب على مدار السّاعة والذي يتعرّض للعدوان العسكريّ بشكل مستمرّ. لكن عند الحديث عن تطعيم فلسطينيّي هذه الأراضي ضدّ جائحة كورونا فإنّ اسرائيل تتخلّى عن مسؤوليّتها القانونيّة والأخلاقيّة بهذا الخصوص. وإسرائيل التي ستنتهي من تطعيم مواطنيها كافّة قبل نهاية شهر فبراير الحالي لا تخشى انتقال العدوى لأيّ منهم من الأراضي المحتلّة على اعتبار أنّ مواطنيها محصّنون من العدوى بسبب أخذهم اللقاح، فإنّها ستترك أبناء الأراضي المحتلة، ليفتك بهم هذا الوباء العالميّ، أي أنّها معنيّة بالقضاء على الأمن الصّحّي في الأراضي المحتلّة، وتحاول تبرئة نفسها من هذه الجريمة.
من هنا فإنّ الدّبلوماسيّة الفلسطينيّة والجامعة العربيّة مطالبة بأن تدعو لعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدّوليّ لبحث هذه القضيّة، واتّخاذ القرارات اللازمة للضّغط على اسرائيل لتنفيذ التزاماتها القانونيّة كدولة محتلّة مسؤولة عن صحّة وحياة مواطني الأراضي المحتلّة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com