ثلاثون يوما تفصلنا عن يوم الانتخابات للكنيست -24 الانتخابات الرابعة خلال سنتين، وحسب نتائج هذه الانتخابات الحاسمة يمكن قراءة الخارطة السياسية الجديدة للدولة التي أعطت حق التصويت للأقلية العربية الفلسطينية في الداخل الفلسطيني. هذا الحق مشروط بشرطين أساسيين: الأول من خلال حزب مسجل وخاضع لقانون الأحزاب الإسرائيلي ويتخلل بند واضح وصريح الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وعدم المس بأمن الدولة والقوانين المشرعة والمعمول بها، اما الشرط الثاني فهو قسم الولاء للنائب الممثل للحزب والذي تم انتخابه قراءه نص القسم على النائب وعليه الرد (מתחייב אני) ملتزم انا. الشمس لا تغطى بغربال باختصار كل الأحزاب في كنيست إسرائيل صهيونية.
تخوض هذه الانتخابات قوائم من أقصى اليمين العنصري، قوائم عربية –يهودية، يهودية-عربية وقائمة عربية واحدة، حزب الإصلاح اعلن انه لن يقدم لائحته الانتخابية لهذه الانتخابات وعبر عن موقفه انه سوف يسعى لتشكيل قائمة عربية وطنية وحدوية، ومع الأسف لم نتوفق وبهذا نخوض كمجتمع عربي الانتخابات ال 24 في ثلاثة قوائم 1- التحالف الثلاثي بقيادة الحزب الشيوعي الإسرائيلي "قائمة عربية يهودية " 2- تحالف ثنائي بين حزب معاً والحزب الديمقراطي العربي "حزب عربي يهودي" 3- القائمة العربية الموحدة (الحركة الإسلامية الجنوبية) حزب عربي ...وهو الحزب العربي الوحيد بهذه الانتخابات.
الأحزاب المتنافسة على الصوت العربي افتتحت حملاتها الانتخابية ورفعت شعاراتها – التحالف الثلاثي يذهب للانتخابات تحت شعار "كرامة وحقوق " – القائمة العربية الموحدة ذاهبة للمنافسة تحت شعار "صوت واقعي، مؤثر ومحافظ " - معاً – "يعني المواطن أولا".
المجتمع العربي بغالبيته الصامتة 90% غير محزب ولكنه مسيس ذكي وفطين يتذكر ويحاسب ومن يتجاهل صفات مجتمعه ويبقى على استراتيجيته الاستعلائية والاستبدادية ويجهر علناً بفكر هجين غريب عنا وليس مبالغة في القول إذا قررنا أن ما يعانيه مجتمعنا من انعدام الأمن والأمان وسيطرة المجرمين القتلة على شوارعنا بيوتنا تجارتنا وبلدياتنا وسلاحهم إسرائيلي كما ذخيرتهم ايضاً والأمن الإسرائيلي يعلم ولا يعنيه انه يعلم, ومن هزائم فكرية تتمثل بانعدام وغياب مثقفينا وعقلاء مجتمعنا، اقتصادياً 60% من مجتمعنا تحت خط الفقر، سياسياً نذهب الى الكنيست الإسرائيلية للصراخ والعويل ولا نحسب رقماً, هذا الواقع المأساوي يؤدي الى نتيجة حتمية, تدمير الهوية الشخصية للجيل الناشئ، عقائدياً ثقافياً وسلوكياً. كون الدين الإسلامي وهو المستهدف الأول ديننا جامعُ للكثير وكله سياسة عصرية وحضارية، وعندما يغيب المسلم عن السياسة سيتولى غيره القيادة ويصبح تابعاً وليس قائداً، لكي تصبح مسخاً تابعا لمروج هذا الفكر الظلامي، يؤمر فيطيع كما الشاة في القطيع ويُقاد من ملحدين علمانيين أمميين، ووسيلتهم في تحقيق ذلك الخداع والتمويه وقلب الحقائق وتشويه الوقائع عن طريق تصنيع الكلمة، وزخرفة القول، والدخول إلى المخاطب، من نقطة ضعفه، والإيقاع به، والإيحاء إليه بسلامة الفكرة، وصحة المفهوم المزيف الذي تحمله كلمات وتشريعات وتصرفات كإباحة الفواحش واللواط وتأجير الأرحام بحجة الحريات الفردية بعيدا عن مردوداتها وتخريبها للمجتمع, هذا الغزو الفكري يحتم على مجتمعنا العصامي التصدي له بكل حزم وجرأة وبكل شيء متاح, من يرفع شعار الكرامة عليه الحجة ان يفصح عن معنى "كرامة الانسان" ومن يرفع شعار الواقعية عليه تعريفها وهل هويتنا الفلسطينية العربية مسلما مسيحيا ودرزيا ضمن هذه الواقعية وما الثمن عند الحاجة لتحصيل الحقوق؟ .
مجتمعنا مأزوم ولا أرى مخرجا من هذا المأزق الا في العودة لصياغة مشروع وطني عقلاني واقعي يرسم المستقبل لشعبنا وينهي حالة التمزق والضياع التي باتت سيدة الحقبة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com