النّظارة السّوداء
من خلف عتمة الزّجاج أجد نورًا
من خلف قبح الطّريق أجد جمالًا
من خلف ضيق المصير أجد فرجًا
من خلف سفك الدّماء أجد سلامًا
من خلف اليباب والخراب أجد حقول سنابل
من خلف البؤس والشّقاء أجد نعيم السّماء
من خلف ذلك اليأس أجد حدود الرّجاء
***
نظّارتي السّوداء نعمة السماء
عدساتك تبق في المهجة رجاء وتبدّل تجارب العمر
حبورًا مكان العياء
يخجل اليأس ويغور والشقاء يلملم أذياله بحياء
تبدلت الأرض الجرداء سواق ورواب بعدما
كانت صحراء جرداء
تفتّحت الازاهير وضجّت البيادي وأبصرت
بعدما كانت صمّاء عمياء
غمست بتلات النّرجس بألوان الطّيف
فغمرت زهوًا وبهاء
عيون الماء تواثبت كالرّيم من على وجه الحصباء
تسمع السّحب عبق الزّنابق الفيحاء
فقطرت عطرًا رهامًا من أعالي السماء
تجرّدت الأنسانية من جشع ورياء
فتطايرت الحساسين سفراء في الفضاء
تمايلت الأقاحي على ألحان النسائم والرياح
مبتهجة راقصة لحسن الغناء
***
نظّارتي السّوداء نعمة السماء
أغمري الكون حبورًا ولتلبس الأكمة
جميل الرداء
بدلي سواد الكون بنور وسناء
تعب الطريق من المسير فالظهر بأنحناء
حملت البشرية على كاهلها همومًا فباتت
حدباء
***
نظّارتي السّوداء يا نعمة السماء !
أنفضي الكون من عياء والشّقاء
لننال قسطًا من الرّخاء
فنحن بتوسّل فنحن الضّعفاء
لبّي الرجاء لبي النّداء
***
نظّارتي السّوداء نعمة السماء
تطايرت الفراشات بوشاح مرصع بالهندباء
والعرس ملأ الأجواء طربًا وغناء
والزّغاريد جلجلت، خلخال لجين بالفضاء
والكحل بين الهدب ليلًا وتخضّبت الكفوف بالحنّاء
عاصفة البحر الهوجاء استكانت بعد عناء
فرحت البشرية جمعاء
***
نظّارتي السّوداء نعمة السماء
أسدلي ستائرك في قصور وأرصفي الأرض
بالفسيفساء
ولتتراكض الظّباء كجدارية مصقولة على البطحاء
كقصور صقليا والاندلس ومجالسهم
الضّاجة بالعلماء والفقهاء
امسحي الجهل عن وجه البسيطة فقد
باتت بشقاء
***
نظّارتي السّوداء يا نعمة السماء !
لونتِ كوني بريشة بيضاء وأحرقتِ كفن
الاحزان فأشرقت شموس مهجتي وتهادت كالغيداء
نظّارتي السّوداء
يا نعمة السماء !
بقلم : رشا وتد 12-3-2021