تسبب متسولات، يصطحبن طفلا، وصلن صباح اليوم إلى بلدة شقيب السلام في النقب، إلى موجة من الغضب في صفوف المواطنين، الذين أكدوا أن هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع العربي البدوي في النقب، تؤدي إلى عدم وصول المساعدات إلى المحتاجين والفقراء الحقيقيين.
وكانت كاميرات المراقبة رصدت امرأة تستقل سيارة حديثة، وصلت مع صديقتها وطفل، لبدء "يوم العمل" في بلدة شقيب السلام. وفور نشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، وصل إلى المكان عدد من الشبان الغاضبين وقاموا بتعطيل إطارات السيارة ووضع حجارة خلفها لكي لا تتحرك حتى مجيء المتسولات.
صورة من التوثيق
وقال شهود عيان: "حين رجعت المنسوبات زورا للمحتاجات، تظاهرن بأن لا علاقة لهن بالسيارة، وبعد فترة عادت "أم الطفل" وأدعت أنها حضرت من مدينة رهط وأنها محتاجة بالفعل، وقد تمّ الاتصال بالشرطة لمعرفة صلة الطفل بالمتسولتين – ولكن الشرطة لم ترد".
وتابع قائلا: "لاحقا حضرت إلى المكان مجموعة من المتسولات للمؤازرة، وحين علمن أنه تمّ الاتصال بالشرطة – هربن من المكان، في حين توسلت "أم الطفل" من الشبان بأن يتم تسليمها السيارة – وأنتهى الأمر بأن وعدت أن لا تعود مرة أخرى إلى شقيب السلام".
وكان شهود عيان لاحظوا اعتداء المرأة بالضرب المبرح على طفل معها على الشارع الرئيسي في بلدة شقيب السلام في نهاية الأسبوع. وقد تمّ استدعاء الشرطة والإسعاف الأولي، وبعد التحقيقات أتضح أن المرأة المتسولة من محافظة نابلس أما الطفل فأنه ليس ابنها، بل تمّ تأجيره لاستعطاف الناس.
الفيسبوك والواتس-أب أيضا
المواطنون العرب يلاحظون مؤخرا مناشدات ومبادرات استغاثة لمساعدة الفقراء والمرضى في قطاع غزة، والتي تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي والتراسل الفوري وخاصة "الفيسبوك" و"الواتساب" – بما يسمى "التسوّل الالكتروني"، والذي هو مزيج بين الصدق والتضليل، واستغله الكثير لتحقيق مآربهم الشخصية وجني المال على حساب احتياجات الفقراء وقوت يومهم، بل وألحقت الضرر بتمويل بعض المشاريع الإنسانية.
ويختلط الحابل بالنابل بين "التسول الإلكتروني" و"التسوّل الوجاهي" ما يدفع ببعض المتبرعين عن الإحجام عن تقديم الدعم والعون لأسر فقيرة بحاجة لمساعدة عينية ماسة.
تسول منظم
ويؤكد الكثير من الناشطين في مجال المساعدات الإنسانية أنّ التسول تحوّل إلى ظاهرة مزعجة لسكان النقب، حيث شهدوا بأن مركبة تجارية تقوم بتنزيل المتسولات على مفارق الطرق، وأحيانا تشاهد فتاة لا تتعدى عمر الـ16 عاما تحمل طفلا وتتنقل به بين السيارات، رغم حرارة الشمس الحارقة أو البرد الشديد. وينتشر المتسولون في الشوارع الرئيسية، خاصة على الدوار، وفي الأسواق العامة وأمام المساجد، وهم يستعطفون المارة ويستخدمون أساليب شتى للحصول على المال.
ويقول منصور الحروب، وهو أحد القائمين على الاهتمام بمساعدة الأسر المحتاجة في النقب، إنّ "هؤلاء ليسوا متسولات بل يتخذن من التسوّل عملا مربحا، ما يضر بالأسر الفقيرة فعلا ويضر بالمظاهر الاجتماعية لبلدتنا. بعد فحص الأمور لدى أصحاب المحلات التجارية، في نهاية اليوم تقوم كل واحدة منهن بتحويل المبالغ النقدية إلى ورقية تصل بين ألف إلى 1500 شيكل يوميا، هذا عدا الأوراق النقدية التي يتم تسليمها مباشرة لهن. هذا عمل مربح لا يمكن لمقاول أن يربحه في اليوم. للأسف الشديد رمضان سيزيد من هذه الظاهرة السلبية وسنرى ذلك أمامنا".
وأشار الناشط الاجتماعي أن أهل بلدة شقيب السلام قرروا وقف هذه الظاهرة، وبالمقابل مطالبة العائلات المستورة بالتوجه بصورة سريّة إلى الناشطين من أجل جمع التبرعات لهم خاصة عشية شهر رمضان المبارك – وعلى مدار العام كله.
ويعتقد الكثير من السكان في النقب أن "التسول الوجاهي" يدار من خلال عصابات منظمة، تحاول التلاعب بعواطف المواطنين ومشاعرهم لطلب المساعدة المالية، من خلال استخدام الفتيات القاصرات والأطفال الرضّع.
وعبر عدد من الناشطين عن استهجانهم لهذه الظاهرة، مؤكدين أن "العائلات المتعففة من المجتمع العربي في النقب – وهي كثيرة – لا تمد يدها ولا تتسوّل – بل تنتظر المساعدة من جمعيات مختلفة. نحن عشية شهر رمضان المبارك، وعلينا أن نكون واعين إلى أين يتم تحويل الصدقات، فلا يعقل أن تقود متسولة سيارة حديثة وتقوم بتضليل الناس".