أشبّهه ببركان صامت يخفي في جوفه المفاجآت والكنوز الدفينة والثمينة. في كلّ فترة زمنيّة ينفجر هذا البركان الصامت ليكشف لنا الأسرار والكنوز التي نلمسها على أرض الواقع.
إنّه كاتبنا، ابن الكرمل الشامخ، عضو اتّحاد الأدباء الفلسطينيّين واللجنة الإعلاميّة للأدباء، الشاعر والكاتب والإعلاميّ الزميل فهيم أبو ركن الذي أصدر مؤخّرا مجموعته الشعريّة "أستلّ عطرا" التي صدرت عن دار الحديث، وقد أهداني إيّاها في هذه الأيّام متأخّرا بعد فترة طويلة من إصدارها.
المعروف عن الشاعر فهيم أنّه يعتبر ركنا من أركان الحركة الثقافيّة والأدبيّة وله دوره وحضوره تاركا بصمات واضحة وأكيدة في رفع مستوى الحركة الأدبيّة، إنّه الإنسان الذي يحمل في وجدانه أسمى معاني الحبّ، العطاء، التضحية، الشفافية، والعفوية وقد برز هذا في إنتاجه وتحديدا في كلمة الإهداء التي يقول فيها: "إلى كلّ من يحمل في قلبه قبسا من نور المحبّة يترجمه سلوكا إنسانيًّا حضاريًّا راقيًا ".
هذه المجموعة "أستلّ عطرا" قسّمت إلى ثلاثة أقسام؛ وطنيّات، وجدانيّات، ومرثيّات. يظهر الكاتب بصورة واضحة الجانب الإنسانيّ الممزوج بالمشاعر والعواطف العميقة وتمسّكه بمسقط رأسه وجمال طبيعته الخلابة من جهة وانهماكه بقضايا مجتمعه وأوضاعه المقلقة والمزرية الآخذة بالتردّي يوما بعد يوم وتفاقم مظاهر وأشكال العنف، الفساد، التلوّن، التعصّب والتقيّد بالعادات والتقاليد التي أكل الدهر عليها وشرب من جهة أخرى.
وقد سيطرت الصبغة الرومانسيّة على قصائده التي تعتبر مثالا ونموذجا للكتابة الراقية والمعبّرة التي تدخل القلب دون إشارة دخول بعمق معانيها وأسلوبها السلس المميّز، إذ يقول في قصيدة "ملكة النور" صفحة 67
ترنو إليّ فتختفي البدور
أحاول ألّا أغرق
أتمرّد أثور
أتشبّث بباقات الزهور...
أحاول ألّا أغرق
في عينيها شعر وبخور
بحور بلا شطآن
يحسد عطرها الكافور
بل كلّ العطور
يغفو فيها الزمان
يرتقي المكان
ينتشي المرجان
يرقص العنبر فيها
ويسكر البلّور
يسافر الريحان
يحتضن قوافل النور
يا أميرة الجمال
يا ملكة الحور...
أصبحت في قلبي زهرة
الأغصان والأفنان
وأعمق الجذور
يقع الكتاب في 130 صفحة من الحجم المتوسّط، لوحة الغلاف للفنّانة سلوى عثمان، التصميم الداخليّ للفنّانة ملكة زاهر بالإضافة إلى مقدّمة الكاتب كانت مقدّمة مفصّلة للدكتورة الشفاعمريّة جهينة خطيب.
للشاعر الكبير والمبدع والقامة الشامخة التي لمع اسمها في سماء عالم الأدب والمجال الثقافيّ والتربويّ كلّ التقدير والمودّة وإلى المزيد من التألّق.