حركة فتح ونادي الزمالك : طموح مشترك للإستنهاض والتغيير
لي صديق سمين جدا جذوره شيوعية المنبت والإمتداد ، من شدة حرصه على حركة فتح وريادتها ومن ألمه الحقيقي على الإنتكاسات التي مرت بها كتنظيم طليعي ، فرّغ رفيقي مشاعره الكئيبة وأنهال علي بشكاويه وإنتقاداته البناءة الهادفة إلى معالجة الوضع المترهل للعمود الفقري في منظمة التحرير الفلسطينية ولرأس الحربة في مسيرة النضال الفلسطيني ، لحركة فتح طبعا ، وهي حامية وقائدة المشروع الوطني الفلسطيني في الإستقلال وبناء الدولة
الملفت المضحك في النقد الذي أبداه هذا الرفيق ، يكمن في مقارنته البريئة للأوضاع التي تعيشها حركة فتح العملاقة ذات الجمهور الواسع مع أوضاع نادي الزمالك المصري لكرة القدم ، والذي بعمره الزمني سبق حركة فتح بإنطلاقتها ، لكنه تقاطع معها في الجمهور والشعبية العريضة وفي كونه تربع لسنوات طويله على عرش الريادة والبطولة ، إلا أنه وفي سنواته الأربعة الأخيرة تراجع وإنهزم عدة مرات !!! وفي هذا الوصف إشارة للأربع سنوات التي عاشتها فتح بعد رحيل زعيمها وقائد مسيرتها الرمز الخالد ياسر عرفات وما تخللها من فشل وتراجع وترهل
قد يعترض البعض على التشبيه والمقارنه ، وهذا من حقهم ، لكن من المفيد جدا أن يعرف الجميع أن المسألة ليست مجرد تشبيه ولا يقصد منها الإساءة أو الإنتقاص من قيمة ومكانة حركة عظيمة كحركة فتح ، فالمغزى هنا أعمق وأعظم بكثير ، إذ أن مشكلة التراجع والترهل لدى الإثنين – فتح ونادي الزمالك – قادت جماهيرهما ومشجعيهما والمخلصين لهما إلى إعلان موقف صريح وواضح يقضي بضرورة إجراء تغيير جذري وحقيقي في الهيكلية القيادية واللجان المسؤولة وفي البرامج المعمول بها ، كي يتسنى لكليهما الإستنهاض والعودة بقوة إلى موقعهما الريادي والقيادي ، وهذا لا يختلف كثيرا عن التغيير الذي أحدثه عضو المجلس الثوري لحركة فتح والقائد الأمني البارز سابقا اللواء جبريل الرجوب " أبو رامي " ، عندما أتجه وبكل عزيمة وإصرار نحو الإستنهاض بكرة القدم الفلسطينية وتطويرها والرقي بها من خلال الإنتخابات الديمقراطية وتجديد الدم في الأندية الرياضية ، وقد حقق خلال أشهر قليلة ما عجز عن تحقيقه من سبقوه طيلة السنوات الماضية
إن مطلب التغيير في حركة فتح لا يختلف كثيرا عن أي مطلب للتغيير في اي مجال من المجالات السياسية والأمنية والإقتصادية والثقافية والرياضية أو أي مؤسسة من المؤسسات ، والإختلاف فقط يكمن في النوايا الصادقة والقناعة الراسخة لإحداث تغيير يقود الحركة نحو التقدم والتطور والإرتقاء إلى الأعلى ويهدف إلى إعداد جيل واعد قادر على تحقيق الإنتصارات والإنجازات ، وبما أن مطلب التغيير يهدف الى الاستنهاض والتطوير ويسعى الى خلق قيادة جديدة وصياغة برامج سياسية وتنظيمية وإدارية جديدة ، فمن الطبيعي جدا أن يطالب الجمهور الفتحاوي والزملكاوي بالإسراع في تنفيذ الآليات التي تحقق لهم طموحاتهم وآمالهم
ولا بد هنا من الإعتراف بالحقيقة ، فمنذ تدهور الأوضاع السياسية والداخلية الفلسطينية وتعاظم حجم الإشكالية الوطنية التي تسببت فيها حالة الترهل والتراجع الفتحاوية ، أجمع الوطنيون على مختلف أطيافهم وإنتماءاتهم السياسية والحزبية على ضرورة أن تعيد فتح مكانتها كحركة ريادية للشعب الفلسطيني من خلال ترتيب أوضاعها التنظيمية والسياسية والتعبوية والإعلامية وتقوية هياكلها وأطرها وتجديدها ، فهي الوحيدة القادرة على حماية مسيرة النضال الفلسطيني والإستمرار في بناء منجزات المشروع الوطني ، وعلى كاهلها تقع مسؤولية توحيد قطاعات الشعب وتنظيماته الوطنية والإسلامية وإنهاء حالة الإنقسام القائمة
بيد أن التحديات أمام حركة فتح كبيرة وليست سهلة ، فالإنقسام الفلسطيني والإنقلاب الدموي والمؤتمر السادس والجمود السياسي التفاوضي والقدس واللاجئين والأسرى والمعتقلين والمستوطنات والجدار والمياه وغيرها ، تحديات تحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير لتذليلها والله أعلم إن كانت حركة فتح لوحدها قادرة على إنجاز الحد الأدنى منها ، أم لا ؟!!!