خلال السنوات السبع الماضية اسس بالتعاون مع صديقه الكاتب ناجي ظاهر ابن مدينة الناصرة منشورات اطلق عليها اسم الملّ
غيّب الموتُ يوم الخميس الفائت 29-4-2021، في قرية الحسينية، الشاعر الكاتب حسين فاعور- الساعدي، بعد معاناة مع المرض المداهم استغرقت اقل من عشرين يوما، وقد ترك الفقيد وراءه اسرة ثاكلة وتراثا ادبيا ثرا تفرغ لإنتاجه في السنوات السبع الماضية الاخيرة.
ولد المرحوم قبل واحد وسبعين عاما، لعائلة بدوية تقيم في قرية الحسينية، الواقعة في منطقة الجليل الغربي، قرب بلدة عرابة البطوف. عمل في طفولته راعيا لمواشي الاهل، وتلقى دراسته بمراحلها المختلفة في العديد من المدارس والبلدات، وقد درس علم الاجتماع والتاريخ في جامعة حيفا، كما درس موضوع التخطيط البديل في جامعة كلارك في نيوجرسي الامريكية. بعد حصوله على اللقب الاول في علم الاجتماع والتاريخ، عمل في مطبعة صحيفة الاتحاد الحيفاوية، وابتدأ بنشر بواكير كتاباته الشعرية فيها. علما ان بداياته هذه تعود الى السبعينيات الاولى من القرن الماضي.
عمل بعدها مديرا لقسم الرفاه الاجتماعي التابع للسلطة المحلية في قرية بئر المكسور، وقد تواصل عمله هذا مدةً قاربت الثلاثة عقود من الزمن، وبقي فيه الى ان تقاعد قبل حوالي الاربعة أعوام.
خلال السنوات السبع الماضية اسس بالتعاون مع صديقه الكاتب ناجي ظاهر ابن مدينة الناصرة منشورات اطلق عليها اسم الملّ، تيمنا بالمنطقة التي ولد، عاش وترعرع فيها، في قرية الحسينية، واملا في ان يطول عمرها ويشتد عودها وتصمد لعوادي الزمن، كما هو الحال مع شجر المل القوي المعمر المنتشر في ربوع بلادنا وجبالها. صدر عن هذه المنشورات العديد من الكتب والمؤلفات لكتاب مختلفي المنازع والمشارب، ويذكر من مؤلفاته التي صدرت ضمنها مجموعته الشعرية الثانية عفوا كل هؤلاء، مجموعته الاولى حملت عنوان طفل يخترق الحدود. كما صدر عنها كتاب مذكراته وسيرته الشخصية " تحت النار " ، اضافة الى عدد من رواياته منها فتاة الموسيقى، البئر الملوثة- مذكرات رئيس، ودخان في كروم الله. وكان المرحوم شرع في كتابة رواية جديدة لافتة اطلق عليها اسم صاحب الجبل، وابتدأ بنشر فصول منها في مواقع الكترونية اعتاد على الكتابة فيها.
شكّل الهم الوطني لدى الفقيد الى جانب قرينه الجانب الانساني، عمودا فقريا لما كتبه وانتجه في المجالين الشعري والروائي، وتمحورت كتاباته حول رفض الحيف والظلم وحفلت ببحث جاد ومُجدّ عن العدالة والحرية، كما اتصفت بنبرة ساخرة سوداء، ميزت كل ما كتبه بما فيه مقالاته التي تنضح مرارة على ما وصل اليه الوضع العربي في بلادنا والخارج ايضا من احوال متدهورة واخذة في التدهور. ومع هذا يلمس من يقرا كتاباته تلك النغمة الاملة والمبشرة.
يُذكر للفقيد انه كان طوال حياته شعلة متقدة من النشاط والعطاء، ومما يسجل في كتاب عطائه انه كان واحدًا من الطلائع المحلية في بلدته التي عملت دون كلل او ملل خلال العشرات من السنين لرفعة قريته، تقدمها وتطورها، وهو ما حمل السلطات المسؤولة على الاعتراف بها، كما يسجل له انه اسس في السنوات الاخيرة الماضية نادي قراء الحسينية، وقام بعقد العديد من الامسيات والتكريمات الادبية لمبدعين ومنتجين محليين في بيته الخاص، كما تُسجّل له محاولته الرائدة لتوحيد الاطر الادبية المختلفة في بلادنا وهو ما تحقق بعد مبادرته المباركة تلك.