زرتُ اليومَ الجمعةَ أنا وصديقي "إبراهيم" مدينةَ "أم خالد" (1) الجميلة الواقعة على شاطئِ البحر المتوسط شمال مدينة "الحرم"(2)؛ وذلك من أجل المشاركة في سباق "السيارات الهجينة" التي صنعتها شركة "تويوتا" بعقول وأيادٍ يابانية كاملة.
وكانت نقطة التجمّع والانطلاق قرب ملعب لكرة القدم يقع شرق المدينة قرب الشارع المحاذي للشاطئ والذي يصل بين يافا وحيفا. وفي تمام الساعة التاسعة انطلقنا بالسيارة وفق خطة رسمتها لنا اللجنة المنظمة للسباق على خرائط جوجل بواسطة الجهاز المحمول، ورحنا ننتقل من زقاق إلى زقاق ومن شارع إلى شارع ومن حي إلى حي حتى وجدنا أنفسنا نسير بين بيارات مزروعة بالبرتقال، فعادت بنا الذّاكرة إلى بيارات يافا العظيمة التي كانت تغطي أراضٍ واسعة تمتدّ من قرى إجليل والشيخ مونِّس حتى المويلح والمِرّ وبيار عدس وكفر قاسم، ويمرّ من بين أشجارها نهرٌ متفتلٌ في خِفيةٍ كأنه خجول يسمى نهر "العوجا" (3). في تلك الأثناء أرادني "إبراهيم" أن أسير بسرعة كي نكون من أوائل الواصلين، مع أنّ قوانين السباق تحتّم علينا أن نسير بالسيارة الهجينة ببطء كي يتسنى لها أن تسير بنسبة كبيرة على النظام الكهربائيَ وألا تستهلك الكثير من الوقود.
لكن بعد مرور ساعتين من سفرنا الشاقّ هذا، وصلنا إلى منتزه وادي الْمِفجِر غرب مدينة "الخضيرة"، القريبة من قيسارية وزمّارين (4) وكان البحر بزرقته هادئًا لوجودنا، والشمس بنورها برّاقةً ترحّب بحضورنا، والعصافيرُ بزقزقتها مبتهجةً لقدومنا، فافترشنا الأرض عُشبها، وتبوأنا المكان طيبته، حتى كدنا ننسى أن نتناول طعامنا، بعد أن لقينا من سفرنا هذا نَصَبًا. وأحسسنا إذ ذاك أننا حيثما ذهبنا نجد ما يشبهنا من أديم الأرض ورائحتها.
ثُلث ساعة قضيناها نتسكع فيها على شاطئ البحر إلى أن ركبنا السيارة وقفلنا عائدين إلى "أم خالد"، عبر الشارع الموازي للشارع الساحلي والمسمّى بشارع رقم 4. وما إن وصلنا المحطة الأخيرة من السباق انتابنا إحساسٌ أننا سنكون من بين العشرة الفائزين، ولكن بعد أن تمّ فحص الجهاز الخاص الذي تمَّ تركيبه بسيارتنا، أصبنا بخيبة أملٍ وفوجئنا بحصولنا على المرتبة الحادية والعشرين بمعدل 38 كيلو متر لكل لتر واحد من البنزين بالسيارة الهجينة العجيبة. رحم الله السيارات القديمة وأسكنها في مسالخ سيارات الخردة.
------------------
1) أم خالد- تسمى اليوم مدينة "نتانيا"
2) الحَرَم- تسمى اليوم مدينة "هرتسليا"
3) نهر العوجا- يُسمى اليوم نهر اليركون.
4) زمّارين- يسمونها اليوم زخرون يعقوف.