الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 04:02

أسوأ نموذج في تاريخ السلطة الفلسطينية-بقلم: شاكر فريد حسن

شاكر فريد حسن
نُشر: 03/07/21 23:34

ما زالت تداعيات جريمة قتل المعارض الفلسطيني نزار بنات بأيدٍ فلسطينية، تتداعى في الشارع الفلسطيني، وهناك من يرى أن هذه التداعيات ستتواصل بتبديل بذور الشر بالخير، والبعض الآخر يرى أن هذه الصفحة ستنطوي كما انطوت عشرات الملفات والقضايا الموجعة الكثيرة.

لقد قدمت السلطة نموذجًا رديئًا والأسوأ في التعامل والتعاطي مع مواطنيها في ظل الاحتلال. فمن المعقول ولا في أي حال من الأحوال أن يسقط أي فلسطيني قتيلًا بأيدي الأجهزة الأمنية الفلسطينية لمجرد أنه معارض سياسي يعمل في المجال الحقوقي وينتقد سياسة السلطة وفسادها، ووسيلته الوحيدة الكلمة للتعبير عن رأيه وموقفه.

كذلك لا يجوز أن تقوم هذه الأجهزة بالاعتداء على جمهور المتظاهرين ضد هذه الجريمة النكراء، والاعتداء على الصحفيين الفلسطينيين وتكسير آلات التصوير وعدم تمكينهم من ممارسة حقهم في العمل الصحفي والإعلامي ومنعهم من نقل الصور الحية من قلب الحدث.

والسؤال: لماذا قدمت سلطة رام اللـه هذا النموذج السلبي الرديء والأسوأ في تاريخها، أم أن هذا هو نموذجها الحقيقي بالأساس كسلطة قمعية وليس سلطة وطنية تكافح وتناضل دفاعًا عن الشعب، ومن أجل انجاز وتحقيق التحرير والاستقلال الوطني وتأسيس الدولة الفلسطينية، والذود عن شعبنا الذي يئن ويتألم تحت وطأة الاحتلال، وإذا به يئن تحت نير السلطة الفلسطينية.!

إنها لجريمة مدانة ومستنكرة جملة وتفصيلًا، وهي أكبر وأعمق أن ينظر صاحب الشأن إلى الشعب كنظرته لقطيع أغنام حين يجوع، فشعبنا جائع وتواق للحرية، ولذلك رأى في اعتقال بنات أمرًا مستهجنًا، وربما هذه المرة العاشرة من نوعها التي يتم فيها اعتقاله والتحقيق معه، وبأمر من رأس الهرم محمود عباس، وكل مرة يمثل أمام المحكمة ويتم تبرئته، واغتياله يتطلب المساءلة والمحاسبة.

والرأي السائد، ووفق ما شاهدناه في الفيديو الذي تم بثه ونشره، ويظهر المجموعة الأمنية وهي تقوم بعملية اختطاف وليس اعتقال شهيد الكلمة نزار بنات، ما يؤكد أن هذه الجريمة كانت مبيته مع سابق الإصرار.

ما تمارسه أجهزة السلطة من عمليات قمع واعتقال واستخدام أسلوب العنف المفرط بحق الإعلاميين ورجالات الصحافة الفلسطينيين، الذين كانوا يغطون أعمال الغضب الشعبي، هو أسلوب الاحتلال الذي عانى منه شعبنا على امتداد سنواته تحت حرابه، وتم استنساخه لقمع المعارضين للسلطة والمتظاهرين ضدها وضد عملية الاغتيال، والسلطة التي تقمع وتضرب من حديد مواطنيها وتقتل المعارضين ليست شرعية أبدًا، ويجب ازالتها واسقاطها.

لقد كان من واجب الحكومة الاستقالة عقب هذه الجريمة السوداء، ويخرج رئيس السلطة محمود عباس عن صمته ويقول جزءًا من الحقيقة، إن لم يستطع قولها كلها، بخصوص تصفية نزار بنات.

لقد صرح وزير العدل الفلسطيني أن التقرير الطبي الأولي بشأن وفاة بنات، عقب اعتقاله من قبل قوة أمنية فلسطينية في بيته بمحافظة الخليل، أوضح أن نزار تعرض لعنف خارجي في عدة مناطق من الجسم، وخلال نقله إلى مركز الأمن الوقائي أصيب بالإغماء، ووفاته ليست طبيعية.

وفي الحقيقة أن السلطة الفلسطينية أصبحت بشكلها الراهن عالة على المشروع الوطني الفلسطيني من كل جوانبه، وتصفية واغتيال بنات على خلفية نشاطه السياسي والتعبير عن رأيه، لا يبشر بالخير لمستقبل السلطة الفاشلة والفاسدة، التي تفقد كل يوم شرعيتها السياسية والأخلاقية أمام أبنائها، والنموذج الذي قدمته بتصفية المعارض نزار ينات وقمع المظاهرات المنددة بهذه الجريمة، والاعتداء على الصحفيين وكسر كاميراتهم، هذا النموذج لا يليق بنا كشعب حضاري ولا بالنضال الوطني الفلسطيني وتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية الماجدة.

ما يليق بفلسطين وشعبها هو تحمل المسؤولية عما وقع وحدث، من خلال التحقيق الشفاف والمستقل في ملابسات الجريمة، للوصول إلى الحقيقة ومعاقبة المسؤولين والمنفذين، ومن خلال استقالات حقيقية على مستوى الحكومة وقادة الأجهزة الأمنية، وان يخرج محمود عباس ويتحدث للملأ بصورة شجاعة ويبادر لخطوة جوهرية بأجراء تغييرات وإصلاحات وفي صلبها تقديم استقالته والقبول بانتخابات ديمقراطية شفافة. ولا شك أن هذا الاغتيال الذي طال المعارض الجريء نزار بنات من شأنه أن يمثل بداية لتحولات وتغيرات على أرض الواقع سيصيب عصب وشريان الوضع الجماهيري الفلسطيني.


...

مقالات متعلقة

.