الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 02:02

معاناة سكان عرب الرماضين وأبو فردة في الضفة .. من اللجوء إلى العزل

ديالا جويحان -
نُشر: 02/05/11 21:19,  حُتلن: 22:13

حسن شعور: 

كنا نعيش في قرية ( خويلفة ) في منطقة بئر السبع حتى العام ( 1948م ) وكان عمري حينها سبعة سنوات .. هاجرنا إلى منطقة الظاهرية قضاء الخليل

لا يوجد مدخل للتواصل مع المدينة والقرى في المحافظة إلا من خلال بوابات عسكرية يسمح بالمرور من خلالها بتصاريح خاصة للمواطنين ، مما سبب العزلة واستحالة العيش في هذه المنطقة

تجمعان بدويان .. بات يأسرهما السكون، لا شيء هناك سوى قهر الجيش وظلمه لهم، التجمعان البدويان الواقعان إلى الجنوب الشرقي من مدينة قلقيلية يخضعان للعزل منذ العام 2004م، فجدار الفصل العنصري الذي قطع أوصال محافظة قلقيلية في العام 2002م وحول تجمعاتها إلى كنتونات معزولة فعل فعلته بهاذين التجمعين الذين يفتقدا إلى أبسط مقومات الحياة .



 النكبة
التجمعان الصغيران في منطقة تطل على الساحل، يسعى الاحتلال وبكل وسائله إلى أن يذيقهم مرارة اللجوء مرة أخرى، تارة بالترغيب وتارة أخرى بالترهيب، وما بين تجربتهم الأولى وممارسات الاحتلال يصر المواطنون على البقاء حتى لو حبس عنهم الهواء .
حسن شعور أحد المواطنين رئيس لجنة المشاريع في عرب الرماضين يروي القصة كاملة في درب المعاناة ويقول : " كنا نعيش في قرية ( خويلفة ) في منطقة بئر السبع حتى العام ( 1948م ) وكان عمري حينها سبعة سنوات .. هاجرنا إلى منطقة الظاهرية قضاء الخليل وعشنا فيها ثمانية سنوات حتى عام ( ١956م) حيث قام جزء من عشيرة عرب الرماضين من عائلة الشعور بالتوجه إلى مناطق الشمال الفلسطيني بالقرب من مدينة قلقيلية ( جنوب شرقي ) المدينة ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش في تلك المنطقة ، أما جيراننا عرب أبو فردة فكانوا يعيشون في قرية البصة قرب مدينة يافا ، وهاجروا بعد النكبة مباشرة بالقرب من مدينة قلقيلية مكان سكنهم الحالي .



استفزازات الجنود
أهالي التجمعين يعتمدون في مصادر رزقهم على تربية المواشي والعمل داخل الخط الأخضر، ورغم صغر عدد سكان التجمعين إلا أن موقعهم الاستراتيجي جعل الاحتلال من عذابات المواطنين ملهاة له، فالتجمعين الواقعين على تلة منبسطةٍ تبعد بضع أمتار عن الخط الأخضر، حال دون تواصل مستوطنة " الفي منشه " مع الخط الأخضر، ويضيف حسن شعور " أما في الوقت الحالي فان التجمعين يعيشان ظروف مأساوية جدا لا يتحملها البشر ، ومنها وجود جدار الفصل العنصري الذي أقيم قبل أكثر من ستة سنوات ، ويحيط هذا الجدار بالتجمعين من جميع الجهات ، حيث لا يوجد مدخل للتواصل مع المدينة والقرى في المحافظة إلا من خلال بوابات عسكرية يسمح بالمرور من خلالها بتصاريح خاصة للمواطنين ، مما سبب العزلة واستحالة العيش في هذه المنطقة ، حيث كان قبل بناء الجدار يستغرق الوصول إلى القرى المجاورة خمسة دقائق مشيا على الأقدام ، ولكن في الوقت الحالي يستغرق الوصول إلى المدينة والقرى المجاورة ساعتين أو أكثر ، وذلك لوجود إجراءات تعسفية وتفتيش وانتظار وقت طويل للمرور ، ناهيك عن استفزازات الجنود وطريقة التفتيش المهينة ، وهي بشكل يومي للمواطنين في الخروج والدخول إلى التجمع " .

سجن عسكري
ويخضع التجمعين لحصار مستمر وإذلال على البوابات، بل وان الجنود الاسرائيلين يمنعون أي مادة حتى لو كانت لإطعام الصغار ويقول حسن شعور : وإننا نعاني من إدخال المواد التموينية ومستلزمات التجمعين ، حيث تقوم سلطات الاحتلال بتحديد كمية المواد الغذائية المدخلة للتجمع ونوعيتها وعملية إدخال هذه المواد تتم بعد معاناة شديدة ، حيث يلزم التنسيق المسبق مع ما يسمى الإدارة المدنية قبل الموعد بيوم واخذ الموافقة عليها ومن ثم في اليوم التالي نقوم بإدخالها حيث تتعرض المواد لتفتيش دقيق وكأنها تمر لداخل سجن عسكري ، وفي بعض الأحيان يقوموا بإرجاع بعض المواد خاصة اللحوم والبيض بحجة أن هذه المواد لا يسمح دخولها إلى إسرائيل رغم أننا نعيش في أراضي الضفة وليس إسرائيل لكنهم يعتبرون هذه المناطق خاضعة للقانون الإسرائيلي وهذا ينفي ادعاءاتهم أن الجدار أقيم لدواع أمنية .



أزمة المواطنين في السكن
ورغم أزمة المواطنين في السكن، وضيق البيوت يمنع الاحتلال البناء وبشكل مطلق، وهذا ما دفع الأهالي لبناء بيوتهم من الصفيح، الذي يذيقهم حر الصيف وزمهرير الشتاء، لأنهم ممنوعون من بناء حجر واحد من الطوب يقول شعور " أما بالنسبة للتجمعين في الوقت الحالي فانهما يعانيان من وضع مأساوي نتيجة للتضييفات المستمرة من سلطات الاحتلال ، إذ لا يوجد أية مقومات للبنية التحتية في التجمعين من ماء وكهرباء وطرق معبدة ومرافق صحية وخدمات طبية علما بان سكان التجمعين يتجاوز ( 500) شخص .
كل ما هو موجود داخل التجمعين يخوض رحلة العذاب كل يوم في الصباح والمساء، ويروي حسن شعور رحلة العذاب لطلاب المدارس فيقول : " طلاب المدارس يذوقون الموت في الصباح والمساء لان المدرسة التي يدرسون بها في بلدة حبلة لقد كانت قريبة جدا قبل الجدار بحيث كان الوصول إليها يستغرق اقل من عشرة دقائق مشيا على الأقدام، لكن الجدار فصل بين المدرسة والقرية وأصبحت المسافة بعد الجدار تستغرق في بعض الأحيان أكثر من ساعة بالحافلات وان اغلب الأوقات يقوم الطلاب بانتظار على البوابات في الذهاب والعودة لساعات طويلة ، حتى يتم فتح البوابات التي تفتح ثلاثة مرات في اليوم ولمدة ساعة في كل مرة " هم بذلك يذوقون العذاب وكأنه قدر حتمي لهم، ليس لشيئ وإنما لغرس الخنوع فيهم، رحلة إلى المدرسة يذوقون فيها حر الصيف وزمهرير الشتاء .



صعوبة المواصلات
هذه المعاناة تتكرر كل يوم فالجندي الذي يتلقى تعليمات من قيادته بإذلال المواطنين ويسلبهم إنسانيتهم يحاول جاهداً أن يسقيهم مرارة العيش، ليشعرهم بأن وجودهم في هذه المنطقة لا لزوم له، المواطنة عليا شعور تصف ما تعرضت له خلال المخاض وتقول : " إن صعوبة المواصلات وتحديد عدد السيارات المسموح لها بالدخول إلى التجمع سبب لنا الكثير من المعاناة ، وبسبب هذه الإجراءات فإنني كنت في حالة ولادة قبل عام وقمت بالاتصال بإحدى السيارات المسموح لها بالدخول إلى التجمع لكن الحاجز الإسرائيلي حال دون وصول السيارة في الوقت المحدد واحتجزها لمدة ساعتين ، مما اضطرني للولادة في البيت بدون أية مساعدة وبعد الولادة نقلت أنا والجنين إلى مستشفى الوكالة في مدينة قلقيلية وأنا بحالة صحية صعبة جدا ، حيث مكثت في المستشفى لمدة شهر ، وبعد خروجي من المستشفى بقيت أعاني من بعض المشاكل الصحية والمضاعفات مما أدى إلى حدوث مشاكل صحية لي في الكلى والكبد" التقارير الطبية تبين إن مشاكلها الصحية نتيجة لولادتها في بيتها، هي الان مصابة بفشل كلوي، وترى الموت كل لحظة.
في الوقت الذي يسكن المواطنون في التجمعين في بيوت من الصفيح و" الاسبست " يشد المستوطنون بيوتاً ومبانٍ، ويصادرون ما تبقى من الأرض، يبقى المواطنون في التجمعين ينتظرون مصيراً مجهولاً، لكن ومع ذلك يصرون على البقاء حتى لا يجربوا تجربة اللجوء مرة أخرى .

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.76
USD
3.99
EUR
4.79
GBP
329316.87
BTC
0.52
CNY
.