سفك دماء في مجتمع عربي مهمل و"فالت"/ بقلم: أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 01/01 12:40,  حُتلن: 15:19

تلقيت مكالمات هاتفية من زملاء فلسطينيين في أوروبا وأمريكا، يسألونني عما يخدث في مجتمعنا من حالات قتل شبه يومية، بعد أن كانت موسمية وتطورت إلى شهرية فأسبوعية والآن إلى يومية. لكن الملفت في هذا التطور القاتل أن شعبنا لم يكتف بسقوط ضحية في اليوم بل رفع الرقم إلى ثلاثة. ومن يدري فقد يصبح أربعة أو خمسة وكأن القتل حسب العرض والطلب.
في الوهلة الأولى جمدت مكاني أمامي أسئلة الزملاء لأني لا أملك جواباً مقنعاً يبرر حالة القتل، وأي جواب لا ييعطي الحق في قتل الآخر. فهل أقول أن فلاناً من الوطن قتل بسبب "موقف سيارة"؟ وهل أقول أن "نظرة" استفزت الآخر واعتبرها إهانة لكرامته فسارع لقتل الناظر إليه بلمحة بصر. كيف لا ونحن في عصر السرعة ليس تكنولوجياً فقط بل وقتلاً أيضاً. هل أقول أن فلان سيق آخر في السواقة واعتبرها الآخر تجاوزاً لحدود الأدب على أساس "مين إنتي لتسبقني" وتطور المشهد لحالة قتل؟
هل أقول أن الخلاف كان على "كم شبر أرض" فسقط قتيل لسبب هذا الخلاف على الأرض؟ و(يا ريت يدافعوا عن الأرض) بهذا الشكل أمام المحتل ونحن نعيش حالة استيلاء رسمي على الأرض الفلسطينية. ماذا أقول للزملاء في الشتات الذين يحسدوننا على بقائنا في الوطن، لكنهم لا يعلموا ما يجري داخل هذا الوطن، وإن علموا فلن تكون معلوماتهم سوى قليل من كثير.

إنصحوني بربكم ماذا أقول؟ هل أقول أن غالبية قياداتنا (لا يجوز التعميم) مشغولة بأمور أخرى (ومش فاضية لحدا)؟ لقد صدقنا الكذبة. كذبة وجود أعضاء كنيست عرب قادرين على حل مشاكلنا. لقد صدقنا وعود رؤساء 62 بلدية ومجلس محلي بتحسين الأمن الاجتماعي للمواطن. كلهم مشغولون بمصالحهم الخاصة.

مواطنون من هذه الأرض الفلسطينية يقتلون على يد إخوانهم لأتفه الأسباب ولا يوجد من يضع حداً لذلك؟ النواب العرب (ويا عيني على هيك نواب) لدى البعض الوقت الكافي للحديث عن المثليين والدفاع عنهم وإن أمكن يسيرون في مسيرات احتجاج لجانبهم، والبعض الآخر مشغول في الرد عليه. يعني أصبح موضوع المثليين حديث الساعة. (شيء يرفع الراس).
نتنياهو مزق القائمة المشتركة، وكل مركباتها مشغولة بمنصور عباس ونتنياهو بدلاً من اعطاء الجريمة المتفشية في البلاد الوقت الكافي. كلهم مشغولون في الحديث عن انتخابات الكنيست القادمة، وكل مركب من المشتركة يفكر من الآن في عدد المقاعد التي سيحصل عليها، بدلاً من التفكير في عدد ضحايا الإجرام. لا أريد أن أشمت بالناخب العربي وأقول له "مستاهل" هؤلاء هم الذين انتخبتهم أنت، ومثلما تكونون يولى عليكم.
الشرطة، التي نحملها المسؤولية مفروض بها حماية المواطن. لكن هل تنظر الشرطة إلى المواطن العربي نظرة مواطن كما تنظر إلى المواطن غير العربي؟ وهل تتعامل معه بالتساوي مثل المواطن اليهودي؟ الكل يعرف الجواب. وما دام الأمر كذلك لماذا لا نكون على قدر المسؤولية ونعي جيداً للواقع الذي نعيش فيه. ولماذا لا نكون مثالاً يضرب به في كيفية احترام الغير والعيش بأمان؟

ثلاثة شبان عرب يسقطون في ليلة واحدة. يقولون سفك دماء ويقولون شلال دم يشهده المجتمع العربي. كل هذه الأوصاف لا تجدي نفعاً. ما الذي يجري في مجتمعنا؟ هل فقدنا البوصلة أم فقدنا الوعي أم الإثنان مع بعض. الأمر المضحك أن رئيس الحكومة نتنياهو أعلن قبل خمسة أسابيع (عن نيته) للمصادقة على الخطة الحكومية لمكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي، بمعنى أنه لم يصادق بل لديه النية في المصادقة (على مهلو شو صاير) لأن الذين يقتلون عرباً. الأمر الأكثر إيلاماً أن عدد ضحايا القتل العرب قد ازداد بشكل مخيف، منذ إعلان نتنياهو إذ تم قتل 17 مواطناً عربياً.
ماذا بعد؟ هل نستسلم للأمر الواقع ونترك الأمر لــ " لجان الصلح" و"اجتماعات فك العقدة و دفع الدية" و"يا دار ما دخلك شر واللي مات الله يرحمو"؟ سؤال موجه لكل مسؤول عنده ضمير.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com     

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة