الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 20 / سبتمبر 03:02

عناوين في الميزان - بقلم: محمد كناعنة ابو اسعد

كل العرب-الناصرة
نُشر: 24/12/09 13:50,  حُتلن: 14:40

- محمد كناعنة :

* أصحاب هذه السياسة لم يتركوا خيارًا آخر لنا إلاّ بالبناء فوق أراضينا دون إذنٍ من أحد

* عشرات البيوت تُهدم في السنة والآلاف منها مهدّدة بالهدم، وعشرات الآلاف من البيوت العربية مبنية بلا "ترخيص"

* هذا الحال لا يختلف عن ذلك الحاصل في مدينة القدس، فهذا المسلسل نشاهده يوميًا وفي حلقات متواصلة لا تنقطع ولا تتوقف

منذ قيامها تسعى دولة الاحتلال إلى خنق العرب الفلسطينيين في طول وعرض البلاد، ولم تتوانى أعلى المؤسسات في دولة "القانون" من سن وتشريع، لا بل والتفنّن في تشريع القوانين التي تُشلح العربي أرضه وحقله وزيتونه ومأواه، وكانت هذه القوانين أداة بيد المؤسسات الأمنية لتنفيذ مخطط الخنق هذا، إنّ هذا الترابط بين المؤسسة التشريعية المسماة "كنيست" وباقي الأذرع الأمنية إنما هو نتاج لسياسة وتوجه آباء دولة الاحتلال في ضرورة محاربة من تجذّر وبقي صامدًا في هذه البلاد، حيث اعتبروا أن بقائنا "خطأ" يجب تصحيحه، وعلى هذا "المنطق" تم مصادرة كل الأرض، التي صودرت فيما بعد فلسطين، التي سُرقت ونُهبت أصلاً.
كانت انتفاضة يوم الأرض عام 76 الرد الصحيح على ما تقوم به أجهزة الدولة العنصرية، من مصادرة للأراضي، ولكن حجم ما يحصل اليوم يفوق خطورة ما حصل عام 76، يكاد لا يمر يوم إلاّ ونسمع عن هدم منزل ومنزلين وثلاثة، في الجليل والمثلث. أما في النقب فحدّث ولا حرج، هدم تجمعات سكانية كاملة، ومحو قرى من مكانها، هذا يحدث ونحن نشاهد على شاشة التلفاز خبرًا عاديًا، وقيادة الجماهير تصدر بيانًا تحت عنوان "ارفعوا أياديكم عن نيكاراغوا". هذا هو الفرق بين عام 76 والألفية الثالثة.
عشرات البيوت تُهدم في السنة والآلاف منها مهدّدة بالهدم، وعشرات الآلاف من البيوت العربية مبنية بلا "ترخيص"، والسؤال، هل هذا سببه سوء تخطيط كما يدّعي البعض؟؟ قد يكون في هذا جزء بسيط جدًا من الحقيقة، ولكن الأمر أبعد من اهمال في بعض السلطات المحلية العربية، وأخطر من مجرد أن نراه تجاوز "لقانون" وجدَ أصلاً لخنق القرى والمدن العربية، إنّ ما يحصل هنا من هدم مُنظّم ومتواصل ومصادرة تحت ذرائع واستنادًا إلى تشريعات "البرلمان" ورفض المصادقة على الخرائط الهيكلية سنة تلو الأخرى، وشق الشوارع الالتفافية التي تبتلع الآلاف الدونمات، وفي بعض الأحيان الاشتراط على السلطة المحلية الموافقة على هذه الشوارع التي تخدم المستوطنات ولا تخدم القرى العربية وسكانها، لتوسيع جزئي في مناطق النفوذ، وكثير من الأحيان توافق السلطة المحلية على شق هذه الشوارع، وبعض الرؤساء تنازلوا عن جزء من مناطق نفوذهم لصالح مجالس أقليمية صهيونية مجاورة والثمن كان لا شيء. إنّ كل هذا المسلسل إنما هو سياسة عنصرية مرسومة ومدروسة وهدفها واضح وإن كان مُغطىّ بعباءة "القانون".
هذا الحال لا يختلف عن ذلك الحاصل في مدينة القدس، فهذا المسلسل نشاهده يوميًا وفي حلقات متواصلة لا تنقطع ولا تتوقف، فهل نعتبر أن الهدم في القدس أيضًا يندرج تحت باب عدم الترخيص وسوء الادارة، أم أن القدس تختلف عن أم الفحم والطيبة وعرابة!!! إنّها ذات اليد التي تهدم وذات السياسة والهدف واحد ومعروف.
في ظل الخرائط الهيكلية المقدمة من قبل القرى والمدن العربية، وفي ظل سياسة رفض منح تراخيص البناء للعرب ومع انتشار الفطريات السرطانية في قمم الجبال وفي محاذاة كل سهل ووادي من سهولنا وودياننا المنهوبة ماذا يتوقع أن يحدُث؟! كيف يمكن للإنسان أن لا يجد بيتًا يأويه ويجلس مكتوف اليدين؟! كيف يكون شعور الإنسان وهو يرى ويشاهد مسكنًا أمضى عمره في بناءه يهوى ركامًا في رمشة عين؟
إنّ التخطيط أمر مُهم في تسيير الأمور، لكن عندما تصطدم هذه الرؤية مع سياسة عنصرية ومخططات تعجيزية ليس أمام الناس إلاّ أن يبنوا منازلهم ومساكنهم بدون إذن، لأنَ الحق في المسكن حق مقدّس، فكيف يقول البعض إن ما يحصل هو مسؤولية الناس التي تبني بلا ترخيص، فحسب هذه القاعدة يجب هدم نصف قرانا العربية... وليس أسهل من القاء اللائمة على أحدهم لكن لا يساورني شك أن جذر المشكلة يكمن هُناك في رؤوس ساستهم وجوارير مؤسساتهم.
وعليه فإنّ أصحاب هذه السياسة لم يتركوا خيارًا آخر لنا إلاّ بالبناء فوق أراضينا دون إذنٍ من أحد، وأعتقد أن الانتفاضة القادمة حتمًا ستكون انتفاضة البناء بدون إذن، انتفاضة الدفاع عن الحق في المسكن، انتفاضة البقاء في أرض الأباء والأجداد، انتفاضة الحياة.
* أمين عام حركة أبناء البلد

مقالات متعلقة

.