الدكتور جمعة عبد العزيز في مقاله:
هناك عدة أنواع من الكولسترول، ولكن من المعتاد الإشارة بشكل أساسي إلى مجموعتين تلعبان دورًا معاكسًا لبعضهما:
(أ) "الكولسترول الضار" - LDL
(ب) "الكولسترول الجيد" - HDL
في السنوات الأخيرة طرأ ارتفاع في الوعي للتغذية الصحية والمتوازنة. يخطئ الكثير من الناس عندما يعتقدون أن الكولسترول في الجسم هو العدو، ويجب الامتناع عنه قدر الإمكان. إلا إن هذا الافتراض غير دقيق لأن الكولسترول يلعب دورًا حيويًا في عمليات هامة بالجسم مثل بناء غشاء الخلايا، إنتاج الهرمونات الحيوية وإنتاج الأحماض الصفراوية التي تذيب الدهون في الجهاز الهضمي. الكولسترول هو في الواقع مادة دهنية موجودة في غشاء الخلية في كل خلية من خلايا جسم الإنسان والحيوان.
للكولسترول مصدران رئيسيان: كولسترول من مصدر داخلي – الكولسترول الذي يُنتج في خلايا الكبد ويشكل حوالي 70% من قيم الكولسترول في الجسم، وكولسترول من مصدر خارجي – كولسترول مصدره التغذية التي تعتمد على الأطعمة من مصدر حيواني، مثلا يشكّل الحليب والبيض واللحوم مصدر 30% من الكولسترول في الجسم.
هناك عدة أنواع من الكولسترول، ولكن من المعتاد الإشارة بشكل أساسي إلى مجموعتين تلعبان دورًا معاكسًا لبعضهما: (أ) "الكولسترول الضار" - LDL (البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة) - بروتينات دهنية (مكونات بيوكيميائية تتكون من الدهون والبروتينات) ذات كثافة منخفضة تنقل الكولسترول من الكبد إلى خلايا الجسم. مستويات LDL المرتفعة تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بسبب "تصلب الشرايين". يحدث تصلب الشرايين عند تراكم الدهون والكولسترول ومواد أخرى في جدران الشرايين. ويمكن أن يؤدي هذا التراكم إلى تشويش في تدفق الدم إلى القلب والدماغ وأعضاء الجسم الأخرى وبالتالي يتسبب في نوبات قلبية أو سكتات دماغية. (ب) "الكولسترول الجيد" - HDL (البروتينات الدهنية عالية الكثافة) - بروتينات دهنية (مكونات بيوكيميائية تتكون من الدهون والبروتينات) ذات كثافة مرتفعة تجمع الكولسترول من الدورة الدموية وجدران الشرايين وتوجهه إلى الكبد، حيث يتم تحليله وإزالته من الجسم. قيم HDL المرتفعة تحمي الشرايين من الانسداد وتصلب الشرايين.
من أجل قياس مستوى الكولسترول يتم إجراء اختبار دم بسيط يقوم بترجمة بروفيل الدهون في الجسم. تتيح نتائج الاختبار تقدير النسبة بين الكولسترول الجيد والكولسترول الضار. الوضع المرغوب هو بروفيل دهون متوازن - أي أن تكون قيم HDL أعلى من قيم LDL في الجسم. قيم الكولسترول "الضار" التي تعتبر سليمة تختلف من شخص لآخر حسب حالته الطبية والأمراض القائمة والتاريخ العائلي وبالتالي يُنصح باستشارة طبيب الأسرة. سيقوم الطبيب بتفسير نتائج الاختبار ومن خلال تحليل مشترك مع المريض لعوامل الخطر الخاصة به ونمط حياته والبروفيل الوراثي، سيساعده في تحديد قيم الكولسترول المرغوبة. يتم إنتاج الجزء الأكبر من الكوليسترول (70%) في الجسم ولذا في بعض الحالات لن يكون النظام الغذائي وتغيير نمط الحياة وحدهما كافيين دائمًا لخفض مستويات الكولسترول. على سبيل المثال، هناك حالات تكون فيها قيم الكولسترول المرتفعة ناجمة عن مرض وراثي لدى المريض يعيق إنتاج الكولسترول بشكل سليم في الكبد. لذلك هنالك أهمية كبيرة لاستشارة الطبيب.
وفقًا لإرشادات الجمعيات المهنية، يجب أن تكون قيم LDL لدى الشخص المعافى الذي بدون عوامل خطورة أقل من 130 مجم/ديسيلتر (ملليغرام لكل ديسيلتر). من ناحية أخرى، يجب أن تكون قيم LDL لدى شخص مدخن أقل من 100 مجم/ديسيلتر ولدى مرضى السكري حتى أقل من 70 مجم/ديسيلتر. يجب على المرضى المعرضين لخطر مرتفع للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو أولئك الذين أصيبوا بأحداث قلبية الحرص على عدم تجاوز 55 مجم/ديسيلتر في قيم LDL. مستويات "الكولسترول الضار" المرتفعة يمكنها أن تسبب الذبحة الصدرية وأمراض القلب التاجية ونوبة قلبية وحتى سكتة دماغية. يعاني حوالي 21% من سكان إسرائيل من مستويات كولسترول مرتفعة.
في السنوات الأخيرة ازداد الوعي بأهمية اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، وبأعقاب ذلك غيرت مطاعم الوجبات السريعة أيضًا قائمة طعامها وفي السوبر ماركت يمكنك ملاحظة علامات على المنتجات التي تحتوي على كمية عالية من الصوديوم والدهون والسكر. ومع ذلك، هناك قلة بالوعي بالنسبة لمخاطر ارتفاع مستويات "الكولسترول الضار" وأهمية قيم "الكولسترول الجيد" المرتفعة.
يشكل السكان العرب حوالي 21% من سكان إسرائيل، ولكن للأسف تتضمن هذه المجموعة نسبة مرتفعة من الأشخاص الذين يعانون من زيادة "الكولسترول الضار" ومن الأمراض الناجمة بشكل غير مباشر ومباشر عن الكولسترول. أسباب ذلك كثيرة وتشمل، من بين أمور أخرى، تناول الأطعمة التقليدية التي يكون بعضها مشبعًا بكمية كبيرة من السكر والكولسترول والدهون المشبعة، معدلات التدخين المرتفعة، وكذلك قلة الوعي بأهمية التربية البدنية والأنشطة الرياضية منذ سن مبكرة. أثبت في العديد من الدراسات أن ممارسة الرياضة ناجعة في رفع مستوى الكولسترول الجيد الذي يحمي الجسم من أضرار LDL. في المجتمع العربي، يجب الحرص على التوعية منذ سن مبكرة للحفاظ على نظام غذائي متوازن والحرص على ممارسة نشاط بدني منتظم من أجل منع الأمراض المرتبطة بالكولسترول التي تتطور على مر السنين.
تتوفر اليوم العديد من العلاجات للأشخاص الذين يعانون من زيادة الكولسترول، وتوازن الدهون السلبي. في معظم الحالات، سيوصي الطبيب بتغييرات في نمط وأسلوب الحياة مثل تقليل استهلاك المشروبات الكحولية، الإقلاع عن التدخين وتقليص استهلاك الأطعمة المصنعة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والدهون المشبعة. في الوقت نفسه، يجب الحرص على ممارسة الرياضة بانتظام (يفضل التمارين في الهواء الطلق) عدة مرات في الأسبوع بشكل ثابت. بالإضافة إلى ذلك، هناك علاجات دوائية لخفض الكولسترول، علاج بأقراص وعلاج بحقنة مرة كل أسبوعين، قد أثبتت نجاعتها وتساعد في موازنة مستويات الكولسترول في الدم وكذلك تمنع الإصابة بأمراض القلب وتضرر الأوعية الدموية. ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أنه من المفضل أن ترافق الاستشارة الطبية هذه العملية في جميع الأوقات.
الكاتب هو طبيب مختص في طب الأسرة وطبيب سكري ومدير عيادة كفر يونا