د. جرير خوري:
للتكنولوجيا الحديثة دور مهم في علاج مرض السكري، مضخات الانسولين والمجسات الحديثة أحدثت ثورة في طرق علاج مرض السكري وتعزز من فرص ابتكار البنكرياس الصناعي الاول
للتكنولوجيا الحديثة أصبح دور مهم جدا لا يمكن الاستغناء عنه في علاج الامراض واجراء العمليات الجراحية، كما وأن للتكنلوجيا دورها الهام في تحسين جودة حياة المرضى وامانهم وتحسين طرق تواصلهم مع طبيبهم الخاص وتوفير المعلومات الطبية للطاقم المعالج بدقة وبسرعة. حول اخر التجديدات في علاج أحد أكثر الامراض فتكا في المجتمع العربي وهو مرض السكري، تم الكشف مؤخرا عن تقدم ملموس وعدد من الابتكارات التي تفتح الطريق لفرص ابتكار البنكرياس الصناعي والذي من شأنه أن يسهل حياة مرضى السكري من النوع الاول. حول دور التكنلوجيا الحديثة وتأثيرها على حياة مريض السكري كان لنا حديث مع د. جرير خوري، أخصائي طب العائلة واستشاري السكري في خدمات الصحة الشاملة - لواء الشمال.
بداية ما هو مرض السكري وما هي انواعه؟
يتميز مرض السكري بأنواعه بارتفاع في مستويات السكر، وذلك بسبب خلل في الاجهزة المسؤولة عن ضبط افراز الانسولين من البنكرياس واستعماله بالإضافة الى خلل في استجابة خلايا الجسم للأنسولين. بشكل عام هناك نوعان من مرض السكري. السكري النوع الاول ويشكل حوالي 5-10% من مجمل مرضى السكري ينشأ بسبب تعرف جهاز المناعة للخلايا المسؤولة عن افراز الانسولين كأجسام غريبة فتهاجمها وتؤدي الى تلفها ومن هنا فان علاج المصابين به يكون بالاعتماد الكلي على حقن الانسولين. هذا النوع من السكري يحدث غالبا في سن مبكرة اثناء مرحلة الطفولة والبلوغ ولذلك سمي ايضا بسكري الاحداث او سكري الاطفال.
أما السكري النوع الثاني فهو منتشر أكثر وعدد المصابين به بازدياد مستمر وتعود أسبابه الى مقاومة انسجة وخلايا الجسم وبشكل خاص الكبد والعضلات والانسجة الدهنية للأنسولين حيث لا تتناسب كمية الانسولين المفرزة الى الدم لإدخال السكر مما يسبب ارتفاعا للسكر في الدم. غالبا ما تظهر علامات المرض بعد جيل الاربعين ويبدأ بالتطور تدريجيا واسبابه الواضحة هي السمنة الزائدة، العامل الوراثي وغياب النشاط البدني والتغذية غير الصحية. في الآونة الأخيرة نشهد ازديادا ملحوظا في عدد المصابين بالسكري النوع الثاني كما نشهد انخفاضا ملحوظا في جيل ظهور المرض حتى أصبح من غير المفاجئ تشخيص بعض الأطفال كمصابين بالسكري النوع الثاني.
ما هي طرق العلاج القائمة؟
بداية، للمصاب بمرض السكري دور هام في عملية العلاج ومنع تطوّر المرض بدءا من المحافظة على تغذية سليمة ووزن ملائم وممارسة النشاط البدني باستمرار وتناول الادوية الموصي بها من قبل الطبيب والتي تهدف جميعها الى موازنة نسبة السكر في الدم وهي مرتبطة بالانسولين للنوعين الاول والثاني من مرض السكري. وهنا لا بد من التنويه الى شريحتين مهمتين للغاية: من عندهم "ما قبل السكري" والنساء اللواتي تم تشخيصهن اثناء الحمل كمصابات بسكري الحمل. هؤلاء لديهم فرصة ذهبية لمنع او تأجيل السكري من خلال تبني نمط حياة صحي وسليم.
ماذا عن دور التكنولوجيا الحديثة في علاج مرضى السكري؟
للتكنلوجيا الحديثة دور هام جدا في علاج الامراض بشكل عام ونحن في خضم ثورة تكنلوجية في طرق العلاج بمساعدة أجهزة ومضخات ومجسات ( سينسور) تم تطويرها في السنوات الأخيرة تحمي وتسهل حياة مرضى السكري المعتمدين على حقن الانسولين في العلاج لا سيما مرضى السكري النوع الأول والثاني. على المرضى ان يعلموا ان هذه الأجهزة لا تعني زراعة بنكرياس صناعي ولا تستبدل عمل البنكرياس ولا يتم اجراء عملية لزرعها انما هي أجهزة صغيرة يتم تثبيتها على الجسم خارجيا. بدأت هذه الاجهزة بالانتشار بعد لمس تأثيرها الايجابي على جودة حياة المرضى وأمانهم خاصة وأنها تقلل من حوادث نقص السكر الحاد في الدم بنسبة فائقة جدا وتهتم بموازنة السكري وفق المعدلات المطلوبة وبالتالي تسهل مضخات الانسولين والمجسات حياة مرضى السكري بشكل ملحوظ وواضح.
كيف تسهل مضخات الانسولين الذكية والمجسات حياة مريض السكري؟
أحد المشاكل التي تواجه مريض السكري من النوع الأول بشكل خاص وأيضا من النوع الثاني لدى الذين يتناولون الانسولين بأكثر من حقنة، هو ضرورة فحص مستوى السكر في الدم من 3 – 6 مرات يوميا بالوخز من أجل ملاءمة جرعة الانسولين المطلوبة. بمساعدة التكنلوجيا الحديثة تم ابتكار مجسات تستطيع قياس ومتابعة مستوى السكر في الدم بدقة. اذ تشكل هذه المجسات (سينسور) جهازا منبها عند انخفاض السكر الحاد لكي يقوم المريض بتناول بعض النشويات للخروج سريعا من هذه الحالة.
افراز الانسولين بمساعدة مضخات الانسولين هي الطريقة الاقرب لإفراز الانسولين لدى الاشخاص المعافين، وامتصاص الانسولين من خلالها يكون جيدا ويقلل من عدد حقن الانسولين المطلوبة يوميا ويقلل من احتمال حوادث نقص السكر أثناء النوم في حال تم تركيب مجسات السكر معها. كما ويوجد اليوم جيل جديد من مضخات الانسولين ذات مستوى دقة ومصداقية مرتفع وهي صغيرة الحجم، مضادة للرطوبة والصدمات. ابرز الاجهزة والتقنيات الحديثة والمثيرة والتي تم تطويرها بواسطة شركة ميدترونيك العالمية هي سلسلة من الاجهزة المعدة لمرضى السكري ابرزها منظومة ميدترونيك 640 G وسمارد جارد وهي الاولى في العالم القادرة على موازنة لنسب السكر تلقائيا، حيث تتوقف الاجهزة عن ضخ الانسولين عند التوقع بان نسب السكر تقترب من الحد الادنى المحدد سلفا وكذلك تجديد تزويد الانسولين عندما تعود نسب السكر الى مستوى آمن وهي موجودة ايضا باللغة العربية. كما وسيتم قريبا اطلاق منظومة متطورة أكثر تشكل الجيل القادم من التكنلوجيا الحالية تدعى مينيميد 670G وهي تقلد عمل البنكرياس جزئيا وهي منظومة مغلقة تلائم اوتوماتيكيا وشخصيا تزويد الانسولين بناءا على معطيات مجسات تحت الجلد وبذلك تمنع الارتفاع او الانخفاض الحاد بمستوى السكر في الدم . كما وتعمل أجهزة اخرى على قياس مستوى الانسولين على مدار الساعة وتعمل على تخزين المعطيات والنتائج وارسالها عبر الشبكة العنكبوتية للطبيب او عبر هاتف الاهل وبهذا الطريقة يكون مريض السكري على تواصل ومراقبة مع العائلة أو الطبيب على مدار الساعة وبهذه الطريقة يتم تجنب الحوادث ودعم امان المريض والاهل وتقليل القلق كذلك يتيح للطبيب مراقبة وضع مريض السكري على مدار الساعة.
هل تناسب هذه التجديدات جميع المرضى؟
مضخات الانسولين قد تلائم معظم مرضى السكري من النوع الاول وفصيلة معينة من مرضى السكري النوع الثاني أما مجسات السكر فتعطى لمرضى السكري النوع الأول, بعضها بشروط معينة. في كل الاحوال يجب استشارة الطبيب لفحص إذا كانت هناك تحديدات لاستعمالها ومدى ضرورتها وفائدتها للمريض خاصة وأنها تقلل من قلق العائلة على صغار وكبار السن. هذه الاجهزة مشمولة ضمن سلة الادوية في صناديق المرضى ويمكن استشارة الطبيب الخاص لضرورة استعمالها.