سميح خلف في مقاله:
حركة فتح هي اكبر حركات التحرر التي تعرضت لأكبر هجمة لمنطلقاتها واهدافها وتاريخها عندما تقلد امورها من هم ليسوا في مستوى المسؤولية الوطنية
ابو علي اياد هذا الرجل الذي لا يعرف دروب المكاتب والبيروقراطية في حركة فتح ، بل كان الرجل ذو المنهجية الثورية المنضبطة والتي يرهبها كثير من البيروقراطيين والمتلكئين على رصيف الثورة
ثمة تاريخ يجب أن يصحح وأن يكتب منذ الطلقة الاولى وعملية عيلبون والمشاركين فيها ، والذين اهملوا في كتابة حروفها الصحيحة واين هم في سجل تاريخ حركة فتح ، بلا شك أن هناك مفصليات مغيبة عن انطلاقة الحركة والصراعات التي كانت تدور في الخلية الاولى والخلية الثانية لهذه الحركة.
المهم أن الحركة قد انطلقت والطلقة الاولى قد اندفعت وهناك في الظلال هم الابطال الذين غيبوا عن المشهد التاريخي لهذه الحركة وليس صدفة او نسيانا، بل كتابة ممنهجة واقوال ممنهجة لتكريس نهج معين وفق معطيات سياسية ومنهجية لتيار محدد بحد ذاته. أبو علي اياد كان هو نقطة الفصل بين الثورة واللا ثورة ، بين الاداء الثوري والاداء البيروقراطي الممنهج والمخرب في صفوف حركة فتح.
لا يهمني كثيرا ً الاهازيج والتلميع والتأليه الذي رافق هذه العملية من عملية التغييب ، ولكن هذا هو ابو علي اياد كيف وقف في عجلون وقطاع 201 وماذا قال في لحظاته الأخيرة .. وكيف قتل ؟ ولماذا قتل ؟ ومن هم الذين قتلوه والذين حاولوا تصدير قتله الى جهات عربية .. المهم ان منهجية الثورة قد قتلت ، بل قد قطع رأسها برحيل القائد الفذ أبو علي اياد .
لا نريد هنا ان نتحدث عن ماذا دار بعد جنازة الشهيد أبو علي اياد من حوارات ساخنة وتبادل للاتهامات وخاصة بين عائلة الشهيد ومنهم القادة الكبار في حركة فتح والعاصفة .. لا اريد ان اذكرهم فردا فردا ً بل اكتبي بأخي الفارس الفتحاوي العاصفي ابو نضال ، وهنا لا اقصد ابو نضال البنة.
المهم كانت خطوط المؤامرة على الثورة قد بدأت ما بعد الخروج من عمان والتجييش والمكاتب الفارغة ، وتحولت مؤسسات الثورة الى مؤسسات سياحية اعلامية للترويج والاستعراض ومرافق لذلك برنامج سياسي هزيل وقواعد قتالية معطلة وتحورات بين العاصفة والميليشيا والتنظيم والصراعات بينها ، بالاضافة الى صراعات الاجهزة .. فالمواجهة كانت مع اسرائيل من جنوب لبنان لم تكن مواجهة ثورية بل كانت مواجهات محدودة وتحريكية في ظل اتصالات قائمة مع اليسار الاسرائيلي وغيره.
ابو علي اياد هذا الرجل الذي لا يعرف دروب المكاتب والبيروقراطية في حركة فتح ، بل كان الرجل ذو المنهجية الثورية المنضبطة والتي يرهبها كثير من البيروقراطيين والمتلكئين على رصيف الثورة ، والذين فيما بعد اصبحوا يمثلون الثورة ضمن مكاتب وافلام وبانارومات نعرف نتائجها الان بما وصلنا اليه من مهازل اوسلو وتطبيقاتها وما اتت به من لعنات على هذا الفريق الذي سرق الثورة ودمر العاصفة ودمر جذوة التضحية والنضال والقتال من اجل مكاسب آنية واطماع في ثروة او في موقع او منصب .
لقد كان الفيتناميون والصينيون من الذكاء انهم تنبؤوا لهذه الثورة بأنها لن يكتب لها النجاح ولن تحقق اهدافها ، ولأن الثورة الفلسطينية لم تصمد كثيرا ً اكثر او اقل من عدد اصابع اليد الواحدة .. للأسف مازال الغش والتحوير والتدوير ورسم البطولات لهؤلاء هي المنهجية السائدة تغطية عن الجيل الذي ضحى والجيل الذي رسم خطوط الثورة وعلى رأسه ابو علي اياد ومن بقوا يصارعون منهجية الذل والعار والانحراف في حركة فتح والذين رحلوا مبكرا ً مثل ابو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر وما تم تجهيزه لاخر انفاس الثورة في صراعها مع هذا النهج مثل القائد الرمز ابو جهاد وابو اياد وابو الهول وابو شرار وكثير من الكادر المتقدم الذين رحلوا في غيبوبة وغياب مبهم ومجهول .
ابو علي اياد هو كان الفصل بين الثورة واللا ثورة ، كان هو الرجل القائد المتقدم الذي يرهبه هؤلاء الذين تمطعوا لقيادة ما بعد الثورة وهم هؤلاء الآن الذين يتباكون على من اعطاهم مجد خطف الثورة ورسم سلطة واهية لا تعدو انها سلطة كسلطة انطوان لحد بشيء من التجميل والتلطيف الذي انفضح اخيرا ً في سلوكهم ضد الشعب وضد أي عملية اصلاح في حركة فتح مطالبها العودة للنظام والمبادئ والاهداف والاخلاقيات الوطنية التي خطتها حركة فتح ، أي اقصد الثوريين في حركة فتح .
لابد من التاريخ من ان يكتب من جديد لهذه الحركة ، لكي نفهم كيف نكرس وبشكل مركز كيف يمكن ان نستعيد هذه الحركة من خاطفيها الذين تغوطوا كثيرا ً نحو الفشل والافشال لأي مشروع وطني ولأي اداة ثورية من خلال حصارهم وامتلاكهم لكل مقومات وادوات التنكيل بالاصلاحيين في حركة فتح على مدار تاريخها الى الآن .
بلا شك أن حركة فتح هي اكبر حركات التحرر التي تعرضت لأكبر هجمة لمنطلقاتها واهدافها وتاريخها عندما تقلد امورها من هم ليسوا في مستوى المسؤولية الوطنية ، وليسوا في مستوى الحفاظ على مبادئها اهدافها ومنطلقاتها ، بل ذهبوا بعيدا ً وربما الاحتلال قد مارس كل انواع المواجهة مع شعبنا ومع الثورة من خارجها ، ولكن كان الاخطر تلك الممارسات التي يمارسها هؤلاء الطغاة المتفردين بقرار الحركة وتسطيح مفاهيمها وثقافتها ، حيث اصبح البرنامج لا برنامج .. بل اصبح التصفيق والتهليل والتأليه لهؤلاء الطغاة الذين لم يجلبوا الى العار والفقر والدمار والبطالة ونهاية لطريق مسدود يجب ان نخرج منه محطمين كل ادوات الذل والعار لتعود حركة فتح الى ما اراد لها وما كان يفكر فيها الفائد الفذ ابو علي اياد الذي كان يرهبهم جميعا ً وبالتالي وبمقدار ارهابه لهم كانت عملية الغدر الكبرى ليقطعوا رأس الثورة في مهدها.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net