مسألة الاسم المستعار في الكتابة
مسألة الاسم المستعار ليست جديدة في عالم الكتابة، فهي قديمة جدا، ونحن نعرف شعراء وكتابا عربا كتبوا بأسماء غير أسمائهم وألقاب غير ألقابهم. بيد أن كاتبا يستعير اسم أنثى ليوقع به ما يكتبه أو كاتبة تستعير اسم ذكر لتوقع به ما تكتبه هنا تكمن الطرافة والغرابة معا. وقد حكى لي أحد أصدقائي الشعراء مرة أنه استعار اسم أنثى للكتابة في جريدة نسائية، وأخذ يهاجم بعض الكتاب المرموقين تحت ذلك الاسم، ولا أحد علم بالأمر، وكان هجومه النقدي عنيفا على أولئك الكتاب، ولو كتب باسمه الصريح المعروف به لما كان نقده وهجومه على تلك الدرجة من العنف والقساوة ، وللقي من أولئك الكتاب ردودا ربما هي أعنف وأقسى مما كتب.
الأسئلة التي تطرح نفسها هنا حسب تجربتي في الشبكة العنكبوتية هي كالتالي:
- لماذا الاهتمام بالكتابة النسائية يأتي على حساب الاهتمام بالكتابة الرجالية ؟
- هل الأمر يتعلق بنوعية الكتابة لدى الأنثى أم بشيء هو خارج هذه الكتابة؟
لماذا يلقى الكاتب اهتماما بكتابته في المنتديات و المواقع الثقافية حينما يستعمل اسما مستعارا لأنثى، بينما لا يلقى نفس الاهتمام حينما يستعمل اسمه الحقيقي أو يستعمل اسما ذكوريا، مع أن نوعية الكتابة لديه هي نفسها لم تتغير في كلتا الحالتين؟
إن الإجابة عن الأسئلة أعلاه سيسلط الضوء على قضية من جملة القضايا التي تطرحها الكتابة في الأنترنت.
في رأيي الشخصي أعتقد أن الكاتب ليس في حاجة لاسم مستعار كي يتعامل به مع القارئ، وإذا كنت أجد العذر للمرأة الكاتبة في هذا، فأنا لا أجده للرجل الكاتب، فأنا كقارئ أحيانا أريد الاقتباس من كاتب فكرة أو أفكارا أعجبتني، لكنني أجد نفسي أمام شبح يتخفى وراء اسم مستعار ، فأعدل عن الاقتباس، وفي نفسي ما فيها من تذمر، وخاصة إذا كان الكاتب يستعمل اسما مستعارا هو أقرب ما يكون إلى السخافة منه إلى اسم أدبي لكاتب يحترم نفسه، فهذا اسمه المارد، وذاك اسمه شارب البحر، وذلك اسمه المصقوع وما إلى ذلك من الأسماء التي تثير الضحك وأحيانا الاشمئزاز في نفس القارئ.
إذا كان لدى الكاتب ما يقوله فلا بأس أن يعلن اسمه على الملأ ، حتى يضع القارئ اسمه في الخانة التي يستحقها، وحتى تكون له المصداقية التي يتغياها كل كاتب يؤمن بنبل الرسالة التي يحملها.
إن استعمال الاسم المستعار في الكتابة له دواعيه وأسبابه، وإن كانت هذه الأسباب والدواعي عند تمحيصها والتأمل فيها تبدو واهية وضعيفة، لكن من سوء استعمال الاسم المستعار هو أن صاحبه قد يقول ما يشاء كيف ما يشاء، دون أن يخشى تعرض اسمه الحقيقي للتجريح، وهنا تبرز معاناة الكتاب أصحاب الأسماء الحقيقية مع ذوي الأسماء المستعارة، بحيث إن الأولين خصوصا عند النقاش يراعون أمورا لا يراعيها الآخرون، مادام هؤلاء ليس لديهم ما يخسرونه ، فهم اليوم بأسماء وغدا هم بأخرى، بينما أولئك تبقى أسماؤهم ثابتة لا تتغير اليوم وغدا.
إن صاحب الاسم المستعار بإمكانه أن يهاجم من يشاء بكل حرية، فتخفيه تحت اسم وهمي يضمن له مساحة من التحرك غير متاحة لصاحبه ذي الاسم الحقيقي ، لذا ففي النقاشات الحادة يبدو أحيانا عدم التكافؤ بين الجانبين واضحا. وقد فطنت بعض المواقع و المنتديات لهذه المشكلة فوضعت من بين شروط العضوية فيها استعمال الاسم الحقيقي ، وفعلا لقد فعلت خيرا في نفسها، وفي الكتاب الأعضاء الذين يحترمون أنفسهم ويقدرون مسؤوليتهم، أقول هذا و أنا أعي أن المرأة الكاتبة قد تجد التحرج او بعض التحرج في استعمال اسمها الصريح لاعتبارات اجتماعية في مجتمع يتوق إلى الانعتاق من موروثات عفّى عليها الزمان.
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد:
مجموعة تلجرام >>
t.me/alarabemergency
للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >>
bit.ly/3AG8ibK
تابع كل العرب عبر انستجرام >>
t.me/alarabemergency