في هذه الحلقة من الفكاهة الساخرة في العين الساهرة سنخرج عن نطاق مواضيع الشجارات ومشاكلنا الاجتماعية إلى موضوع عمليات التجميل على أن نعود إلى مشاكلنا الاجتماعية في الحلقات القادمة.
التجميل وعمليات التجميل في عصرنا الحاضر تحتل مكانة ومساحة واسعة في مجال الاقتصاد والتجارة والأعلام والإعلان. كل امرأة تريد أن تكون هي الأجمل وتريد أن تسمع كلمة "أنتِ" عندما تسأل مرآتها " يا مرايتي يا مرايتي مين الأجمل؟".
الصورة القلمية الخيالية والساخرة التالية تعبر عن ذالك.
في عصر عمليات التجميل الحالية اتفق الشاعر نزار قباني والشاعر عمرو بن أبي ربيعه وهما اجمل من كتب في المرأة، اتفقا على البحث وإيجاد اجمل النساء في هذا العصر وتراهنَ الاثنان على أن كل واحد سيجدها أولا.
نزار: ماذا ستقولُ لها يا عمرْ
عمر: سأقول لها وأَرى جمالَكِ فوقَ كلِّ جميلةٍ وجمالُ وَجْهَكِ يخطفُ الأبصارَ
عمر: وأنت ماذا ستقولُ لها يا نزارْ
نزار: سأقول لها فإذا وَقفتُ أمامَ حُسنُكِ صامتاً فالصمتُ في حرمِ الجمالِ جمالُ
جالَ الاثنان في المدينة وكل واحد اخذَ طريقَهُ فيها.
بعد أسبوع التقيا ودارت بينهما هذه المساجلة الشعرية
عمر: لقد رأيتُ في نساءِ اليومِ العَجَبْ
نزار: وأنا تَحْسَبُني في شعبانَ ونحنُ في رَجَبْ
عمر: خبِّرْني يا نزار ماذا وجدتَّ؟
نزار: في الأنوفِ حلَقاتْ وفي العيونِ عدَساتْ
عمر: وأنا وجدْتُ الأسنانَ مزروعة والشفاه منفوخة
نزار: الحواجبُ منتوفة وبالوشم مخطوفة
عمر: قل أين الشعورْ وأين الفَرْعاءْ كُلُّهُنَّ إمَّا خُصَلٌ اوْ باروكاتْ
نزار: آه يا عمر حدِّث عن النُّهودِ وَجودْ
فالبوتُكْسْ عَبَرَ الحدودْ
وامتلأتْ الشفاهُ والأفواهُ والرِّقابُ والخُدودْ
الأظافرْ اصطناعية والضَفائر المعلَّقة من الهندِ والهنودْ
أسخرُ من نفسي حينَ أقولُ وأَجودْ
مَنْ حاولَ فكَّ ضفائرِها يا ولدي مفقودٌ مفقودٌ مفقودْ
عمر: أمَّا أنا ففي المطاعمِ وَجَدْتُ الوَهْنانات
وعلى البحرِ وَجَدْتُّ الخَدْبَجات
وفي السوقِ رَأيْتُ الرَّبْحَلاتْ والسَّبْحلاتْ
التقيْتُ بواحدةٍ حَسِبْتًها كَهندٍ تَتَمَنَّعُ وقدْ قُلْتُ في شِعْري:
وقدْ كنتُ قلتُ لهندٍ متى ميعادُنا ضحكتْ فقالت بعدَ غدْ
أما تلك التي لقيتها فتقول: بالفندقِ اليوم َيا عمرْ وبالبيتِ بعدَ غدْ !
وفجأة سمع الاثنان صوت الشاعر جرير من بعيد يقول: سأصحح بيت شعري وأقول:
إن العيون التي في طَرْفِها حَوَلٌ قتلْنَنا ثم لم يُحْيينَ قَتْلانا
ومِن بعيدٍ أتى ابن الجوزية مهرولاً ليقولْ كنتُ قدْ قُلْتْ:
يُعيبونَها عندي بشَقْرَةِ شَعْرِها
فقلْتُ لَهُمْ هذا الذي زانَها عِندي
أما اليومْ فما عادَ لِوِزْري من جَلَلْ
فرأيْتُ العجبَ العُجابْ فَكُلُّهُنَ مُشَقِّراتٍ او متَشقِّرات !
واتفق الجميع على العودة كل إلى عصره لأنه هناك يكمن الجمال الحقيقي!
وتوته توته خلصت الحدوته
سهام فاهوم غنيم- باحثة اجتماعية
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com