لم يهنئ عدد من زعماء العالم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، بعد فوزه في الانتخابات التي حسمت السباق إلى البيت الأبيض مؤخرا، منهيا حقبة دونالد ترامب. ومن بين أبرز الزعماء الذين لم يهنئوا بايدن بعد، رؤساء روسيا فلاديمير بوتن، والصين شي جين بينغ، وتركيا رجب طيب أردوغان، والبرازيل جاير بولسونارو، والمكسيك أندريس مانويل لوبيز أوبرادور.
وحسب شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، فإن "صمت" هؤلاء الرؤساء حتى اللحظة "يبوح بالكثير"، الأمر الذي قد ينعكس على علاقتهم مع بايدن مستقبلا.
في عام 2016، هنأ الكرملين ترامب بالفوز بالرئاسة بعد ساعات من إعلان نتائج الانتخابات، لكن الرئيس الروسي لم يوجه نفس الرسالة إلى بايدن.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، يوم الاثنين، إن موسكو ستنتظر نتائج الانتخابات الرسمية قبل التعليق على النتيجة الحالية. وخلال فترة رئاسته، خالف ترامب السياسة الأميركية القائمة منذ فترة طويلة مع روسيا، من خلال مدحه المتكرر لبوتن، مما أثار الشكوك حول سماح حملته بالتدخل الروسي في الانتخابات التي أوصلته إلى سدة الحكم عام 2016.
ومن هنا لا يمكن توقع نفس العلاقة الحميمة بين بوتن وبايدن، الذي تعهد بالتعامل مع التدخل الأجنبي في شؤون بلاده على أنه "عمل عدائي". وفي أواخر أكتوبر الماضي، وصف بايدن روسيا بأنها "التهديد الرئيسي" للأمن القومي الأميركي، وذلك خلال مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" على شبكة "سي بي إس" الأميركية.
ورد المتحدث باسم الكرملين بيسكوف على تصريح بايدن، بالقول إن "روسيا لا توافق عليها"، وإن "مثل هذا الخطاب أدى إلى تضخيم الكراهية تجاه الاتحاد الروسي".
رغم خطابه الحاد كمرشح للرئاسة عام 2016، تلقى الرئيس المنتخب آنذاك ترامب التهنئة على فوزه من الرئيس شي جين بينغ، الذي دعا إلى المضي قدما في علاقة صينية أميركية "سليمة" و"مستقرة".
وبينما أقام ترامب وشي لفترة وجيزة صداقة غير متوقعة، تدهورت العلاقات بين البلدين وسط انقسامات شديدة حول التجارة والتكنولوجيا وحقوق الإنسان واتهامات بالتوسع الصيني، وأخيرا جائحة كورونا.
وتجنب متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الاثنين، الأسئلة حول موعد تهنئة بايدن بفوزه في الانتخابات، حيث قال إن الصين ستتصرف "وفقا للممارسات الدولية".
وليس من الصعب معرفة سبب تردد بكين في تهنئة بايدن، فقد تفاخر بايدن بقدرته على مواجهة الصين على عكس ترامب، وشجب "احتضان" ترامب للرئيس الصيني في بداية عهده.
كما أن بكين ترى أنها غير مضطرة لتقديم تنازلات جديدة للولايات المتحدة في ظل إدارة جديدة، وفقا لـ"سي إن إن". أشاد ترامب بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ظل تعامله الخشن مع معارضيه، خصوصا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016.
كما امتدح ترامب فوز أردوغان المثير للجدل في الاستفتاء على الدستور، الذي حصل الرئيس بموجبه على سلطات تنفيذية أوسع أحكمت قبضته على البلاد.
وباختصار، مع تولي ترامب منصبه، حصل أردوغان على تفويض مطلق إلى حد كبير ليفعل ما يريد، لكن القصة ستكون مختلفة تماما مع بايدن، الذي لم يعترف به أردوغان بعد رئيسا منتخبا للولايات المتحدة.
وفي حديثه العام الماضي في حلقة خاصة من برنامج "ذي ويكلي" الإخباري، قال بايدن إنه "قلق" بشأن تركيا"، وسيتخذ "نهجا مختلفا تماما" للعلاقات معها، بما في ذلك دعم قيادة المعارضة والأكراد.
وأغضب أردوغان حلف شمال الأطلسي بشراء أسلحة روسية، الأمر الذي دفع بايدن للقول إن على أردوغان "دفع ثمن" لهذه الإجراءات، بما في ذلك ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستمر في بيع الأسلحة له.
الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، المعروف غالبا باسم "ترامب المناطق الاستوائية" بسبب اشتراكه في بعض الصفات مع الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، التزم الصمت بشأن خسارة ترامب.
وكان بولسونارو وأولاده، الذين يلعبون دورا نشطا في السياسة، متفائلين بشأن إعادة انتخاب ترامب لولاية رئاسية ثانية.
وقد شكك نجله، عضو الكونغرس إدواردو بولسونارو، الذي ارتدى قبعة "ترامب 2020" في رحلة إلى واشنطن مبعوثا لوالده، في الأصوات التي حصل عليهل بايدن وفي نزاهة الانتخابات الأميركية، وذلك من خلال تغريدات على حسابه في "تويتر" الأسبوع الماضي.
ومع رحيل ترامب، يفقد بولسونارو حليفا دبلوماسيا مهما، ويجد نفسه في مواجهة رئيس أميركي مهتم بقضايا حقوق الإنسان، وبأزمة كورونا، التي لطالما أنكرها الرئيس البرازيلي حتى أصابه الفيروس.
أدلى الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور ببيان تمت صياغته بعناية بشأن الانتخابات الأميركية، إذ لم يخاطب بايدن باعتباره الفائز، وقال بدلا من ذلك إنه "بحاجة للانتظار حتى انتهاء الطعون القانونية في فرز الأصوات".
وأضاف في البيان الذي صدر السبت: "سننتظر حل جميع القضايا القانونية. لا نريد أن نكون طائشين أو نتصرف باستخفاف. نريد أن نحترم حق تقرير المصير للشعب".
وأقام لوبيز أوبرادور علاقة وثيقة مع الرئيس الأميركي على مدى السنوات القليلة الماضية، والتقى الرجلان في يوليو للاحتفال بتنفيذ اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
وقد يرجع إحجام لوبيز أوبرادور عن تهنئة بايدن إلى صداقته مع ترامب، كما يمكن تفسير هذه الخطوة على أنها استمرار في نهج السياسة الخارجية للمكسيك المتمثل في تجنب التعليق على شؤون الدول الأخرى.