جاء في مقال ياعيل معيان:
من المتوقع زيادة عدد الطلاب العرب الذين سيتركون دراستهم خلال العام الدراسي القريب
يجب زيادة الاستثمار في مرافقة الطلاب خلال سنواتهم الدراسية الأولى في الاكاديمية من أجل تقليص نسبة ظاهرة التسرب وعمل كل ما هو مطلوب من أجل المحافظة على الطلاب العرب في جهاز التعليم العالي
استعدت المؤسسات التعليمية خلال أشهر الصيف لمواجهة تحديات التعليم في ظل وباء الكورونا، ولكن يبدو بأنه لم يكن هنالك اهتمام خاص بالأضرار طويلة الأمد التي قد تمّس بالمجتمع الإسرائيلي. ظاهرة مقلقة بشكل خاص هي التأثير على فئة الطلاب العرب، والتي قد تستصعب الاستمرار في التعليم بسبب هذه الجائحة.
في السنوات الأخيرة، وبتشجيع من مجلس التعليم العالي والتغييرات التي أحدثتها المؤسسات في برامج دعم الطلاب العرب، برز موضوع ارتفاع دمج الطلاب العرب في الأكاديمية. في العام الدراسي الأخير درس أكثر من 50 ألف طالب وطالبة عرب في مؤسسات التعليم العالي في البلاد، وتخطوا الحواجز في الطريق للتعليم الأكاديمي. هذا التغيير مهم وايجابي في المجتمع، يؤثر على سوق العمل ويتيح اندماج المجتمع العربي وتقليص الفجوات.
تهدد أزمة الكورونا وتأثيرها على طريقة التعليم كذلك على التغييرات الإيجابية التي حصلت. ومع انطلاق الموجة الأولى صرّح مُرّكزي المجتمع العربي في المؤسسات التعليمية عن المشاكل العديدة التي يواجهها الطلاب العرب والتي أدت من البداية بالعديد منهم لترك مقاعد الدراسة.
لقد كان الطلاب العرب دائماً عرضة لترك الدراسة بنسبة أعلى من الطلاب اليهود، مع ان هذه الظاهرة كانت في انخفاض خلال السنوات الأخيرة. حيث ان 21% من الطلاب العرب و 11% من الطالبات العربيات تركوا الدراسة في السنة الدراسية الأولى خلال العام 2009، وانخفضت هذه النسبة في العام 2016 لتصبح 14% عند الطلاب العرب و 6% فقط عند الطالبات العربيات. وفق بحث أجراه مكتب الاقتصاد الرئيسي في وزارة المالية، فان الانخفاض يعود الى الخطة الخماسية لتوسيع منالية التعليم العالي للمجتمع العربي، والتي استثمر بها 91 مليون شاقل خلال العام 2018 فقط. وهذا الاتجاه قد يتغير.
المشاكل التي تواجه الطلاب العرب ليست خاصة بهم، ولكنهم يعانون منها بشكل خاص. فالمجتمع العربي هو الأكثر فقراً ويعاني أكثر من التأثيرات الاقتصادية للكورونا. كما ويعاني الطلاب العرب من فقدان أماكن مصدر رزقهم، وبذلك يضطرون الى ترك الدراسة.
كما وان التعلم عن بعد ليس سهلاً على الطلاب، وهذا الامر مضاعف عند الطلاب العرب. إذ يعاني الطلاب العرب بشكل خاص من مشاكل البنى التحتية لشبكة الانترنت، ونقص في الحواسيب وأماكن للدراسة في البيوت. إضافة الى أن التعليم عن بعد يسبب صعوبة زائدة في فهم مادة الدراسة.
الطلاب والمحاضرين لا يلتقون وجهاً لوجه في هذه الفترة – مما يؤدي بالمحاضرين بمتابعة وضع الطلاب بالأضافه الى أن عميد شؤون الطلبة لا يمكنه تقديم الدعم عن بعد. طالب جامعي من النقب لخّص الوضع في جملة واحدة – "نواجه صعوبة في التعلم عن قرب – فكيف اذاً بالتعلم عن بُعد؟"
لذلك، من المتوقع زيادة عدد الطلاب العرب الذين سيتركون دراستهم خلال العام الدراسي القريب. وفق استطلاع أجراه معهد جيئوكارتوغرافية في شهر حزيران هذا العام لصندوق "ادموند روتشيلد"، فأن ثلث الطلاب العرب يفكرون في ترك الدراسة او انهم قرروا عدم مواصلة التعليم، مقارنة مع 84% من كافة الطلاب الذين أبدوا استعداداً لمواصلة تعليمهم او انهاء العام الدراسي.
في حال عدم عمل أي شيء في هذا الصدد، فأن النجاح الكبير في دمج الطلاب العرب خلال العقد الأخير، سيتوقف وقد نرى تراجع. لذلك، وبالذات الان، يجب زيادة الاستثمار في مرافقة الطلاب خلال سنواتهم الدراسية الأولى في الاكاديمية من أجل تقليص نسبة ظاهرة التسرب وعمل كل ما هو مطلوب من أجل المحافظة على الطلاب العرب في جهاز التعليم العالي. فهذا مصلحة لجميعنا: اذا غاب الطلاب العرب من الاكاديمية، كل المجتمع الإسرائيلي سيخسر رأس المال البشري المهم.
* الكاتبة هي مديرة مجال التربية في مبادرات ابراهيم
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com